وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كراء الأرض البيضاء .
قال الشافعي : وإذا اكترى الرجل من الرجل الأرض أو الدار كراء صحيحا بشيء معلوم سنة أو أكثر ثم قبض المكتري ما اكترى فالكراء له لازم فيدفعه حين يقبضه إلا أن يشترطه إلى أجل فيكون إلى أجله فإن سلم له ما اكترى فقد استوفى وإن تلف رجع بما قبض منه من الكراء كله فيما لم يستوف فإن قال قائل : فكيف يجوز أن يكون يدفع إليه الكراء كله ولعل الدار أن تتلف أو الأرض قبل أن يستوفي ؟ قيل : لا أعلم يجوز غير هذا من أن تكون الدار التي ملك منفعتها مدفوعة إليه فيستوفي المنفعة في المدة التي شرطت له وأولى الناس أن يقول بهذا : من زعم أن الجائحة موضوعة وقد دفع البائع الثمرة إلى المشتري ولو شاء المشتري أن يقطعها كلها قطعها فلما كان المشتري إذا تركها إلى أوان يرجو أن تكون خيرا له فتلف رجع بحصة ما تلف كان في الدار التي لا يقدر على قبض منفعتها إلا في مدة تأتي عليها أولى أن يجعل الثمن للمكري حالا كما يجعله للثمرة إلا أن يشترطه إلى أجل فإن قال قائل : من قال هذا ؟ قيل له : عطاء بن أبي رباح وغيره من المكيين فإن قال : فما حجتك على من قال من المشرقيين : إذا تشارطا فهو على شرطهما وإن لم يتشارطا فكلما مر عليه يوم له حصة من الكراء كان عليه أن يدفع كراء يومه ؟ قيل له : من قال هذا لزمه في أصل قوله أن يجيز الدين بالدين إذا لم يقل كما قلنا : إن الكراء يلزم بدفع الدار لأنه لا يوجد في هذا أبدا دفع غيره وقال : المنفعة تأتي يوما بعد يوم فلا أجعل دفع الدار يكون في حكم دفع المنفعة قيل : فالمنفعة دين لم يأت والمال دين لم يأت وهذا الدين بالدين وسواء كانت أرض نيل أو غيرها أو أرض مطر ( قال ) : وإذا تكارى الرجل المسلم من الذمي أرض عشر أو خراج فعليه فيما أخرجت من الزرع الصدقة فإن قال قائل : فما الحجة في هذا ؟ قيل : لما أخذ النبي A الصدقة من قوم كانوا يملكون أرضهم من المسلمين وهذه أرض من زرعها من المسلمين فإنما زرع ما لا يملك من الأرض وما كان أصله فيئا أو غنيمة فإن الله جل ذكره خاطب المؤمنين بأن قال لنبيه A : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } وخاطبهم بأن قال : { وآتوا حقه يوم حصاده } فلما كان الزرع مالا من مال المسلم والحصاد حصاد مسلم تجب فيه الزكاة وجب عليه ما كان لا يملك رقبة الأرض فإن قال : فهل من شيء توضحه غير هذا ؟ قيل : نعم الرجل يتكارى من الرجل الأرض أو يمنحه إياها فيكون عليه في زرعها الصدقة كما يكون عليه لو زرع أرض نفسه فإن قال : فهذه لمالك معروف قيل : فكذلك يتكارى في الأرض الموقوفة على أبناء السبيل وغيرهم ممن لا يعرف بعينه وإنما يعرف بصفته فيكون عليه في زرعها الصدقة فإن قال : هذا هكذا ولكن أصل هذه لمسلم أو لمسلمين وأصل تلك لمشرك قيل : لو كانت لمشرك ما حل لنا إلا بطيب نفسه ولكنها لما كانت عنوة أو صلحا كانت مالا للمسلمين كما تغنم أموالهم من الذهب والفضة فيكون علينا فيها الصدقة كما يكون علينا فيما ورثنا من آبائنا لأن ملكهم قد انقطع عنهم فصار لنا وكذلك الأرض فإن قال قائل : فهي لقوم غير معروفين قيل : هي لقوم معروفين بالصفة من المسلمين وإن لم يكونوا معروفين بأعيانهم كما تكون الأرض الموقوفة لقوم موصوفين فإن قال : فالخراج يؤخذ منها قيل : لولا أن الخراج كراء ككراء الأرض الموقوفة وكراء الأرض للرجل حرم على المسلم أن يؤدي خراجا وعلى الأخذ منه أن يأخذ منها خراجا ولكنه إنما هو كراء ألا ترى أن الرجل يكتري الأرض بالشيء الكثير فلا يحسب عليه ولا له فيخفف عنه من صدقتها شيء لما أدى من كرائها ؟ قال الشافعي : فإذا ابتاع الرجل من الرجل عبدا فتصادقا على البيع والقبض واختلفا في الثمن والعبد قائم تحالفا وترادا فإن كان العبد تالفا تحالفا وترادا قيمة العبد وإذا كان قائما وهما يتصادقان في البيع ويختلفان في الثمن رد العبد بعينه فكل ما كان على إنسان أن يرده بعينه ففات رده بقيمته لأن القيمة تقوم مقام العين إذا فاتت العين فإن كان هذا في كل شيء فما أخرج هذا من تلك الأشياء ؟ لا يجوز أن يفرق بين المجتمع في المعنى إلا بخبر يلزم وهكذا في الدور والأرضين إذا اختلفا قبل أن يسكن أو يزرع تحالفا وترادا فإذا اختلفا بعد الزرع والسكن تحالفا وترادا قيمة الكراء وإن سكن بعضا رد قيمة ما سكن وفسخ الكراء فيما لم يسكن وإن تكارى أرضا لزرع فزرعها وبقي له سنة أو أكثر تحالفا وتفاسخا فيما بقي ورد كراء مثلها فيما زرع قال : وإذا اكترى الرجل من الرجل الدابة بعشرة تصادقا على الكراء ومبلغه واختلفا في الموضع الذي تكارى إليه فقال المكتري : اكتريتها إلى المدينة بعشرة وقال المكري : اكتريتها بعشرة إلى أيلة فإن لم يكن ركب الدابة تحالفا وترادا وإن كان ركبها تحالفا وكان لرب الدابة كراء مثلها إلى الموضع الذي ركبها إليه وفسخ الكراء في ذلك الموضع لأن كليهما مدع ومدعى عليه لأن الكراء بيع من البيوع وهذا مثل معنى قولنا في البيوع وإذا استأجر الرجل من الرجل الأرض ليزرعها فغرقت كلها قبل الزرع رجع بالإجارة لأن المنفعة لم تسلم له وهي مثل الدار تنهدم قبل السكنى فإن غرق بعضها فهذا نقص دخل عليه فيما اكترى وله الخيار بين : حبسها بالكراء أو ردها لأنه لم يسلم له ما اكترى كما اكترى كما يكون له في الدار لو انهدم بعضها أن يحبس ما بقي بحصته من الكراء كأن انهدم نصفها فأراد أن يقيم في نصفها الباقي بنصف الكراء فذلك له لأنه نقص دخله عليه فرضي بالنقص وإن شاء أن يخرج ويفسخ الكراء كان ذلك له إذا كان بعض ما بقي من الدار والأرض ليس مثل ما ذهب قال الشافعي : وكذلك لو اشترى مائة أردب طعاما فلم يستوفها حتى تلف نصفها في يدي البائع كان له - إن شاء - أن يأخذ النصف بنصف الثمن ( قال الربيع ) : الطعام عندي خلاف الدار ينهدم بعضها لأن الطعام شيء واحد والدار لا يكون بعضها مثل بعض سواء مثل الطعام قال الشافعي : وأصل هذا أن ينظر إلى البيعة فإذا وقعت على شيء يتبعض ويجوز أن يقبض بعضه دون بعض فتلف بعضه قلت فيه : هكذا وإن وقعت على شيء لا يتبعض مثل : عبد اشتريته فلم تقبضه حتى حدث به عيب كنت فيه بالخيار : بين أخذه بجميع الثمن أو رده لأنه لم يسلم لك فتقبضه غير معيب فإن قال قائل : ما فرق بين هذين ؟ قيل : لا يكون العبد يتبعض من العيب ولا العيب يتبعض من العبد فقد يكون المسكن متبعضا من المسكن من الدار والأرض وكذلك إذا تكارى الرجل من الرجل الأرض عشر سنين بمائة دينار لم يجز حتى يسمي لكل سنة شيئا معلوما : وإذا اكترى الرجل من الرجل أرضه أو داره فقال : أكتريها منك كل سنة بدينار أو أكثر ولم يسم السنة التي يكتريها ولا السنة التي ينقطع إليها الكراء فالكراء فاسد لا يجوز إلا على أمر يعرفه المكري والمكتري كما لا تجوز البيوع إلا على ما يعرف وهذا كلام يحتمل أن يكون الكراء فيه ينقضي إلى مائة سنة أو أكثر أو أقل ويحتمل أن يكون سنة ويحتمل أقل من سنة فكان هذا كراء