وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كراء الأرض البيضاء .
( أخبرنا الربيع ) قال : قال الشافعي : ولا بأس بكراء الأرض البيضاء بالذهب والورق والعروض وقول سالم بن عبد الله : اكتر ورافع لم يخالفه : في أن الكراء بالذهب والورق لا بأس به إنما روي عن النبي A النهي عن كرائها ببعض ما يخرج منها ولا بأس أن يكري الرجل أرضه البيضاء بالتمر وبكل ثمرة يحل بيعها إلا أن من الناس من كره أن يكريها ببعض ما يخرج منها ومن قال هذا القول قال : إن زرعت حنطة كرهت كراءها بالحنطة لأنه نهى أن يكون كراؤها بالثلث والربع وقال غيره : كراؤها بالحنطة وإن كانت إلى أجل غير ما يخرج منها لأنها حنطة موصوفة لا يلزمه إذا جاء بها على صفة أن يعطيه مما يخرج من الأرض ولو جاءت الأرض بحنطة على غير صفتها لم يكن للمكتري أن يعطيه غير صفته وإذا تعجل المكري الأرض كراءها من الحنطة فلا بأس بذلك في القولين معا قال : ولا تكون المساقاة من الموز ولا القصب ولا يحل بيعهما إلى أجل لا يحل بيعهما إلا أن يريا القصب جزة والموز بجناه ولا يحل أن يباع ما لم يخلق منهما وإذا لم يحل أن يبيعهما مثل أن يكونا بصفة لم يحل أن يباع منهما ما لم يكن منهما بصفة ولا غير صفة لأنه في معنى ما كرهنا وأزيد منه لأنه لم يخلق قط ولا بأس أن يتكارى الرجل الأرض للزرع بحنطة أو ذرة أو غير ذلك مما تنبت الأرض أو لا تنبته مما يأكله بنو آدم أو لا يأكلونه مما تجوز به إجارة العبد والدار إذا قبض ذلك كله قبل دفع الأرض أو مع دفعها كل ما جازت به الإجارة في البيوت والرقيق جازت به الإجارة في الأرض قال : وإنما نهى رسول الله A عن المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض فيما روي عنه فأما ما أحاط العلم أني قد قبضته ودفعت الأرض إلى صاحبها فليس في معنى ما نهى النبي A عنه إنما معنى ما نهى النبي A عنه أن تكون الإجارة بشيء قد يكون الأشياء ويكون ألفا من الطعام ويكون إذا كان جيدا أو رديئا غير موصوف وهذا يفسد من وجهين : إذا كان إجارة من وجه أنه مجهول الكيل والإجارة لا تحل بهذا ومن وجه أنه مجهول الصفة ولو كان معروف الكيل وهو مجهول الصفة لم تحل الإجارة بهذا فأما ما فارق هذا المعنى فلا بأس به ولو شرط الإجارة إلى أجل ولم يسم لها أجلا ولم يتقابضا كانت الإجارة من طعام لا تنتبه الأرض أو غيره من نبات الأرض أو هو مما تنبت الأرض غير الطعام أو عرض أو ذهب أو فضة فلا بأس بالإجارة إذا قبض الأرض وإن لم يقبض الإجارة كانت إلى أجل أو غير أجل وإن شرطها بشيء من الطعام مكيل مما تخرجه الأرض كرهته احتياطا ولو وقع الأجر بهذا وكان طعاما موصوفا ما أفسدته من قبل أن الطعام مكيل معلوم الكيل موصوف معلوم الصفة وأنه لازم للمستأجر أخرجت الأرض شيئا أو لم تخرجه وقد تخرج الأرض طعاما بغير صفته فلا يلزم المستأجر أن يدفعه ويدفعه بالصفة فعلى هذا الباب وقياسه قال الشافعي : إذا تكارى الرجل الأرض ذات الماء من العين أو النهر نيل أو غير نيل أو الغيل أو الآبار على أن يزرعها غلة الشتاء والصيف فزرعها إحدى الغلتين والماء قائم ثم نضب