ويجوز أن يكون مشتقا من الحكمة . والمعنى : أن أقوى الحاكمين حكمة في قضائه بحيث لا يخالط حكمه تفريط في شيء من المصلحة ونوط الخبر بذي وصف يؤذن بمراعاة خصائص المعنى المشتق منه الوصف فلما أخبر عن الله بأنه أفضل الذين يحكمون علم أن الله يفوق قضاؤه كل قضاء في خصائص القضاء وكمالاته وهي : إصابة الحق وقطع دابر الباطل وإلزام كل من يقضي عليه بالامتثال لقضائه والدخول تحت حكمه .
روى الترمذي وأبو داود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله A من قرأ منكم ( والتين والزيتون ) فانتهى إلى قوله ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) بلى وأنا على ذلك من الشاهدين .
بسم الله الرحمن الرحيم .
سورة العلق .
اشتهرت تسمية هذه السورة في عهد الصحابة والتابعين باسم ( سورة اقرأ باسم ربك ) فأخبرت عن السورة ب ( اقرأ باسم ربك ) . وروي ذلك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي رجاء العطاردي ومجاهد والزهري وبذلك عنونها الترمذي .
وسميت في المصاحف ومعظم التفاسير ( سورة العلق ) لوقوع لفظ ( العلق ) في أوائلها وكذلك سميت في بعض كتب التفسير .
وعنونها البخاري ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) .
وتسمى ( سورة اقرأ ) وسماها الكواشي في التخليص ( سورة اقرأ والعلق ) .
وعنونها ابن عطية وأبو بكر بن العربي ( سورة القلم ) وهذا اسم سميت به ( سورة ن والقلم ) ولكن الذين جعلوا اسم هذه السورة ( سورة القلم ) يسمون الأخرى ( سورة ن ) . ولم يذكرها في الإتقان في عداد السور ذات أكثر من اسم .
وهي مكية باتفاق .
وهي أول سورة نزلت في القرآن كما ثبت في الأحاديث الصحيحة الواضحة ونزل أولها بغار حراء على النبي A وهو مجاور فيه في رمضان ليلة سبعة عشرة منه من سنة أربعين بعد الفيل إلى قوله ( علم الإنسان ما لم يعلم ) . ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة عن عائشة . وفيه حديث عن أبي موسى الأشعري وهو الذي قاله أكثر المفسرين من السلف والخلف .
A E وعن جابر أول سورة المدثر وتؤول بأن كلامه نص أن سورة المدثر أول سورة نزلت بعد فترة الوحي كما في الإتقان كما أن سورة الضحى نزلت بعد فترة الوحي الثانية .
وعدد آيها في عد أهل المدينة ومكة عشرون وفي عد أهل الشام ثمان عشرة وفي عد أهل الكوفة والبصرة تسع عشرة .
أغراضها .
تلقين محمد A الكلام القرآني وتلاوته إذ كان لا يعرف التلاوة من قبل .
والإيماء إلى أن علمه بذلك ميسر لأن الله الذي ألهم البشر العلم بالكتابة قادر على تعليم من يشاء ابتداء .
وإيماء إلى أن أمته ستصير إلى معرفة القراءة والكتابة والعلم .
وتوجيهه إلى النظر في خلق الله الموجودات وخاصة خلقه الإنسان خلقا عجيبا مستخرجا من علقة فذلك مبدأ النظر .
وتهديد من كذب النبي A وتعرض ليصده عن الصلاة والدعوة إلى الهدى والتقوى .
وإعلام النبي A أن الله عالم بأمر من يناوونه وأنه قامعهم وناصر رسوله .
وتثبيت الرسول على ما جاءه من الحق والصلاة والتقرب إلى الله .
وأن لا يعبأ بقوة أعداءه لأن قوة الله تقهرهم .
( اقرأ باسم ربك الذي خلق [ 1 ] خلق الإنسان من علق [ 2 ] اقرأ ) هذا أول ما أوحي به من القرآن إلى محمد A لما ثبت عن عائشة عن النبي A مما سيأتي قريبا .
وافتتاح السورة بكلمة ( اقرأ ) إيذان بأن رسول الله A سيكون قارئا أي تاليا كتابا بعد أن لم يكن قد تلا كتابا قال تعالى ( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ) أي من قبل نزول القرآن ولهذا قال النبي A لجبريل حين قال له اقرأ " ما أنا بقارئ " .
وفي هذا الافتتاح براعة استهلال للقرآن .
وقوله تعالى ( اقرأ ) أمر بالقراءة والقراءة نطق بكلام معين مكتوب أو محفوظ على ظهر قلب .
وتقدم في قوله تعالى ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) في سورة النحل