مجهولا يفسخه قبل السكنى فإن فات فيه السكنى جعلنا فيه على المكتري أجر مثله كان أكثر مما وقع به الكراء أو أقل إذا أبطلنا أصل العقد فيه وصيرناه قيمة لم نجعل الباطل دليلا على الحق قال الشافعي : فإذا زرع الرجل أرض رجل فادعى أن رب الأرض أكراه أو أعاره إياها وجحد رب الأرض فالقول قول رب الأرض مع يمينه ويقلع الزارع في زرعه وعلى الزارع كراء مثل أرضه إلى يوم يقلع زرعه قال الشافعي : وسواء كان ذلك في إبان الزرع أو في غير إبانه إذا كان زارع الأرض المدعي للكراء حبسها عن مالكها فإنما أحكم عليه حكم الغاصب وإذا تكارى الرجل من الرجل أرضا فيها زرع لغيره لا يستطيع إخراجه منها إلى أن يحصده فالكراء مفسوخ لا يجوز حتى يكون المكتري يرى الأرض لا حائل دونها من الزرع ويقبضها لا حائل دونها من الزارعين لأنا نجعله بيعا من البيوع فلا يجوز أن يبيع لرجل عينا لا يقدر المبتاع على قبضها حين تجب له ويدفع الثمن ولا أن نجعل على المبتاع والمكتري الثمن ولعل المكتري أن يتلف قبل أن يقبضه ولا يجوز أن نقول له الثمن دين إلى أن يقبض فذلك دين بدين قال الشافعي : ولا بأس بالسلف في الأرض والدار قبل أن يكتريهما ويقبضهما ولكن يكتري الأرض والدار ويقبضهما مكانهما لا حائل بينهما ومتى حدث على واحد منهما حادث يمنع من منفعته رجع المكتري بحصته من الكراء من يوم حدث الحادث وهكذا العبد وجميع الإجارات وليس هذا بيع وسلف إنما البيع والسلف أن تنعقد العقدة على إيجاب بيع وسلف بين المتبايعين فيكون الثمن غير معلوم من قبل أن للمبيع حصة من السلف في أصل ثمنه لا تعرف لأن السلف غير مملوك قال الشافعي : وكل ما جاز لك أن تشتريه على الانفراد جاز لك أن تكتريه على الانفراد والكراء بيع من البيوع وكل ما لم يجز لك أن تشتريه على الانفراد لم يجز لك أن تكتريه على الانفراد ولو أن رجلا اكترى من رجل أرضا بيضاء ليزرعها شجرا قائما على أن له الشجر وأرضه كان في الشجر ثمر بالغ أو غض أو لم يكن فيه كان هذا كراء جائزا كما يكون بيعا جائزا ( قال الربيع ) : يريد أن لصاحب الأرض البيضاء الشجر وأرض الشجر قال الشافعي : ولو تكارى الأرض بالثمرة دون الأرض والشجر فإن كانت الثمرة قد حل بيعها جاز الكراء بها وإن كانت لم يحل بيعها لم يحل الكراء بها قال الله تبارك وتعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } وقال D : { ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا } فكانت الآيتان مطلقتين على إحلال البيع كله إلا أن تكون دلالة من رسول الله A أو في إجماع المسلمين الذين لا يمكن أن يجهلوا معنى ما أراد الله : تخص تحريم بيع دون بيع فنصير إلى قول النبي A فيه لأنه المبين عن الله D معنى ما أراد الله خاصا وعاما ووجدنا الدلالة عن النبي A بتحريم شيئين : أحدهما التفاضل في النقد والآخر النسيئة كلها وذلك أنه يحرم الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد وكذلك الفضة وكذلك أصناف من الطعام : الحنطة والشعير والتمر والملح فحرم في هذا كله معنيان : التفاضل في الجنس الواحد وأباح التفاضل في الجنسين المختلفين وحرم فيه كله النسيئة فقلنا : الذهب والورق هكذا لأن نصه في الخبر وقلنا : كل ما كان مأكولا ومشروبا هكذا لأنه في معنى ما نص في الخبر وما سوى هذا فعلى أصل الآيتين من إحلال الله البيع حلال كله بالتفاضل في بعضه على بعض يدا بيد ونسيئة فكانت لها بهذا دلائل مع ما وصفنا منها : أن النبي A