وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( وإذا الرسل أقتت ) عطف على الجمل المتقدمة فهي تقييد لوقت حادث يحصل وهي مما جعل مضمونها علامة على وقوع ما يوعدون به فيلزم أن يكون مضمونها مستقبل الحصول وفي نظم هذه الجملة غموض ودقة . فأما ( أقتت ) فأصله وقتت بالواو في أوله يقال : وقت وقتا إذا عين وقتا لعمل ما مشتقا من الوقت وهو الزمان فلما بني للمجهول ضمت الواو وهو ضم لازم احتراز من ضمة ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) لأن ضمة الواو ضمة عارضة فجاز إبدالها همزة لأن الضم على الواو ثقيل فعدل عن الواو إلى الهمزة . وقرأه الجمهور ( أقتت ) بهمزة وتشديد القاف . وقرأه أبو عمرو وحده بالواو وتشديد القاف وقرأه أبو جعفر بالواو وتخفيف القاف .
وشأن ( إذا ) أن تكون لمستقبل الزمان فهذا التأقيت للرسل توقيت سيكون في المستقبل وهو علامة على أن ما يوعدون يحصل مع العلامات الأخرى .
ولا خلاف في أن ( أقتت ) مشتق من الوقت كما علمت آنفا وأصل اشتقاق هذا الفعل المبني للمجهول أن يكون معناه : جعلت وقتا وهو أصل إسناد الفعل إلى مرفوعه وقد يكون بمعنى : وقت لها وقت على طريقة الحذف والإيصال .
وإذا كان ( إذا ) ظرفا للمستقبل وكان تأجيل الرسل قد حصل قبل نزول هذه الآية تعين تأويل ( أقتت ) على معنى : حان وقتها أي الوقت المعين للرسل وهو الوقت الذي أخبرهم الله بأن ينذروا أممهم بأنه يحل في المستقبل غير المعين وذلك عليه قوله ( لأي يوم أجلت ليوم الفصل ) فإن التأجيل يفسر التوقيت .
وقد اختلفت أقوال المفسرين الأولين في محمل معنى هذه الآية فعن ابن عباس أقتت : جمعت أي ليوم القيامة قال تعالى ( يوم يجمع الله الرسل ) وعن مجاهد والنخعي ( أقتت ) أجلت . قال أبو علي الفارسي : أي جعل يوم الدين والفصل لها وقتا .
قال في الكشاف : " والوجه أن يكون معنى ( وقتت ) بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره يوم القيامة " اه . وهذا صريح في أنه يقال : وقت بمعنى أحضر في الوقت المعين وسلمه شراح الكشاف وهو معنى مغفول عنه في بعض كتب اللغة أو مطوي بخفاء في بعضها .
ويجيء على القول أن يكون قوله ( لأي يوم أجلت ) استئاافا وتجعل ( أي ) اسم استفهام مستعمل للتهويل كما درج عليه جمهور المفسرين الذين صرحوا ولم يجملوا . والذي يظهر لي أن تكون ( أي ) موصولة دالة على التعظيم والتهويل وهو ما يعبر عنه بالدال على معنى الكمال وتكون صفة لموصوف محذوف يدل عليه ما أضيفت إليه ( أي ) وتقديره : ليوم أي يوم أي ليوم عظيم . ويكون معنى ( أقتت ) حضر ميقاتها الذي وقت لها وهو قول ابن عباس جمعت وفي اللسان عن الفران : أقتت جمعت لوقتها وذلك قول الله تعالى ( يوم يجمع الله الرسل ) وقوله ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) .
ويكون اللام في قوله ( لأي يوم أجلت ) لام التعليل أي جمعت لأجل اليوم الذي أجلت إليه وجملة ( أجلت ) صفة ليوم وحذف العائد لظهوره أي أجلت إليه .
وقوله ( ليوم الفصل ) بدل من ( لأي يوم أجلت ) بإعادة الحرف الذي جر به المبدل منه كقوله تعالى ( تكون لنا عيدنا لأولنا وآخرنا ) أي أحضرت الرسل ليوم عظيم هو يوم الفصل .
والظاهر أن المبدل منه والبدل دليلا على جواب ( إذا ) من قوله ( فإذا النجوم طمست ) الخ إذ يعلم أن المعنى إذا حصل جميع ما ذكر فذلك وقوع ما توعدون .
وجملة ( لأي يوم أجلت ليوم الفصل ) قد علمت آنفا الوجه الوجيه في معناها . ومن المفسرين من جعلها مقول محذوف : يقال يوم القيامة ولا داعي إليه .
والفصل : تمييز الحق من الباطل بالقضاء والجزاء إذ بذلك يزول الالتباس والاشتباه والتمويه الذي كان لأهل الضلال في الدنيا فتتضح الحقائق على ما هي عليه في الواقع .
وجملة ( وما أدراك ما يوم الفصل ) في موضع الحال من يوم الفصل والواو واو الحال والرابط لجملة الحال إعادة اسم صاحب الحال عوضا عن ضميره مثل : ( القارعة ما القارعة ) . والأصل : وما أدراك ما هو وإنما أظهر في مقام الإضمار لتقوية استحضار يوم الفصل قصدا لتهويله .
و ( ما ) استفهامية مبتدأ و ( أدراك ) خبر أي أعلمك . و ( ما يوم الفصل ) استفهام علق به فعل ( أدراك ) عن العمل في مفعولين و ( ما ) الاستفهامية مبتدأ أيضا و ( يوم الفصل ) خبر عنها والاستفهامان مستعملان في معنى التهويل والتعجيب