وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فهذا قول يصدر يوم القيامة من جانب القدس من كلام الله تعالى أو من كلام الملائكة : فإن كان من كلام الله تعالى كان قوله ( إلى ربك ) إظهارا في مقام الإضمار بقرينة تفريع ( فأدخلني في عبادي ) عليه . ونكتة هذا الإظهار ما في وصف ( رب ) من الولاء والاختصاص وما في إضافته إلى ضمير النفس المخاطبة من التشريف لها .
وإن كان من قول الملائكة فلفظ ( ربك ) جرى على مقتضى الظاهر وعطف ( فادخلي في عبادي ) عطف تلقين بصدر من كلام الله تعالى تحقيقا لقول الملائكة ( ارجعي إلى ربك ) .
A E والرجوع : إلى الله مستعار للكون في نعيم الجنة التي هي دار الكرامة عند الله بمنزلة دار المضيف قال تعالى ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) بحيث شبهت الجنة بمنزل للنفس المخاطبة لأنها استحقته بوعد الله على أعمالها الصالحة فكأنها كانت مغتربة عنه في الدنيا فقيل لها : ارجعي إليه وهذا الرجوع خاص غير مطلق الحلول في الآخرة .
ويجوز أن تكون الآية استئنافا ابتدائيا جرى على مناسبة ذكر عذاب الإنسان المشرك فتكون خطابا من الله تعالى لنفوس المؤمنين المطمئنة .
والأمر في ( ارجعي إلى ربك ) مراد منه تقييده بالحالين بعده وهما ( راضية مرضية ) وهو من استعمال الأمر في الوعد والرجوع مجاز أيضا والإضمار في قوله ( في عبادي ) وقوله ( جنتي ) التفات من الغيبة إلى التكلم .
وقال بعض أهل التأويل : نزلت في معين . فعن الضحاك : أنها نزلت في عثمان ابن عفان لما تصدق ببئر رومة . وعن بريدة : أنها نزلت في حمزة حين قتل . وقيل : نزلت في خبيب بن عدي لما صلبه أهل مكة . وهذه الأقوال تقتضي أن هذه الآية مدنية والاتفاق على أن السورة مكية إلا ما رواه الداني عن بعض العلماء أنها مدنية وهي على هذا منفصلة عما قبلها كتبت هنا بتوقيف خاص أو نزلت عقب ما قبلها للمناسبة .
وعن ابن عباس وزيد بن حارثة وأبي بن كعب وابن مسعود : أن هذا يقال عند البعث لترجع الأرواح في الأجساد وعلى هذا فهي متصلة بقوله ( إذا دكت الأرض ) الخ كالوجه الذي قبل هذا والرجوع على هذا حقيقة والرب مراد به صاحب النفس وهو الجسد .
وعن زيد بن حارثة وأبي صالح يقال : هذا للنفس عند الموت . وقد روى الطبري عن سعيد بن جبير قال : قرأ رجل عند رسول الله A ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) فقال أبو بكر : ما أحسن هذا ! فقال النبي A ( أما إن الملك سيقولها عند الموت ) . وعن زيد بن حارثة أن هذا يقال لنفس المؤمن عند الموت تبشر بالجنة .
والنفس : تطلق على الذات كلها كما في قوله تعالى ( أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله ) وقوله ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) وتطلق على الروح التي بها حياة الجسد كما في قوله ( أن النفس لأمارة بالسوء ) .
وعلى الإطلاقين توزع المعاني المتقدمة كما لا يخفى .
والمطمئنة : اسم فاعل من اطمأن إذا كان هادئا غير مضطرب ولا منزعج فيجوز أن يكون من سكون النفس بالتصديق لما جاء به القرآن دون تردد ولا اضطراب بال فيكون ثناء على هذه النفس ويجوز أن يكون من هدوء النفس بدون خوف ولا فتنة في الآخرة .
وفعله من الرباعي المزيد وهو بوزن أفعلل . والأصح أنه مهموز اللام الأولى وأن الميم عين الكلمة كما ينطق به وهذا قول أبي عمرو . وقال سيبويه : أصل الفعل : طأمن فوقع فيه قلب مكاني فقدمت الميم على الهمزة فيكون أصل مطمئنة عنده مطأمنه ومصدره اطئمنان وقد تقدم عند قوله تعالى ( ولكن ليطمئن قلبي ) في سورة البقرة وقوله ( فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ) في سورة النساء