ابتاع عبدا بعبدين وأجاز ذلك علي بن أبي طالب وابن المسيب وابن عمر وغيرهم Bهم ولو لم يكن فيه هذا الخبر ما جاز فيه إلا هذا القول على هذا المعنى أو قول ثان وهو : أن يقال إذا كان الشيئان من صنف واحد فلا يجوز إلا أن يكونا سواء بسواء وعينا بعين ومثلا بمثل كما يكون الذهب بالذهب وإذا اختلفا فلا بأس بالتفاضل يدا بيد ولا خير فيه نسيئة كما يكون الذهب بالورق والتمر بالحنطة ثم لم يجز أن يباع بعير ببعيرين يدا بيد من قبل أنهما من صنف واحد وإن اختلفت رحلتهما ونجابتهما وإذا لم يجز يدا بيد كانت النسيئة أولى أن لا تجوز فإن قال قائل : قد يختلفان في الرحلة وكذلك التمر قد يختلف في الحلاوة والجودة حتى يكون المد من البردي خيرا من المدين من غيره ولا يجوز إلا مثل بمثل ويدا بيد لأنهما تمران يجمعان معا على صاحبهما في الصدقة لأنهما جنس وكذلك البعيران جنس يجتمعان على صاحبهما في الصدقة وكذلك الذهب منه ما يكون المثقال ثمن ثلاثين درهما لجودته ومنه ما يكون المثقال بشيء أقل منه بكثير لتفاضلهما ولا يجوز وإن تفاضلا أن يباعا إلا مثلا بمثل يدا بيد ويجمعان على صاحبهما في الصدقة فإما أن تجري الأشياء كلها قياسا عليه وإما أن يفرق بينها وبينه كما قلنا وبالدلائل التي وصفنا وبأن المسلمين أجمعوا على أن الذهب والورق يسلمان فيما سواهما بخلاف ما سواهما فيهما فأما أن يتحكم المتحكم فيقول : مرة في شيء من الجنس لا يجوز الفضل في بعضه على بعض قياسا على هذا ثم يقول مرة أخرى : ليس هو من هذا فإن كان هذا جائزا لأحد جاز لكل امرئ أن يقول ما خطر على قلبه وإن لم يكن من أهل العلم لأن الخاطر لا يعدو أن يوافق أثرا أو يخالفه أو قياسا أو يخالفه فإذا جاز لأحد الأخذ بالأثر وتركه والأخذ بالقياس وتركه لم يكن ههنا معنى إلا أن يقول امرؤ بما شاء وهذا محرم على الناس قال الشافعي : الإجارة كما وصفت بيعا من البيوع فلا بأس أن تستأجر العبد سنة بخمسة دنانير فتجعل الدنانير أو تكون إلى سنة أو سنتين أو عشر سنين فلا بأس إن كانت عليك خمسة دنانير حالة أن تؤاجر بها عبدا لك من رب الدنانير إذا قبض العبد وليس من هذا شيء دينا بدين الحكم في المستأجر أن يدفع إلى المستأجر له نقدا غير أن صاحبه يستوفي الإجارة في مدة تأتي ولولا أن الحكم فيه هكذا ما جازت الإجارة بدين أبدا من قبل : أن هذا دين بدين ولا عرفت لها وجها تجوز فيه وذلك أني إن قلت : لا تجب الإجارة إلا باستيفاء المستأجر من المنفعة ما يكون له حصة من الثمن كانت الإجارة منعقدة والمنفعة دين فكان هذا دينا بدين ولو قلت : يجوز أن أستأجر منك عبدك بعشرة دنانير شهرا فإذا مضى الشهر دفعت إليك العشرة كانت العشرة دينا وكانت المنفعة دينا فكان هذا دينا بدين ولو قلت : أدفع إليك عشرة وأقبض العبد يخدمني شهرا كان هذا سلفا في شيء غير موصوف وسلفا غير مضمون على صاحبه وكان هذا في هذه المعاني كلها إبطال الإجارات وقد أجازها الله تعالى وأجازتها السنة وأجازها المسلمون وقد كتبنا تثبيت إجازتها في كتاب الإجارات ولولا أن ما قلت كما قلت : إن دفع المستأجر من دار وعبد إلى المستأجر دفع العين التي فيها المنفعة فيحل في الإجارة النقد والتأخير لأن هذا نقد بنقد ونقد بدين ما جازت الإجارات بحال أبدا فإن قال قائل : فهي لا يقدر على المنفعة فيها إلا في مدة تأتي قلنا : قد عقلنا أن الإجارات منذ كانت هكذا فإن حكمها حكم الطعام يبتاع كيلا فتشرع في كيله فلا تأخذ منه ثانيا أبدا