وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

باب حكايةقول من رد خبر الخاصة .
ثم لعل كل صنف من هؤلاء قدم صاحبه أن يسرف في المباينة بينهن وبين من قدموا عليه من أهل البلدان وهكذا رأيناهم فيمن نصبوا من العلماء الذين أدركنا فإذا كان أهل الأمصار يختلفون هذا الاختلاف فسمعت بعض من يفتي منهم يحلف بالله ما كان لفلان أن يفتي لنقص عقله وجهالته وما كان يحل لفلان أن يسكت - يعني آخر - من أهل العلم ورأيت من أهل البلدان من يقول : ما كان يحل له أن يفتي بجهالته يعني الذي زعم غيره أنه لا يحل له أن يسكت لفضل علمه وعقله ثم وجدت أهل كل بلد كما وصفت فيما بينهم من أهل زمانهم فأين اجتمع لك هؤلاء على تفقه واحد أو تفقه عام ؟ وكما وصفت رأيهم أو رأي أكثرهم وبلغني عمن غاب عني منهم شبيه بهذا فإن أجمعوا لك على نفر منهم فتجعل أولئك النفر علماء إذا اجتمعوا على شيء قبلته قال : وإنهم تفرقوا كما زعمت باختلاف مذاهبهم أو تأويل أو غفلة أو نفاسة من بعضهم على بعض فإنما أقبل منهم ما اجتمعوا عليه معا فقيل له : فإن لم يجمعوا لك على واحد منهم أنه في غاية فكيف جعلته عالما ؟ قال : لا ولكن يجتمعون على أنه يعلم من العلم قلت : نعم ويجتمعون لك على أن من لم تدخله في جملة العلماء من أهل الكلام يعلمون من العلم فلم قدمت هؤلاء وتركتهم في أكثر هؤلاء أهل الكلام وما أسمك وطريقك إلا بطريق التفريق إلا أنك تجمع إلى ذلك أن تدعي الإجماع وإن فيدعواك الإجماع لخصالا يجب عليك في أصل مذاهبك أن تنتقل عن دعوى الإجماع في علم الخاصة قال : فهل من إجماع ؟ قلت : نعم نحمد الله كثيرا في جملة الفرائض التي لا يسع جهلها فذلك الإجماع هو الذي لو قلت : أجمع الناس لم تجد حولك أحدا يعرف شيئا يقول لك ليس هذا بإجماع فهذه الطريق التي يصدق بها من ادعى الإجماع فيها وفي أشياء من أصول العلم دون فروعه ودون الأصول غيرها فأما ما ادعيت من الإجماع حيث قد أدركت التفرق في دهرك وتحكي عن أهل كل قرن فأنظره أيجوز أن يكون هذا إجماعا ؟ قال : فقال : قد ادعى بعض أصحابك الإجماع فيما ادعى من ذلك فما سمعت منهم أحدا ذكر قوله إلا عائبا لذلك وإن ذلك عندي لمعيب قلت : من أين عبته وعابوه ؟ وإنما ادعاء إجماع فرقة أخرى أن يدرك من ادعائك الإجماع على الأمة في الدنيا قال : إنما عبناه أنا نجد في المدينة اختلافا في كل قرن فيما يدعي فيه الإجماع ولا يجوز الإجماع إلا على ما وصفت من ان يكون مخالف فلعل الإجماع عنده الأكثر وإن خالفهم الأقل فليس ينبغي أن يقول إجماعا ويقول الأكثر إذا كان لا يروى عنهم شيئا ومن لم يرو عنه شيء في شيء لم يجز أن ينسب إلى أن يكون مجمعا على قوله كما لا يجوز أن يكون منسوبا إلى خلافه فقلت له : إن كان ما قلت من هذا كما قلت فالذي يلزمك فيه أكثر لأن الإجماع في علم الخاصة إذا لم يوجد في فرقة كان أ يوجد في الدنيا أبعد قال : وقلت قولك وقول من قال : الإجماع خلاف الإجماع قال : فأوجدني ما قلت : قلت : إن كان الإجماع قبلك إجماع الصحابة أو التابعين أو القرآن الذين يلونهم وأهل زمانك فأنت تثبت عليهم أمرا تسميه إجماعا قال : ما هو ؟ اجعل له مثالا لأعرفه قلت : كأنك ذهبت إلى أن جعلت ابن المسيب عالم أهل المدينة و عطاء عالم أهل مكة و الحسن عالم أهل البصرة و الشعبي عالم أهل الكوفة من التابعين فجعلت الإجماع ما أجمع عليه هؤلاء قال : نعم قلت : زعمت أنهم لم يجتمعوا قط في مجلس علمته وإنما استدللت على إجماعهم بنقل الخبر عنهم وأنك لما وجدتهم يقولون في الأشياء ولا تجد فيها كتابا ولا سنة استدللت على أنهم قالوا بها من جهة القياس فقلت : القياس العلم الثابت الذي أجمع عليه أهل العلم أنه حق قال هكذا قلت : وقلت له : قد يمكن أن يكونوا قالوا ما لم تجده أنت في كتاب ولا سنة وإن لم يذكروه وما يرون لم يذكروه وقالوا بالرأي دون القياس قال إن هذا وإن أمكن عليهم فلا أظن بهم أنهم علموا شيئا فتركوا ذكره ولا أنهم قالوا من جهة القياس فقلت له : لأنك وجدت أقاويلهم تدل على أنهم ذهبوا إلى أن القياس لازم لهم أو إنما هذا شيء ظنته لأنه الذي يجب عليهم وقلت له : فلعل القياس لا يحل عندهم محله عندك قال : ما أرى ما وصفت لك فقلت له : هذا الذي رويته عنهم من أ هم قالوا من جهة القيا س توهم ثم جعلت التوهم حجة قال : فمن أني أخذت القياس أنت ومنعت أن لا يقال إلا به ؟ قلت : من غيرن الطريق التي أخذته منها وقد كتبته في غير هذا الموضع وقلت : أرأيت الذين نقلوا لك عنهم أنهم قالوا فيما تجد أنت فيه خبرا فتوهمت أنهم قالوه قياسا وقلت : إذا وجدت أفعالهم مجتمعة على شيء فهو دليل على إجماعهم أنقلوا إليك عنهم أنهم قالوا من جهة الخبر المنفرد فروى ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي A شيئا وأخذ به وله فيه مخالفون من الأمة وعن أبي سعيد الخدري في الصرف شيئا فأخذ به وله فيه مخلفون من الأمة وروى عطاء عن جابر بن عبد الله عن النبي A في المخابرة شيئا وأخذ به وله فيه مخالفون وروى الشعبي عن علقمة عن عبد الله عن النبي A أشياء أخذ بها وله فيها مخلفون من الناس اليوم وقبل اليوم وروى الحسن عن رجل عن النبي A أشياء أخذ بها وله فيها مخالفون من الناس اليوم وقبل اليوم ورووا لك عنهم أنهم عاشوا يقولون بأقاويل يخالف كل واحد منهم فيها قضاء صاحبه وكانوا على ذلك حتى ماتوا قال : نعم قد رووا هذا عنهم فقلت له : فهؤلاء جعلتهم أئمة في الدين وزعمت أن ما وجد من فعلهم مجمعا عليه لزم العامة الأخذ به ورويت عنهم سننا شتى وذلك قبول كل واحد منهم الخبر على الانفراد وتوسعهم في الاختلاف ثم عبت ما أجمعوا عليه لا شك فيه وخالفتم فيه فقلت : لا ينبغي قبول الخبر على الانفراد ولا ينبغي الاختلاف وتوهمت عليهم انهم قاسوا فزعمت أنه لا يحل لأحد أن يدع القياس ولا يقول إلا بما يعرف ا قولك الإجماع خلاف الإجماع بهذا وبأنك زعمت أنهم لا يسكتون على شيء علموه وقد ماتوا لم يقل أحد منهم قط الإجماع علمناه والإجماع أكثر العلم لو كان حيث ادعيته أو ما كفاك عيبا لإجماع أنه لم يرو عن احد بعد رسو ل الله A دعوى الإجماع إلا فيما لا يختلف فيه أحد إلا عن أهل زمانك هذا ؟ فقال : فقد ادعاه بعضهم قلت : أفحمدت ما ادعى منه ؟ قال : لا قلت : فكيف صرت إلى أن تدخل فيما ذممت في اكثر مما عبت ألا تستدل من طريقك أن الإجماع هو ترك ادعاء الإجماع ولا تحسن النظر لنفسك إذا قلت هذا إجماع فيوجد سواك من أهل العلم من يقول ل : معاذ الله أن يكون هذا إجماعا بل فيما ادعيت أنه إجماع اختلاف من كل وجه في بلد أو أكثر من يحكي لنا عنه من أهل البلدان قال : وقلت لبعض من حضر هذا الكلام منهم : نصير بك إلى المسألة عما لزم لنا ولك من هذا قال : وما هو ؟ قلت : أفرأيت سنة رسو ل الله A بأي شيء تثبت ؟ قال : أقول القول الأول الذي قاله لك صاحبنا فقلت : ماهو ؟ قال : زعم أنها تثبت من أحد ثلاثة وجوه قلت : فاذكر الأول منها قال : خبر العامة عن العامة قلت : أكقولكم الأول مثل أن الظهر أربع ؟ قال : نعم فقلت هذا مما لا يخالفك فيه أحد علمته فما الوجه الثاني ؟ قال : تواتر الأخبار ؟ فقلت له حدد لي توارت الأخبار بأقل مما يثبت الخبر واجعل له مثالا لنعلم ما يقول وتقول : قال : نعم إذا وجدت هؤلاء النفر للأربعة الذين جعلتهم مثالا يروون واحدا فتفق روايتهم أن رسو ل الله A حرم شيئا استدللت على أنهم بتباين بلدانهم وأن كلا منهم قبل العلم عن غير الذي قبله عنه صاحبه وقبله عنه من أداه إلينا ممن لم يقبل عن صاحبه أن روايتهم إذا كانت هذا تتفق عن رسو ل الله A فالغلط لا يمكن فيها قال : فقلت له : لا يكون تواتر الأخبار عندك عن أربعة في بلد ولاء إن قبل عنهم أهل بلد حتى يكون المدني يروي عن المدني والمكي يروي عن المكي والبصري عن البصري والكوفي عن الكوفي حتى ينتهي كل واحد منهم بحديثه إلى رجل من أصحاب النبي A غير الذي روى عنه صاحبه ويجمعوا جميعا على الرواية عن النبي A للعلة التي وصفت قال : نعم لأنهم إذا كانوا في بلد واحد أمكن فيهم التواطؤ على الخبر ولا يمكن فيهم إذا كانوا في بلدان مختلفة فقالت له : لبئسما نثبت به على من جعلته إماما فيدينك إذا ابتدأت وتعقبت قال : فاذكر ما يدخل علي فيه فقلت له : أرأيت لو لقيت رجلا من أهل بدر وهم المقدمون ومن أثنى الله تعالى عليهم في كتابه فأخبرك خبرا عن رسو ل الله A لم تلفه حجة و لا يكون عليك خبره حجة لما وصفت أليس من بعدهم أولى أن لا يكون خبر أو احد منهم مقبولا لنقصهم عنهم في كل فضل وأنه يمكن فيهم ما أمكن فيمن هو خير منهم وأكثر منه ؟ قال : بلى فقلت : أفتحكم فيما تثبتم صحة الرواية فأجعل أبا سلمة بالمدينة يروي لك أنه سمع جابر بن عبد الله يروي عن النبي A في فضل أبي سلمة وفضل جابر واجعل الزهري يروي لك أنه سمع ابن المسيب يقول : سمعت عمر أو أبا سعيد الخدري يقول : سمعت النبي A وجعل أبا إسحاق الشيباني يقول : سمعت الشعبي أو سمعت إبراهيم التيمي يقول أحدهما : سمعت البراء بن عازب أو سمعت رجلا من أصحاب النبي A يسميه واجعل أيوب يروي عن الحسن البصري يقول : سمعت أبا هريرة أو رجلا غيره من أصحاب النبي A يقول : سمعت النبي A بتحليل الشيء أو تحريم له أتقوم بهاذ حجة ؟ قال : نعم فقلت له : أيمكن في الزهري عندك أن يغلط على ابن المسيب و ابن المسيب على من فوقه وفي أيوب أن يلغط على الحسن و الحسن على من فوقه ؟ فقال : فإن قلت : نعم قلت : يلزمك أن تثبت خبر الواحد على ما يمكن فيه الغلط ممن لقيت وممن هو دون من فوقه ومن فوقه دون أصحاب النبي A وترد خبر الواحد من أصحاب النبي A وأصحاب النبي A خير ممن بعدهم فترد الخبر بأن يمكن فيه الغلط عن أصحاب النبي A وهم خير الناس وتقبله عمن لا يعد لهم في الفضل لأن كل واحد من هؤلاء ثبت عمن فوقه ومن فوقه ثبت عمن فوقه حتى ينتهي الخبر إلى رسول الله A فهذه الطريق التي عبت قال : هذا هكذا إن قلته ولكن أرأيت إن لم أعطك هذا هكذا ؟ قلت : لا يدفع هذا إلا بالرجوع عنه أو ترك الجواب بالروغان والانقطاع والروغان أقبح قال فإن قلت : لا أقبل من واحد نثبت عليه خبرا إلا من أربعة وجوه متفرقة كما لم أقبل عن النبي A إلا عن أربعة وجوه متفرقة : قال : فقلت له : فهذا يلزمك أفتقول به ؟ قال : إذا نقول به لا يوجد هذا أبدا قال : فقلت : أجل وتعلم أنت أنه لا يوجد أربعة عن الزهري ولا ثلاثة الزهري رابعهم عن الرجل من أصحاب رسول الله A قال : أجل ولكن هذا قال : وقلت له : من قال : أقبل من أربعة دون ثلاثة ؟ أرأيت إن قال لك رجل : لا أقبل إلا من خمسة أو قال آخر : من سبعين ما حجتك عليه ومن وقت لك الأربعة ؟ قال : إنما مثلتهم قلت : أفتجد من يقبل منه ؟ قال : لا قلت : أو تعرفه فلا تظهره لما يدخل عليك فتبين إنكساره ؟ وقلت له أو لبعض من حضر معه : فما الوجه الثالث الذي يثبت به عن النبي A ؟ قال : إذا روى عن رسول الله A الواحد من أصحابه الحكم حكم به فلم يخالفه غيره استدللنا على أمرين : أحدهما أنه إنما حدث به في جماعتهم والثاني : أن تركهم الرد عليه بخبر يخالفه إنما كان عن معرفة منهم بأن ما كان كما يخبرهم فكان خبرا عن عامتهم قلت له : قلما رأيتكم تنتقلون إلى شيء إلا احتججتم بأضعف مما تركتم فقال : أبن لنا ما قلت ؟ قلت له : أيمكن لرجل من أصحاب النبي A يحدث بالمدينة رجلا أو نفرا قليلا ما تثبته عن رسول الله A ويمكن أن يكون أتى بلدا من البلدان فحدث به واحدا أو نفرا أو حدث به في سفر أو عند موته واحدا أو أكثر قال : فإن قلت : لا يمكن أن يحدث واحدهم بالحديث إلا وهو مشهور عندهم قلت : فقد تجد العدد من التابعين يروون الحديث فلا يسمون إلا واحدا ولو كان مشهورا عندهم بأن سمعوا من غيره سمعوا من سمعوه منه وقد نجدهم يختلفون في الشيء قد روي فيه الحديث عن النبي A فيقول بعضهم قولا يوافق الحديث وغيره قولا يخالفه قال : فمن أين ترى ذلك ؟ قلت : لو سمع الذي قال بخلاف الحديث الحديث عن النبي A ما قال إن شاء الله تعالى بخلافه وقلت له : قد روى اليمين مع الشاهد عن النبي A ابن عباس وغيره ولم يحفظ عن أحد من أصحاب رسول الله A علمته خلافها فيلزمك أن تقول بها علىأصل مذهبك وتجعلها إجماعا فقال بعضهم : ليس ما قال من هذا مذهبنا قلت : مازلت أرى ذلك فيه وفي غيره مما كلمتمونا به والله المستعان قال : فاليمين مع الشاهد إجماع بالمدينة فقلت : لا هي مختلفة فيها غير أنا نعمل بما أختلف فيه إذا ثبت عن رسو ل الله A من الطريق الذي يثبت منها قال : وقلت له : من الذين إذا اتفقت أقاويلهم في الخبر صح وإذا اختلفوا طرحت لاختلافهم الحديث ؟ قال : أصحاب رسو ل الله A خبر الخاصة قال لا قلت : فهل يستدرك عنهم العلم بإجماع أو اختلاف بخبر عامة ؟ قال : ما لم أستدركه بخبر العامة نظرت إلى إجماع أهل العلم اليوم فإذا وجدتهم ما أجمعوا عليه استدللت على أن اختلافهم عن اختلاف من مضى قبلهم قلت له : أفرأيت استدلالا بأن إجماعهم خبر جماعتهم ؟ قال : فنقول : ماذا ؟ قلت : أقول لا يكون لأحد أن يقول حتى يعلم إجماعهم في البلدان ولا يقبل على أقاويل من نأت داره منهم و لا قربت إلا بخبر الجماعة عن الجماعة قال : فإن قلته ؟ قلت : فقله إن شئت قال : قد يضيق هذا جدا فقلت له : وهو مع ضيقه غير موجود ويدخل عليك خلافه في القياس إذا زعمت للواحد أن يقيس فقد أجزت القياس والقياس قد يمكن فيه الخطأ وامتنعت من قبول السنة إذا كان يمكن فيمن رواها الخطأ فأجزت الأضعف ورددت الأقوى وقلت لبعض : أرأيت قولك إجماعهم يدل لو قالوا لك قلنا به مجتمعين ومتفرقين : ما قبلنا الخبر فيه والذي ثبت مثله عندنا عمن قبلنا ونحن مجمعون على أن جائز لنا فيما ليس فيه نص ولا سنة أن نقول فيه بالقياس وإن اختلفنا أفتبطل أخبار الذين زعمت أن أخبارهم وما اجتمعت عليه أفعالهم حجة في شيء وتقبله في غيره ؟ أرأيت لو قال لك قائل : أنا أتبعهم في تثبيت أخبار الصادقين وإن كانت منفردة وأقبل عنهم القول بالقياس فيما لا خبر فيه فأوسع أن يختلفوا فأكون قد تبعتهم في كل حال : أكان أقوى حجة وأولى باتباعهم وأحسن ثناء عليهم أم أنت ؟ قال : بهذا تقول ؟ قلت : نعم وقلت : أرأيت قولك إجماع أصحاب رسو ل الله A ما معناه ؟ أتعني أن يقولوا أو أكثرهم قولا واحدا ؟ أو يفعلوا فعلا واحدا ؟ قال : لا أعنى هذا ن وهذا غير موجود ولكن إذا حدث واحد منهم الحديث عن النبي A ولم يعارضه منهم معارض بخلافه فذلك دلالة على رضاهم به وأنهم علموا أن ما قال منه كما قال قلت : أو ليس قد يحدث ولا يسمعونه ويحدث ولا علم لمن سمع حديثه منهم أن ما قال كما قال وأنه خلاف ما قال ؟ وإنما على المحدث أن يسمع فإذا لم يعلم خلافه فليس له رده قال : قد يمكن هذا على ما قلت : ولكن الأئمة من أصحاب رسول الله A فلا يمكن أبدا أن يحدث محدثهم بأمر فيدعوا معارضته إلا عن علم بأنه كما قال وقال : فأقول : فإذا حكم حاكمهم فلم يناكروه فهو علم منهم بأن ما قال الحق وكان عليهم أن يقيموا على ما حكم فيه قلت : أفيمكن أن يكونوا صدقوه بصدقه في الظاهر كما قبلوا شهادة الشاهدين بصدقها في الظاهر ؟ قال : فإن قلت : لا ؟ فقلت : إذا قلت : لا فيما عليهم الدلالة فيه بأنهم قبلوا خبر الواحد وانتهوا إليه علمت أنك جاهل بما قلنا وإذا قلت فيما يمكن مثله لا يمكن كنت جاهلا بما يجب عليك قال : فتقول : ماذا ؟ قلت : أقول : إن صمتهم عن المعارضة قد يكون علم بما قال وقد يكون عن غير علم به ويكون قبولا له ويكون عن وقوف عنه ويكون أكثرهم لم يسمعه لا كما قلت واستدلالا عنهم فيما سمعوا قوله من كان عندهم صادقا ثبتا قال : فدع هذا قلت لبعضهم : هل علمت أن أبا بكر في إمارته قسم مالا فسوى فيه الحر والعبد وجعل الجد أبا ؟ قال : نعم قلت : فقبلوا منه القسم ولم يعارضوه في الجد في حياته ؟ قال : نعم ولو قلت : عارضوه في حياته قلت : فقد أراد أن يحكم وله مخالف قال : نعم ولا أوله : قال : فجاء عمر ففضل الناس في القسم على النسب والسابقة وطرح العبيد من القسم وشرك بين الجد والاخوة ؟ قال : نعم قلت : وولي علي فسوى بين الناس في القسم قال : نعم قلت : فهذا على أخبار العامة عن ثلاثتهم عندك قال : نعم قلت : فقل فيها ما أحببت قال : فتقول فيها أنت ماذا ؟ قلت : أقول إن لما ليس فيه نص كتاب ولا سنة إذا طلب الاجتهاد فيه المجتهدون وسع كلا - إن شاء الله تعالى - أن يفعل ويقول بما رآه حقا لا على ما قلت : فقل أنت ما شئت قال : لئن قلت العمل الأول يلزمهم كان ينبغي للعمل الثاني والثالث أن يكون مثله لا يخالفهولئن قلت : بل لم يكونوا وافقوا أبا بكر على فعله في حياته ليدخل على أن له يمضي له اجتهاده وإن خالفهم قلت : أجل قال : فإن قلت : لا أعرف هذا عنهم ولا أقبله حتى أجد العامة تنقله عن العامة فتقول عنهم حدثنا جماعة ممن مضى قبلهم بكذا فقلت له : ما نعلم أحدا شك في هذا ولا روي عن أحد خلافه فلئن لم تجز أن يكون مثل هذا ثابتا فما حجتك على أحد إن عارضك في جميع ما زعمت انه إجماع بأن يقول مثل ما قلت ؟ فقال جماعة ممن حضر منهم : فإن الله D ذم على الاختلاف فذممناه فقلت له في الاختلاف : حكمان أم حكم ؟ قال : حكم قلت : فأسألك قال : فسل قلت : أتوسع من الاختلاف شيئا ؟ قال : لا قلت : أفتعلم من أدركت من أعلام المسلمين الذين أفتوا عاشوا أو ماتوا وقد يختلفون في بعض أمور يحكون عمن قبلهم ؟ قال : نعم قلت : فقل فيهم ما شئت قال : فإن قلت قالوا بما لا يسعهم قلت : فقد خالفت اجتماعهم قال : أجل قال : فدع هذا : قلت : فيسعهم القياس ؟ قال : نعم قلت : فإن قاسوا فاختلفوا يسعهم أن يمضوا على القياس ؟ قال : فإن قلت لا ؟ قلت : فيقولون : إلى أي شيء نصير ؟ قال : إلى القياس قلت : قالوا قد فعلنا فرأيت القياس بنا قلت ورأى هذا القياس بما قال ؟ قال : فلا يقولون حتى يجتمعوا قلت : من أقطار الأرض ؟ قال : فإن قلت نعم ؟ قلت : فلا يمكن أن يجتمعوا ولو أمكن اختلفوا قال : فلو اجتمعوا قلت : قد اجتمع اثنان فاختلفا فكيف إذا اجتمع الأكثر ؟ قال : يبنه بعضهم بعضا ففعلوا فزعم كل واحد من المختلفين أن الذي قاله القياس قال : فإن قلت : يسع الاختلاف في هذا الموضع قلت : قد زعمت أن في اختلاف كل واحد من المختلفين حكمين وتركت قولك ليس الاختلاف إلا حكما واحدا قال : ما تقول أنت ؟ الاختلاف وجهان فما كان لله فيه نص حكم أو لرسوله سنة أو للمسلمين فيه أجمع لم يسع احدا علم من هذا واحدا أن يخلفه وما لم يكن فيه من هذا واحدا كان لأهل العلم الاجتهاد فيه بطلب الشبهة بأحد هذه الوجوه الثلاثة فإذا اجتهد من له أن يجتهد وسعه أن يقول بما وجد الدلالة عليه بأن يكون في معنى كتاب أو سنة أو إجماع فإن ورد أمر مشتبه يحتمل حكمين مختلفين فاجتهد فخالف اجتهاده اجتهاد غيره وسعه أن يقول بشيء وغيره بخلافه وهذا قليل إذا نظر فيه قال : فما حجتك فيما قلت ؟ قلت له الاستدلال بالكتاب والسنة والإجماع قال : فاذكر الفرق بين احكم الاختلاف قلت له : قال الله D : { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات } وقال : { وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } فإنما رأيت الله ذم الاختلاف في الموضع الذي أقام عليهم الحجة ولم يأذن لهم فيه قال قد عرفت هذا فما الوجه الذي دلك على أن ما ليس فيه نص حكم وسع فه الاختلاف ؟ فقلت له : فرض الله على الناس التوجه في القبلة إلى المسجد الحرام فقال : { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون } { ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } أفرأيت إذا سافرنا واختلفنا في القبلة فكان الأغلب علي أنها في جهة والأغلب على غيري في جهة ما الفرض علينا ؟ فإن قلت : الكعبة فهي وإن كانت ظاهرة في موضعها فهي مغيبة عمن نأوا عنها فعليهم أن يطلبوا التوجه لها غاية جهدهم على ما أمكنهم وغلب الدلالات في قلوبهم فإذا فعلوا وسعهم الاختلاف وكان كل مؤديا للفرض عليه بالاجتهاد فيطلب الحق المغيب عنه وقلت : وقال الله { ممن ترضون من الشهداء } وقال : { ذوا عدل منكم } أفرأيت حاكمين شهد عندهما شاهدان بأعيانهما فكانا عند أحد الحاكمين عدلين وعند الآخر غير عدلين قال : فعلى الذي هما عنده عدلان أن يجيزهما وعلى الآخر الذي هما عنده غير عدلين أن يردهما قلت له : فهذا الاختلاف ؟ قال : نعم فقلت له : أراك إذن جعلت الاختلاف حكمين فقال : لايوجد في المغيب إلا هذا وكل وإن اختلف فعله وحكمه فقد أدى ما عليه قلت : فهكذا قلنا وقلت له : قال الله D { ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة } فإن حكم عدلان في موضع بشيء وآخران في موضع بأكثر أو أقل منه فكل قد اجتهد وأدى ما عليه وإن أختلفا وقال : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم } الآية وقال D { فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به } أرأيت إذا فعلت امرأتان فعلا واحدا وكان زوج إحداهما يخاف نشوزها وزوج الأخرى لا يخاف به نشوزها ؟ قال : يسع الذي يخاف به النشوز العظة والهجر والضرب ولا يسع الاخر الضرب وقلت : وهكذا يسع الذي يخاف أن لا تقيم زوجته حدود الله الأخذ منها ولا يسع الآخر وإن استوى فعلاهما قال : نعم قال : وإني وإن قلت هذا فلعل غيري يخالفني وإياك و لا يقبل هذا منا فأين السنة التي دلت على سعة الاختلاف ؟ قالت : أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن بسر بن سعيد عن ابي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسو ل الله A يقول : [ إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ] قال يزيد بن الهاد فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال : هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة قال : وماذا ؟ قلت : ما وصفنا من ان الحكام والمفتيين إلى اليوم قد اختلفوا في بعض ما حكموا فيه وأفتوا وهم لا يحكمون ويفتون إلا بما يسعهم عندهم وهذا عندك إجماع فكيف يكون إجماعا إذا كان موجودا في أفعالهم الاختلاف ؟ والله أعلم