الماء فذهب قبل الغلة الثانية فأراد رد الأرض بذهاب الماء فذلك له ويكون عليه من الكراء بحصة ما زرع إن كانت حصة الزرع الذي حصد الثلث أو النصف أو الثلثين أو أقل أو أكثر أدى ذلك وسقطت عنه حصة الزرع الثاني الذي انقطع الماء قبل أن يكون وهذا مثل الدار يكتريها فيسكنها بعض السنة ثم تنهدم في آخرها فيكون عليه حصة ما سكن وتبطل عنه حصة ما لم يقدر على سكنه فالماء إذا كان لا صلاح للزرع إلا به كالبناء الذي لا صلاح للمسكن إلا به وإذا تكارى من الرجل الأرض السنة على أن يزرعها ما شاء فزرعها وانقضت السنة وفيها زرع لم يبلغ أن يحصد فإن كانت السنة قد يمكنه فيها أن يزرع زرعا يحصد قبلها فالكراء جائز وليس لرب الزرع أن يثبت زرعه وعليه أن ينقله عن رب الأرض إلا أن يشاء رب الأرض تركه قرب ذلك أو بعد لا خلاف في ذلك وإن كان شرط أن يزرعها صنفا من الزرع يستحصد أو يستقصل قبل السنة فأخره إلى وقت من السنة وانقضت السنة قبل بلوغه فكذلك أيضا وإن تكاراها مدة هي أقل من سنة وشرط أن يزرعها شيئا بعينه ويتركه حتى يستحصد فكان يعلم أنه لا يمكنه أن يستحصد في مثل هذه المدة التي تكاراها إليها فالكراء فاسد من قبل : أني أثبت بينهما شرطهما ولو أثبت على رب الأرض أن يبقي زرعه فيها بعد انقطاع المدة أبطل شرط رب الزرع أن يتركه حتى يستحصد وإن أثبت له زرعه حتى يستحصد أبطلت شرط رب الأرض فكان هذا كراء فاسدا ولرب الأرض كراء مثل أرضه إذا زرع وعليه ترك الزرع حتى يستحصد وإن ترافعا قبل يزرع فسخت الكراء بينهما وإذا تكارى الرجل من الرجل الأرض التي لا ماء لها والتي إنما تسقى بنطف السماء أو السيل إن حدث فلا يصلح كراؤها إلا على أن يكريه إياها أرضا بيضاء لا ماء لها يصنع بها المكتري ما شاء في سنة إلا أنه لا يبني ولا يغرس فيها وإذا وقع على هذا الكراء صح فإذا جاءه ماء من سيل أو مطر فزرع عليه أو لم يزرع أو لم يأته ماء فالكراء له لازم وكذلك إن كان شرطه أن يزرعها وقد يمكنه زرعها عثريا بلا ماء أو يمكنه أن يشتري لها ماء من موضع فأكراه إياها أرضا بيضاء لا ماء لها على أن يزرعها إن شاء أو يفعل بها ما شاء صح الكراء ولزمه زرع أو لم يزرع وإن أكراه إياها على أن يزرعها ولم يقل أرضا بيضاء لا ماء لها وهما يعلمان أنها لا تزرع إلا بمطر أو سيل يحدث فالكراء فاسد في هذا كله فإن زرعها فله ما زرع وعليه أجر مثلها ( وقال الربيع ) : فإن قال قائل : لم أفسدت الكراء في هذا ؟ قيل : من قبل أنه قد لا يجيء الماء عليها فيبطل الكراء وقد يجيء فيتم الكراء فلما كان ممرة يتم ومرة لا يتم بطل الكراء قال الشافعي : وإذا تكارى الرجل الأرض ذات النهر مثل النيل وغيره مما يعلو الأرض على أن يزرعها زرعا هو معروف أن ذلك الزرع لا يصلح إلا بأن يرويها النيل لا يتركها ولا تشرب غيره كرهت هذا الكراء وفسخته إذا كانت الأرض بيضاء ثم لم يصح حتى يعلو الماء الأرض علوا يكون ريا لها أو يصلح به الزرع بحال فإذا تكوريت ريا بعد نضوب الماء فالكراء صحيح لازم للمكتري زرع أو لم يزرع قل ما يخرج من الزرع أو كثر وإن تكاراها والماء قائم عليها وقد ينحسر لا