إلا بعد بادئ وكذلك أنه لا يمكنك فيه غير هذا وكذلك السكنى والخدمة لا يمكن فيهما أبدا غير هذا فأما من قال ممن أجاز الإجارات : يجوز أن يستأجر العبد شهرا بدينار أو شهرين أو ثلاثة ثم قال : ولا يجوز أن يكون لي عليك دينار فاستأجره منك به لأن هذا دين بدين فالذي أجاز هو الدين بالدين إذا كانت الإجارة دينا لا شك والذي أبطل هو الذي ينبغي أن يجيز من قبل : أنه يجوز لي أن يكون لي عليك دينار فآخذ به منك دراهم ويكون كينونته عليك كقبضك إياه من يدي ولا يجوز أن يعطيك دراهم بدينار مؤجل ويزعم هنا في الصرف أنه نقد ويزعم في الإجارة أنه دين فلا بد أن يكون الحكم أنه نقد فيهما جميعا أو دين فيهما جميعا فإن جاز هذا جاز لغيره أن يجعله نقدا حيث جعله دينا ودينا حيث جعله نقدا قال الشافعي : البيوع الصحيحة صنفان : بيع عين يراها المشتري والبائع وبيع صفة مضمونة على البائع وبيع ثالث : وهو الرجل يبيع السلعة بعينها غائبة عن البائع والمشتري غير مضمونة على البائع إن سلمت السلعة حتى يراها المشتري كان فيها بالخيار : باعه إياها على صفة وكانت على تلك الصفة التي باعه إياها أو مخالفة لتلك الصفة لأن بيع الصفات التي تلزم المشتري ما كان مضمونا على صاحبه ولا يتم البيع في هذا حتى يرى المشتري السلعة فيرضاها ويتفرقان بعد البيع من مقامهما الذي رآها فيه فحينئذ يتم البيع ويجب عليه الثمن كما يجب عليه الثمن في سلعة حاضرة اشتراها حتى يتفرقا بعد البيع عن تراض فيلزمهما ولا يجوز أن تباع هذه السلعة بعينها إلى أجل من الآجال قريب ولا بعيد من قبل أنه إنما يلزم بالأجل ويجوز فيما حل لصاحبه وأخذه مشتريه ولزمه بكل وجه فأما بيع لم يلزم فلا يجوز أن يكون إلى أجل وكيف يكون على المشتري دين إلى أجل ولم يتم له بيع ولم يره ولم يرضه ؟ فإن تطوع فنقد فيه على أنه إن رضي كان نقد الثمن وإن سخط رجع بالثمن لم يكن بهذا بأس وليس هذا من بيع وسلف ولا أن أسلفك في الطعام إلى أجل فآخذ منك بعد مجيء الأجل بعض طعام وبعض رأس مال فإن ذهب ذاهب إلى أن هذين أو أحدهما أو ما كان في مثل معناهما أو معنى واحد منهما من : بيع وسلف فليس هذا من ذلك بسبيل ألا ترى أن معقولا لا شك فيه في الحديث إذا كان إنما نهى عن بيع وسلف فإنما نهى أن يجمعا ونهيه أن يجمعا معقول ؟ وذلك أن الأثمان لا تحل إلا معلومة فإذا اشتريت شيئا بعشرة على أن أسلفك عشرة أو تسلفني عشرة فهذا بيع وسلف لأن الصفقة جمعتهما معلوم السلف غير مملوك للمستسلف فله حصة من الثمن غير معلومة أو لا ترى بأن لا بأس بأن أبيعك على حدة ؟ وأسلفك على حدة ؟ إنما النهي أن يكونا بالشرط مجموعين في صفقة فأما إذا أعطيتك عشرة دنانير على مائة فرق إلى أجل فحلت فإنما لي عليك المائة فإن أخذتها كلها فهي مالي وإن أخذت بعضها فهي بعض مالي وأقيلك فيما بقي منها بإحداث شيء لم يكن علي ولم يكن في أصل عقد البيع فيحرم به البيع وإذا جاز أن أقيلك منها كلها فيكون هذا إحداث إقالة لم تكن علي جاز هذا في بعضها ( قال الربيع ) : قال الشافعي : البيع بيعان لا ثالث لهما : أحدهما : بيع عين يراها البائع والمشتري عند تبايعهما وبيع مضمون بصفة معلومة وكيل معلوم وأجل معلوم والموضع الذي يقبض فيه ( قال الربيع ) : وقد كان الشافعي يجيز بيع السلعة بعينها غائبة بصفة ثم قال : لا يجوز من قبل : أنها قد تتلف فلا يكون يتم البيع فيها فلما كانت مرة تسلم فيتم البيع ومرة تعطب فلا يتم البيع كان هذا مفسوخا