وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ثم اكدت الكناية عن الإنذار المأخوذة من قوله ( وأن لو استقاموا على الطريق لأسقيناهم ) الآية بصريح الإنذار بقوله ( ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا ) أي فإن أعرضوا أنقلب حالهم إلى العذاب فسلكنا بهم مسالك العذاب .
والسلك : حقيقته الإدخال وفعله قاصر ومتعد يقال : سلكه فسلك قال الأعشى : .
" كما سلك السكي في الباب فيتق أي أدخل المسمار في الباب نجار .
وتقدم عند قوله تعالى ( كذلك نسلكه في قلوب المجرمين ) في سورة الحجر .
واستعمل السلك هنا في معنى شدة وقوع الفعل على طريق الاستعارة وهي استعارة عزيزة . والمعنى : نعذبه عذابا لا مصرف عنه .
وانتصب ( عذابا ) على نزع الخافض وهو حرف الظرفية وهي ظرفية مجازية تدل على أن العذاب إذا حل به يحيط به إحاطة الظرف بالمظروف .
والعدول عن الإضمار إلى الإظهار في قوله ( عن ذكر ربه ) دون أن يقول : عن ذكرنا أو عن ذكري لاقتضاء الحال الإيماء إلى وجه بناء الخبر فإن المعرض عن ربه الذي خلقه وأنشأه ودبره حقيق بأن يسلك عذابا صعدا .
والصعد : الشاق الغالب وكأنه جاء من مصدر صعد كفرح إذا علا وأرتفع أي صعد على مفعوله وغلبه كما يقال : علاه بمعنى تمكن منه ( وأن لا تعلوا على الله ) .
وقرأ الجمهور ( نسلكه ) بنون العظمة ففيه التفات . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف يسلكه بياء الغائب فالضمير المستتر يعود إلى ربه .
( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا [ 18 ] ) اتفق القراء العشرة على فتح الهمزة في ( وأن المساجد لله ) فهي معطوفة على مرفوع ( أوحي إلي أنه أستمع نفر من الجن ) ومضمونها مما أوحي به إلى النبي A وأمر بأن يقوله . والمعنى : قل أوحي إلي أن المساجد لله فالمصدر المنسبك مع ( أن ) واسمها وخبرها نائب فاعل ( أوحي ) .
والتقدير : أوحي إلي اختصاص المساجد بالله أي بعبادته لأن بناءها إنما كان ليعبد الله فيها وهي معالم التوحيد .
وعلى هذا الوجه حمل سيبويه الآية وتبعه أبو علي بالحجة .
وذهب الخليل أن الكلام على حذف لام جر قبل ( أن ) فالمجرور مقدم على متعلقه للاهتمام . والتقدير : ولأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا .
واللام في قوله ( الله ) للاستحقاق أي الله مستحقها دون الأصنام والأوثان فمن وضع الأصنام في مساجد الله فقد اعتدى على الله .
والمقصود هنا هو المسجد الحرام لأن المشركين كانوا وضعوا فيه الأصنام وجعلوا الصنم ( هبل ) على سطح الكعبة قال تعالى ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها ) يعني بذلك المشركين من قريش .
A E وهذا توبيخ للمشركين على اعتدائهم على حق الله وتصرفهم فيما ليس لهم أن يغيروه قال تعالى ( وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه ) وإنما عبر في هذه الآية وفي آية ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله ) بلفظ ( مساجد ) ليدخل الذين يفعلون مثل فعلهم معهم في هذا الوعيد ممن شاكلهم ممن غيروا المساجد أو لتعظيم المسجد الحرام . كما جمع ( رسلي ) في قوله ( فكذبوا رسلي فكيف كان نكير ) على تقدير أن يكون ضمير ( كذبوا ) عائد إلى ( الذين كفروا ) في قوله ( وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين ) أي كذبوا رسولي .
ومنه قوله تعالى ( وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم ) يريد نوحا وهو أول رسول فهو مقصود بالجمع .
وفرع على اختصاص كون المساجد بالله النهي عن أن يدعوا مع الله أحدا وهذا إلزام لهم بالتوحيد بطريق القول بالموجب لأنهم كانوا يزعمون أنهم أهل بيت الله فعبادتهم غير الله منافية بزعمهم ذلك .
( وإنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا [ 19 ] قال إنما أدعوا ربي ولا أشرك به أحدا [ 20 ] ) قرأ نافع وحده وأبو بكر عن عاصم بكسر الهمزة . وقرأه بقية العشرة في رواياتهم المشهورة بالفتح .
ومآل القراءتين سواء في كون هذا خارجا عما صدر عن الجن وفي كونه مما أوحى الله به