وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وكثر في القرآن إطلاق العاجلة على الدنيا كقوله ( كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة ) فشاع بين المسلمين تسمية الدنيا بالعاجلة .
ومتعلق ( يحبون ) مضاف محذوف تقديره : نعيم أو منافع لأن الحب لا يتعلق بذات الدنيا .
وفي إيثار ذكر الدنيا بوصف العاجلة توطئة للمقصود من الذم لأن وصف العاجلة يؤذن بأنهم آثروها لأنها عاجلة . وفي ذلك تعريض بتحميقهم إذ رضوا بالدون لأنه عاجل وليس ذلك من شيم أهل التبصر فقوله ( ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ) واقع موقع التكميل لمناط ذمهم وتحميقهم لأنهم لو أحبوا الدنيا مع الاستعداد للآخرة لما كانوا مذمومين قال تعالى حكاية لقول الناصحين لقارون ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا ) . وهذا نظير قوله تعالى ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) إذ كان مناط الذم فيه هو أن قصروا أنفسهم على علم أمور الدنيا مع الإعراض عن العلم بالآخرة .
ومثلوا بحال من يترك شيئا وراءه فهو لا يسعى إليه وإنما يسعى إلى ما بين يديه .
وإنما أعرضوا عنه لأنهم لا يؤمنون بحلوله فكيف يسعون إليه .
وصيغة المضارع في ( يذرون ) تقتضي أنهم مستمرون على ذلك وأن ذلك متجدد فيهم ومتكرر لا يتخلفون عن ذلك الترك لأنهم لا يؤمنون بحلول ذلك اليوم فالمسلمون لا يذرون وراءهم هذا اليوم لأنهم لا يخلون من عمل له على تفاوت بينهم في التقوى .
واليوم الثقيل : هو يوم القيامة وصف بالثقيل على وجه الاستعارة لشدة ما يحصل فيه من المتاعب والكروب فهو كالشيء الثقيل الذي لا يستطاع حمله .
والثقل : مستعار للشدة والعسر قال تعالى ( ثقلت في السماوات والأرض ) وقال ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) .
( نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا [ 28 ] ) لما كان الإخبار عنهم بأنهم ( يذرون ورائهم يوما ثقيلا ) يتضمن أنهم ينكرون وقوع ذلك اليوم كما قدمناه وكان الباعث لهم على إنكاره شبهة استحالة إعادة الأجساد بعد بلاها وفنائها وكان الكلام السابق مسوقا مساق الذم لهم والإنكار عليهم جيء هنا بما هو دليل للإنكار عليهم وإبطال لشبهتهم ببيان إمكان إعادة خلقهم يعيده الذي خلقهم أول مرة كما قال تعالى ( فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة ) وغير ذلك من الآيات الحائمة حول هذا المعنى .
وافتتاح الجملة بالمبتدإ المخبر عنه بالخبر الفعلي دون أن تفتتح ب ( خلقناهم ) أو نحن خالقون لإفادة تقوي الخبر وتحقيقه بالنظر إلى المعنيين بهذا الكلام وإن لم يكن خطابا لهم ولكنهم هم المقصود منه .
وتقوية الحكم بناء على تنزيل أولئك المخلوقين منزلة من يشك في أن الله خلقهم حيث لم يجرؤوا على موجب العلم فأنكروا أن الله يعيد الخلق بعد البلى فكأنهم يسندون الخلق الأول لغيره . وتقوي الحكم يترتب عليه أنه إذا شاء بدل أمثالهم بإعادة أجسادهم فلذلك لم يحتج إلى تأكيد جملة ( وإذا شئنا بدلنا أمثالهم ) استغناء بتولد معناها عن معنى التي قبلها وإن كان هو أولى بالتقوية على مقتضى الظاهر . وهذا التقوي هنا مشعر بأن كلاما يعقبه هو مصب التقوي ونظيره في التقوي والتفريع قوله تعالى ( نحن خلقناكم فلولا تصدقون أفرأيتم ما تمنون ) إلى قوله ( وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم ) فإن المفرع هو ( أفرأيتم ما تمنون ) وما اتصل به . وجملة ( فلولا تصدقون ) معترضة وقد مضى في سورة الواقعة .
فأمثالهم : هي الأجساد الثانية إذ هي أمثال لأجسادهم الموجودة حين التنزيل .
والشد : الإحكام وإتقان ارتباط أجزاء الجسد بعضها ببعض بواسطة العظام والأعصاب والعروق إذ بذلك يستقل الجسم .
والأسر : الربط وأطلق هنا على الإحكام والإتقان على وجه الاستعارة .
والمعنى : أحكمنا ربط أجزاء أجسامهم فكانت مشدودا بعضها على بعض .
وقوله : ( ولو شئنا بدلنا أمثالهم ) إخبار بأن الله قادر على أن يبدلهم بناس آخرين .
فحذف مفعول ( شئنا ) لدلالة جواب ( إذا ) عليه كما هو الشأن في فعل المشيئة غالبا .
واجتلاب ( إذا ) في هذا التعليق لأن شأن ( إذا ) أن يفيد اليقين بوقوع ما قيد بها بخلاف حرف ( إن ) فهو إيماء إلى أن حصول هذه المشيئة مستقرب الوقوع .
A E