محالة في وقت يمكن فيه الزرع فالكراء فيه جائز وإن كان قد ينحسر ولا ينحسر كرهت الكراء إلا بعد انحساره وكل شيء أجزت كراءه أو بيعه أجزت النقد فيه وإن تكارى الرجل الأرض للزرع فزرعها أو لم يزرعها حتى جاء عليها النيل أو زاد أو أصابها شيء يذهب الأرض انتقض الكراء بين المستأجر ورب الأرض من يوم تلفت الأرض ولو كان بعض الأرض تلف وبعض لم يتلف ولم يزرع فرب الزرع بالخيار : إن شاء أخذ ما بقي بحصته من الكراء وإن شاء ردها لأن الأرض لم تسلم له كلها وإن كان زرع أبطل عنه ما تلف ولزمته حصة ما زرع من الكراء وهكذا كراء الدور وأثمان المتاع والطعام إذا جمعت الصفقة منه مائة صاع بثمن معلوم فتلف خمسون صاعا فالمشتري بالخيار : في أن يأخذ الخمسين بحصتها من الثمن أو يرد البيع لأنه لم يسلم له كله كما اشترى قال الشافعي : وإذا اكترى الرجل الأرض من الرجل بالكراء الصحيح ثم أصابها غرق منعه الزرع أو ذهب بها سيل أو غصبها فحيل بينه وبينها سقط عنه الكراء من يوم أصابها ذلك وهي مثل الدار يكتريها سنة ويقبضها فتهدم في أول السنة أو آخرها والعبد يستأجره السنة فيموت في أول السنة أو آخرها فيكون عليه من الإجارة بقدر ما سكن واستخدم ويسقط عنه ما بقي وإن أكراه أرضا بيضاء يصنع فيها ما شاء أو لم يذكر أنه اكتراها للزرع ثم انحسر الماء عنها في أيام لا يدرك فيها زرعا فهو بالخيار : بين أن يأخذ ما بقي بحصته من الكراء أو يرده لأنه قد انتقص مما اكترى وكذلك إن اكتراها للزرع وكراؤها للزرع أبين في أن له أن يردها إن شاء وإن كان مر بها ماء فأفسد زرعه أو أصابه حريق أو ضريب أو جراد أو غير ذلك فهذا كله جائحة على الزرع لا على الأرض فالكراء له لازم فإن أحب أن يجدد زرعا جدده إن كان ذلك يمكنه وإن لم يمكنه فهذا شيء أصيب به في زرعه لم تصب به الأرض فالكراء له لازم وهذا مفارق للجائحة في الثمرة يشتريها الرجل فتصيبها الجائحة في يديه قبل أن يمكنه جدادها ومن وضع الجائحة ثم انبغى أن لا يضعها ههنا فإن قال قائل : إذا كانتا جائحتين فما بال إحداهما توضع والأخرى لا توضع ؟ فإن من وضع الجائحة الأولى فإنما يضعها بالخبر وبأنه إذا كان البيع جائزا في شراء الثمرة إذا بدا صلاحها وتركها حتى تجد فإنما ينزلها بمنزلة الكراء الذي يقبض به الدار ثم تمر به أشهر ثم تتلف الدار فيسقط عنه الكراء من يوم تلفت وذلك أن العين التي اكترى واشترى تلفت وكان الشراء في هذا الموضع إنما يتم بسلامته إلى أن يجد والمكتري الأرض لم يشتر من رب الأرض زرعا إنما اكترى أرضا ألا ترى أنه لو تركها فلم يزرعها حتى تمضي السنة كان عليه كراؤها ؟ ولو أراد أن يزرعها بشيء يقيم تحت الأرض حتى لو مر به سيل لم ينزعه كان ذلك له ؟ ولو تكاراها حتى إذا استحصدت فأصاب الأرض حريق فاحترق الزرع لم يرجع على رب الأرض بشيء من قبل : أنه لم يتلف شيء كان أعطاه إياه إنما تلف شيء يضعه الزراع من ماله كما لو تكارى منه دارا للبر فاحترق البر ولا مال له غيره وبقيت الدار سالمة لم ينتقص سكنها كان الكراء له لازما ولم يكن احتراق المتاع من معنى الدار بسبيل وإذا تكارى الرجل من الرجل الأرض سنة مسماة أو سنته هذه فزرعها وحصد وبقي من سنته هذه شهر أو أكثر أو أقل لم يكن لرب الأرض أن يخرجها من يده حتى تكمل سنته ولا يكون له أن يأخذ جميع الكراء إلا باستيفاء المكتري جميع السنة وسواء كانت الأرض أرض المطر أو أرض السقي لأنه قد يكون فيها منافع من : زرع وعثري وسيل ومطر ولا يؤيس من المطر على حال ولمنافع سوى هذا لا يمنعها المكتري وإذا استأجر الرجل من الرجل الأرض ليزرعها قمحا فأراد أن يزرعها شعيرا أو شيئا من الحبوب سوى القمح فإن كان الذي أراد أن يزرعه لا يضر بالأرض إضرارا أكثر من إضرار ما شرط أنه يزرع ببقاء عروقه في الأرض أو إفساده الأرض بحال من الأحوال فله زرعها ما أراد بهذا المعنى كما يكتري منه الدار على أن يسكنها فيسكنها مثله وإن كان ما أراد زرعها ينقصها بوجه من الوجوه أكثر من نقص ما اشترط أن يزرعها لم يكن له زرعها فإن زرعها فهو متعد ورب المال بالخيار : بين أن يأخذ منه الكراء الذي سمى له وما نقص زرعه الأرض عما ينقصها الزرع الذي شرط له أو يأخذ منه كراء مثلها في مثل ذلك الزرع وإن كان قائما في وقت يمكنه فيه الزرع كان لرب الأرض قطع زرعه إن شاء ويزرعها المكتري مثل الزرع الذي شرط له أو ما لا يضر أكثر من إضراره وإذا تكارى الرجل من الرجل البعير ليحمل عليه خمسمائة رطل قرطا فحمل عليه خمسمائة رطل حديد أو تكارى ليحمل عليه حديدا فحمل عليه قرطا بوزنه فتلف البعير فهو ضامن من قبل : أن الحديد يستجمع على ظهره استجماعا لا يستجمعه القرط فبهذه يتلف وأن القرط ينتشر على ظهر البعير انتشارا لا ينتشره الحديد فيعمه فيتلف وأصل هذا : أن ينظر إذا اكترى منه بعيرا على أن يحمل عليه وزنا من شيء بعينه فحمل عليه وزنه من شيء غيره فإن كان الشيء الذي حمل عليه يخالف الشيء الذي شرط أن يحمله حتى يكون أضر بالبعير منه فتلف ضمن وإن كان لا يكون أضر به منه وكان مثله أو أحرى أن لا يتلف البعير فحمله فتلف لم يضمن وكذلك إن تكارى دابة ليركبها فحمل عليها غيره مثله في الخفة أو أخف منه فهكذا لا يضمن وإن كان أثقل منه فتلف ضمن وإن كان أعنف ركوبا منه وهو مثله في الخفة فانظر إلى العنف : فإن كان العنف شيئا ليس كركوب الناس وكان متلفا ضمن وإن كان كركوب الناس لم يضمن وذلك إن أركب الناس قد يختلف بركوب ولا يوقف للركوب على حد إلا أنه إذا فعل في الركوب ما يكون خارجا به من ركوب العامة ومتلفا فتلف الدابة ضمن وإذا تكارى الرجل من الرجل أرضا عشر سنين على أن يزرع فيها ما شاء فلا يمنع من شيء من الزرع بحال فإن أراد الغراس فالغراس غير الزرع لأنه يبقى فيها بقاء لا يبقاه الزرع ويفسد منها ما لا يفسد الزرع فإن تكاراها مطلقة عشر سنين ثم اختلفا فيما يزرع فيها أو يغرس كرهت الكراء وفسخته ولا يشبه هذا السكن السكن شيء على وجه الأرض وهذا شيء على وجهها وبطنها فإذا تكاراها على أن يغرس فيها ويزرع ما شاء ولم يزد على ذلك فالكراء جائز وإذا انقضت سنوه لم يكن لرب الأرض قلع غراسه حتى يعطيه قيمته في اليوم الذي يخرجه منها قائما على أصوله وبثمره إن كان فيه ثمر ولرب الغراس إن شاء أن يقلعه