وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والإكرام : قال الراغب : أن يوصل إلى الإنسان كرامة وهي نفع لا تلحق فيه غضاضة ولا مذلة وأن يجعل ما يوصل إليه شيئا كريما أي شريفا قال تعالى ( بل عباد مكرمون ) أي جعلهم كراما اه يريد أن الإكرام يطلق على إعطاء المكرمة ويطلق على جعل الشيء كريما في صنفه فيصدق قوله تعالى ( فأكرمه ) بأن يصيب الإنسان ما هو نفع لا غضاضة فيه أو بأن جعل كريما سيدا شريفا . وقوله ( فأكرمه ) من المعنى الأول للإكرام وقوله ( فيقول ربي أكرمني ) من المعنى الثاني له في كلام الراغب واعلم أن قوله ( ونعمه ) صريح في أن الله ينعم على الكافرين إيقاظا لهم ومعاملة بالرحمة والذي عليه المحققون من المتكلمين أن الكافر منعم عليه في الدنيا وهو قول الماتريدي والباقلاني . وهذا مما أختلف فيه الأشعري والماتريدي والخلف لفظي .
ومعنى ( نعمه ) جعله في نعمة أي في طيب عيش .
ومعنى ( فقدر عليه رزقه ) أعطاه بقدر محدود ومنه التقتير بالتاء الفوقية عوضا عن الدال وكل ذلك كناية عن القلة ويقابله بسط الرزق قال تعالى ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء ) .
والهاء في ( رزقه ) يجوز أن تعود إلى ( الإنسان ) من إضافة المصدر إلى المفعول ويجوز أن تعود إلى ( ربه ) من إضافة المصدر إلى فاعله .
والإهانة : المعاملة بالهون وهو الذل .
وإسناد ( فأكرمه ونعمه ) و ( فقدر عليه رزقه ) إلى الرب تعالى لأن الكرامة والنعمة انساقت إلى الإنسان أو انساق له قدر الرزق بأسباب من جعل الله وسننه في هذه الحياة الدنيا بما يصادف بعض الحوادث بعضا وأسباب المقارنة بين حصول هذه المعاني وبين من تقع به من الناس في فرصها ومناسباتها .
والقول مستعمل في حقيقته وهو التكلم وإنما يتكلم الإنسان عن اعتقاد . فالمعنى : فيقول ربي أكرمني معتقدا ذلك ويقول : ربي أهانني معتقدا ذلك لأنهم لا يخلون عن أن يفتخروا بالنعمة أو يتذمروا من الضيق والحاجة ونظير استعمال القول هذا الاستعمال ما وقع في قوله تعالى ( ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ) أي اعتقدوا ذلك فقالوه واعتذروا به لأنفسهم بين أهل ملتهم .
وتقديم ( ربي ) على فعل ( أكرمني ) وفعل ( أهانني ) دون أن يقول : أكرمني ربي أو أهانني ربي لقصد تقوي الحكم أي يقول ذلك جازما به غير متردد .
وجملتا ( فيقول ) في الموضعين جوابان ل ( إما ) الأولى والثانية أي يطرد قول الإنسان هذه المقالة كلما حصلت له نعمة وكلما حصل له تقتير رزق .
وأوثر الفعل المضارع في الجوابين لإفادة تكرر ذلك القول وتجدده كلما حصل مضمون الشرطين .
وحرف ( كلا ) زجر عن قول الإنسان ( ربي أكرمني ) عند حصول النعمة .
وقوله ( ربي أهانني ) عندما يناله تقتير فهو ردع عن اعتقاد ذلك فمناط الردع كلا القولين لأن كل قول منهما صادر عن تأول باطل أي ليست حالة الإنسان في هذه الحياة الدنيا دليلا على منزلته عند الله تعالى . وإنما يعرف مراد الله بالطرق التي ارشد الله إليها بواسطة رسله وشرائعه قال تعالى ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) إلى قوله ( فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) في سورة الكهف . فرب رجل في نعمة في الدنيا هو مسخوط عليه ورب أشعث أغبر مطرود بالأبواب لو أقسم على الله لأبره .
فمناط الردع جعل الإنعام علامة على إرادة الله إكرام المنعم عليه وجعل التقتير علامة على إرادة الإهانة وليس مناطه وقوع الكرامة ووقوع الإهانة لأن الله أهان الكافر بعذاب الآخرة ولو شاء إهانته في الدنيا لأجل الكفر لأهان جميع الكفرة بتقتير الرزق .
وبهذا ظهر أن لا تنافي بين إثبات إكرام الله تعالى الإنسان بقوله ( فأكرمه ) وبين إبطال ذلك بقوله ( كلا ) لأن الإبطال وارد على ما قصده الإنسان بقوله ( ربي أكرمني ) أن ما ناله من النعمة علامة على رضى الله عنه .
فالمعنى أن لشأن الله في معاملته الناس في هذا العالم أسرارا وعللا لا يحاط بها وأن أهل الجهالة بمعزل عن إدراك سرها بأقيسة وهمية . والاستناد لمألوفات عادية وأن الأولى لهم أن يتطلبوا الحقائق من دلائلها العقلية وأن يعرفوا مراد الله من وحيه إلى رسله . وأن يحذروا من أن يحيدوا بالأدلة عن مدلولها . وان يستنتجوا الفروع من غير أصولها