وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وشبه حلول الكافرين في جهنم بحلول الحطب في النار على طريقة التمليح والتحقير أي هم لجهلهم كالحطب الذي لا يعقل كقوله تعالى ( فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة ) .
وإقحام فعل ( كانوا ) لتحقيق مصيرهم إلى النار حتى كأنهم كانوا كذلك من زمن مضى .
( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا [ 16 ] لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا [ 17 ] ) أتفق القراء العشرة على فتح همزة ( أن لو استقاموا ) فجملة ( أن لو استقاموا ) معطوفة على جملة ( أنه استمع نفر من الجن ) والواو من الحكاية لا من المحكي فمضمونها شأن ثان مما أوحي إلى النبي A وأمره الله أن يقوله للناس . والتقدير : وأوحي إلي أنه لو استقام القاسطون فأسلموا لما أصابهم الله بإمساك الغيث .
و ( أن ) مخففة من الثقيلة وجيء ب ( أن ) المفتوحة الهمزة لأن ما بعدها معمول لفعل ( أوحي ) فهو في تأويل المصدر واسمها محذوف وهو ضمير الشأن وخبره ( لو استقاموا ) إلى آخر الجملة . وسبك الكلام : أوحي إلي إسقاء الله إياهم ماء في فرض استقامتهم .
وضمير ( استقاموا ) يجوز أن يعود إلى القاسطين بدون اعتبار القيد بأنهم من الجن وهو من عود الضمير إلى اللفظ مجردا عن ما صدقه كقولك : عندي درهم ونصفه أي نصف درهم آخر .
ويجوز أن يكون عائدا إلى غير مذكور في الكلام ولكنه معروف من المقام إذ السورة مسوقة للتنبيه على عناد المشركين وطعنهم في القرآن فضمير ( استقاموا ) عائد إلى المشركين وذلك كثير في ضمائر الغيبة التي في القرآن وكذلك أسماء الإشارة كما تنبهنا إليه ونبهنا عليه ولا يناسب أن يعاد على القاسطين من الجن إذ لا علاقة للجن بشرب الماء .
والاستقامة على الطريقة : استقامة السير في الطريق وهي السير على بصير بالطريق دون اعوجاج ولا اغترار ببنيات الطريق .
والطريقة : الطريق ولعلها خاصة بالطريق الواسع الواضح كما تقدم آنفا في قوله ( كنا طرائق قددا ) .
والاستقامة على الطريقة تمثيل لهيئة المتصف بالسلوك الصالح والاعتقاد الحق بهيئة السائر سيرا مستقيما على طريقة ولذلك فالتعريف في ( الطريقة ) للجنس لا للعهد .
وقوله ( لأسقيناهم ماء غدقا ) : وعد بالجزاء على الاستقامة في الدين جزاءا حسنا في الدنيا يكون عنوانا على رضى الله تعالى وبشارة بثواب الآخرة قال تعالى ( من عمل صالحا من ذكرا أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) .
A E وفي هذا إنذار بأنه يوشك أن يمسك عنهم المطر فيقعوا في القحط والجوع وهو ما حدث عليهم بعد هجرة النبي A إلى المدينة ودعائه عليهم بسنين كسني يوسف فإنه دعا بذلك في المدينة في القنوت كما في حديث الصحيحين عن أبي هريرة وقد بينا ذلك في سورة الدخان . وقد كانوا يوم نزول هذه الآية في بحبوة من العيش وفي نخيل وجنات فكان جعل ترتب الإسقاء على الاستقامة على الطريقة كما اقتضاه الشرط بحرف ( لو ) مشيرا إلى أن المراد : لأدمنا عليهم الإسقاء بالماء الغدق وإلى أنهم ليسوا بسالكين سبيل الاستقامة فيوشك أن يمسك عنهم الري ففي هذا إنذار بأنهم إن استمروا على اعوجاج الطريقة أمسك عنهم الماء . وبذلك يتناسب التعليل بالإفتان في قوله ( لنفتنهم فيه ) مع الجملة السابقة إذ يكون تعليلا لما تضمنه معنى إدامة الإسقاء فإنه تعليل للإسقاء الموجود حين نزول الآية وليبس تعليلا للإسقاء المفروض في جواب ( لو ) لأن جواب ( لو ) منتف فلا يصلح لأن يعلل به وإنما هم مفتونون بما هم فيه من النعمة فأراد الله أن يوقظ قلوبهم بأن استمرار النعمة عليهم فتنة لهم فلا تغرنهم . فلام التعليل في قوله ( لنفتنهم فيه ) ظرف مستقر في موضع الحال من ( ماء غدقا ) وهو الماء الجاري لهم في العيون ومن السماء تحت جناتهم وفي زروعهم فهي حال متقاربة .
وبهذا التفسير تزول الحيرة في استخلاص معنى الآية وتعليلها .
والغدق : بفتح الغين المعجمة وفتح الدال الماء الغزير الكثير .
وجملة ( لنفتنهم فيه ) إدماج فهي معترضة بين جملة ( وأن لو استقاموا على الطريقة ) الخ وبين جملة ( ومن يعرض عن ذكر ربه ) الخ