على أن عليه إذا قلعه ما نقص الأرض والغراس كالبناء إذا كان بإذن مالك الأرض مطلقا لم يكن لرب الأرض أن يقلع البناء حتى يعطيه قيمته قائما في اليوم الذي يخرجه قال الشافعي : وإذا استأجر الرجل من الرجل الأرض يزرعها وفيها نخلة أو مائة نخلة أو أقل أو أكثر وقد رأى ما استأجر منه من البياض زرع في البياض ولم يكن له من ثمر النخل قليل ولا كثير وكان ثمر النخل لرب النخل ولو استأجرها منه بألف دينار على أن له ثمر نخلة يسوي درهما أو أقل أو أكثر كانت الإجارة فاسدة من قبل : أنها انعقدت عقدة واحدة على حلال ومحرم فالحلال الكراء والحرام ثمر النخلة إذا كان هذا قبل أن يبدو صلاحه وإن كان بعد ما يبدو صلاحه فلا بأس به إذا كانت النخلة بعينها قال الشافعي : وسواء في هذا كثر الكراء في الأرض أو الدار وقلت الثمرة أو كثرت أو قل الكراء كما كان لا يحل أن تباع ثمرة نخلة قبل أن يبدو صلاحها وكان هذا فيها محرما كما هو في ألف نخلة وكذلك إذا وقعت الصفقة على بيعه قبل يبدو صلاحه بحال لأن الذي يحرم كثيرا كثيرا يحرم قليلا وسواء كانت النخلة صنوانا واحدا في الأرض أو مجتمعة في ناحية أو متفرقة قال الشافعي : وإذا تكارى الرجل الدار أو الأرض إلى سنة كراء فاسدا فلم يزرع الأرض ولم ينتفع بها ولم يسكن الدار ولم ينتفع بها إلا أنه قد قبضها عند الكراء ومضت السنة لزمه كراء مثلها كما كان يلزمه إن انتفع بها ألا ترى أن الكراء لو كان صحيحا فلم ينتفع بواحدة منهما حتى تمضي سنة لزمه الكراء كله من قبل : أنه قبضه وسلمت له منفعته فترك حقه فيها فلا يسقط ذلك حق رب الدار عليه فلما كان الكراء الفاسد إذا انتفع به المكتري يرد إلى كراء مثله كان حكم كراء مثله في الفاسد كحكم الكراء الصحيح وإذا تكارى الرجل من الرجل الدار سنة فقبضها المكتري ثم غصبه إياها من لا يقوى عليه سلطان أو من يرى أنه يقوى على سلطان فسواء لا كراء عليه في واحد منهما ولو أراد المكتري أن يكون خصما للغاصب لم يكن له خصما إلا بوكالة من رب الدار وذلك أن الخصومة للغاصب إنما تكون في رقبة الدار فلا يجوز أن يكون خصما في الدار إلا رب الدار أو وكيل لرب الدار والكراء لا يسلم للمكتري إلا بأن يكون المكري مالكا للدار والمكتري لم يكتر على أن يكون خصما لو كان ذلك جائزا له أرأيت لو خاصمه فيها سنة فلم يتبين للحاكم أن يحكم بينهما أتجعل على المكتري كراء ولم يسلم له أم تجعل للمخاصم إجارة على رب الدار في عمله ولم يوكله ؟ أو رأيت لو أقر رب الدار بأنه كان غصبها من الغاصب ألا يبطل الكراء ؟ أو رأيت لو أقر المتكاري أن رب الدار غصبها من الغاصب أيقضي على رب الدار أنه غاصب بإقرار غير مالك ولا وكيل ؟ فهل يعدو المكتري إذا قبض الدار ثم غصبت أن يكون الغصب على رب الدار ولم تسلم للمكتري المنفعة بلا مؤنة عليه كما اكترى ؟ فإن كان هذا هكذا فسواء غصبها من لا يقوى عليه سلطان أو من يقوى عليه سلطان ولا يكون عليه كراء لأنه لم تسلم له المنفعة أو يكون الغصب على المكتري دون رب الدار ويكون ذلك شيئا أصيب به المكتري كما يصاب ماله فيلزمه الكراء غصبها إياه من يقوى عليه السلطان أو من لا يقوى عليه وإذا ابتاع الرجل من الرجل العبد ودفع إليه الثمن أو لم يدفعه وافترقا عن تراض منهما ثم مات العبد قبل أن يقبضه المشتري وإن لم يحل البائع بينه وبينه كان حاضرا عندهما قبل البيع وبعده حتى توفي العبد فالعبد من مال البائع لا من مال المبتاع وإن حدث بالعبد عيب كان المبتاع بالخيار : بين أن يقبض العبد أو يرده وكذلك لو اشتراه وقبضه كان الثمن دارا أو عبدا أو ذهبا بأعيانها أو عرضا من العروض فتلف الذي ابتاع به العبد مما وصفنا في يدي مشتري العبد كان البيع منتقضا وكان من مال مالكه فإن قال قائل : قد هلك هذا العبد وهذا العرض ثم لم يحدث واحد منهما حولا بينه وبين مالكه إياه فكيف يكون من مال البائع حتى يسلمه للمبتاع ؟ فقيل له : بالأمر البين مما لا يختلف الناس فيه من أن من كان بيده ملك لرجل مضمونا عليه أن يسلمه إليه من دين عليه أو حق لزمه من وجه من الوجوه أرش جناية أو غيرها أو غصب أو أي شيء ما كان فأحضره ليدفع إلى مالكه حقه فيه عرضا بعينه أو غير عينه فهلك في يده لم يبرأ بهلاكه في يده وإن لم يحل بينه وبين صاحبه وكان ضمانه منه حتى يسلمه إليه ولو أقاما بعد إحضاره إياه في مكان واحد يوما واحدا أو سنة أو أقل أو أكثر لأن ترك الحول بغير الدفع لا يخرج من عليه الدفع إلا بالدفع فكان أكثر ما على المتبايعين أن يسلم هذا ما باع وهذا ما اشترى به فلما لم يفعلا لم يخرجا من ضمان بحال وقال الله جلا وعلا : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } فلو أن امرأ نكح امرأة واستخزنها ماله ولم يحل بينها وبين قبض صداقها ولم يدفعه إليها لم يبرأ منه بأن يكون واجدا له وغير حائل دونه وأن تكون واجدة له غير محول بينها وبينه وقال الله D : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } فلو أن امرءا أحضر مساكين وأخبرهم أن لهم في ماله دراهم أخرجها بأعيانها من زكاة ماله فلم يقبضوها ولم يحل بينهم وبينها لم تخرج من أن تكون مضمونة عليه حتى يؤديها ولو تلفت في يده تلفت من ماله وكذلك لو تطهر للصلاة وقام يريدها ولا يصليها لم يخرج من فرضها حتى يصليها ولو وجب عليه أن يقتص من نفسه من دم أو جرح فأحضر الذي له القصاص وخلى بينه وبين نفسه أو خلى الحاكم بينه وبينه فلم يقتص ولم يعف لم يخرج هذا مما عليه من القصاص ثم لا يخرج أحدهما مما قبله إلا بأن يؤديه إلى من هو له أو يعفوه الذي هو له وهكذا أصل فرض الله جل وعز في جميع ما فرض قال الله D : { ودية مسلمة إلى أهله } فجعل التسليم الدفع لا الوجود وترك الحول والدفع وقال في اليتامى : { فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم } وقال لنبيه A : { وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل } ففرض على كل من صار إليه حق لمسلم أو حق له أن يكون مؤديه وأداؤه دفعه لا ترك الحول دونه وسواء دعاه إلى قبضه أو لم يدعه ما لم يبرئه منه فيبرأ منه بالبراءة أو يقبضه منه في مقامه أو غير مقامه ثم يودعه إياه وإذا قبضه ثم أودعه إياه فضمانه من مالكه ( قال الربيع ) : يريد القابض له وهو المشتري