وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

بعد أن ذكروا قومهم بعذاب الله في الدنيا أو اطمأنوا بتذكر ذلك في نفوسهم عادوا إلى ترغيبهم في الإيمان بالله وحده وتحذيرهم من الكفر بطريق المفهوم . وأريد بالهدى القرآن إذ هو المسموع لهم ووصفوه بالهدى للمبالغة في أنه هاد .
ومعنى ( يؤمن بربه ) أي بوجوده وانفراده بالإلهية كما يشعر به إحضار اسمه بعنوان الرب إذ الرب هو الخالق فما لا يخلق لا يعبد .
وجملة ( فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) يجوز أن تكون من القول المحكي عن الجن . ويجوز أن تكون كلاما من الله موجها للمشركين وهي معترضة بين الجملتين المتعاطفتين .
والبخس : الغبن في الأجر ونحوه .
والرهق : الإهانة أي لا يخشى أن يبخس في الجزاء على إيمانه ولا أن يهان . وفهم منه أن من لا يؤمن يهان بالعذاب . والخلاف في كسر همزة ( إنا ) وفتحها كالخلاف في التي قبلها .
وجملة ( فلا يخاف بخسا ولا رهقا ) جواب لشرط ( من ) جعلت بصورة الجملة الاسمية فقرنت بالفاء مع أن ما بعد الفاء فعل وشأن جواب الشرط أن لا يقترن بالفاء إلا إذا كان غير صالح لأن يكون فعل الشرط فكان اقترانه بالفاء وهو فعل مضارع مشيرا إلى إرادة جعله خبر مبتدأ محذوف بحيث تكون الجملة اسمية والاسمية تقترن بالفاء إذا وقعت جواب شرط فكان التقدير هنا : فهو لا يخاف ليكون دالا على تحقيق سلامته من خوف البخس والرهق وليدل على اختصاصه بذلك دون غيره الذي لا يؤمن بربه فتقدير المسند إليه قبل الخبر الفعلي يقتضي التخصيص تارة والتقوي أخرى وقد يجتمعان كما تقدم في قوله تعالى ( الله يستهزئ بهم ) . واجتمعا هنا كما أشار إليه في الكشاف بقوله : فكان دالا على تحقيق أن المؤمن ناج لا محالة وأنه هو المختص بذلك دون غيره . وكلام الكشاف اقتصر على بيان مزية الجملة الاسمية وهو يقتضي توجيه العدول عن جزم الفعل لأجل ذلك .
وقد نقول : إن العدول عن تجريد الفعل من الفاء وعن جزمه لدفع إيهام أن تكون ( لا ) ناهية فهذا العدول صراحة في إرادة الوعد دون احتمال إرادة النهي .
وفي شرح الدماميني على التسهيل أن جواب الشرط إذا كان فعلا منفيا ب ( لا ) يجوز الاقتران بالفاء وتركه . ولم أره لغيره وكلام الكشاف يقتضي أن الاقتران بالفاء واجب إلا إذا قصدت مزية أخرى .
( وإنا منا المسلمون ومنا القاسطون ) قرأ الجمهور وأبو جعفر بكسر الهمزة . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وخلف بفتحها وهو من قول الجن وهو عطف على المجرور بالباء . والمقصود بالعطف قوله ( فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا ) وما قبله توطئة له أي أصبحنا بعد سماع القرآن منا المسلمون أي الذين اتبعوا ما جاء به الإسلام مما يليق بحالهم ومنا القاسطون أي الكافرون المعرضون وهذا تفصيل لقولهم ( وإنا منا الصالحون ومنا دون ذلك ) لأن فيه تصريحا بأن دون ذلك هو ضد الصلاح .
والظاهر أن من منتهى ما حكي عن الجن من المدركات التي عبر عنها بالقول وما عطف عليه .
( فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا [ 14 ] وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا [ 15 ] ) A E الظاهر أن هذا خارج عن الكلام المحكي عن الجن وأنه كلام من جانب الله تعالى لموعظة المشركين من الناس فهو في معنى التذييل . وإنما قرن بالفاء لتفريعه على القصة لاستغلال العبرة منها فالتفريع تفريع كلام على كلام وليس تفريع معنى الكلام على معنى الكلام الذي قبله .
والتحري : طلب الحرا بفتحتين مقصورا واويا وهو الشيء الذي ينبغي أن يفعل يقال : بالحري أن تفعل كذا وأحرى أن تفعل .
والرشد : الهدى والصواب وتنوينه للتعظيم .
والمعنى : أن من آمن بالله فقد توخى سبب النجاة وما يحصل به الثواب لأن الرشد سبب ذلك .
والقاسط : اسم فاعل قسط من باب ضرب قسطا بفتح القاف وقسوطا بضمها أي جار فهو كالظلم يراد به ظلم المرء نفسه بالإشراك . وفي الكشاف : أن الحجاج قال لسعيد بن جبير حين أراد قتله ما تقول في ؟ قال : قاسط عادل فقال القوم ما أحسن ما قال ! حسبوا أنه وصفه بالقسط " بكسر القاف " والعدل فقال الحجاج : يا جهلة إنه سماني ظالما مشركا وتلا لهم قوله تعالى ( وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) وقوله تعالى ( ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) اه