وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( وإنا لاندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا [ 10 ] ) قرأه الجمهور وأبو جعفر بكسر الهمزة وهو ظاهر المعنى . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وخلف بفتحها عطفا على المجرور بالباء كما تقدم فيكون المعنى : وآمنا بأنا انتفى علمنا بما يراد بالذين في الأرض أي الناس أي لأنهم كانوا يسترقون علم ذلك فلما حرست السماء انقطع علمهم بذلك . هذا توجيه القراءة بفتح همزة ( أنا ) ومحاولة غير هذا تكلف .
وهذه نتيجة ناتجة عن قولهم ( وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع ) الخ لأن ذلك السمع كان لمعرفة ما يجري به الأمر من الله للملائكة ومما يخبرهم به مما يريد إعلامهم به فكانوا على علم من بعض ما يتلقفونه فلما منعوا السمع صاروا لا يعلمون شيئا من ذلك فأخبروا إخوانهم بهذا عساهم أن يعتبروا بأسباب هذا التغير فيؤمنوا بالوحي الذي حرسه الله من أن يطلع عليه أحد قبل الذي يوحى به إليه والذي يحمله إليه .
فحاصل المعنى : إنا الآن لا ندري ماذا أريد بأهل الأرض من شر أو خير بعد أن كنا نتجسس الخبر في السماء .
وهذا تمهيد لما سيقولونه من قولهم ( وإنا منا الصالحون ) ثم قولهم ( وإنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ) ثم قولهم ( وإنا لما سمعنا الهدى آمنا به ) إلى قوله ( فكانوا لجهنم حطبا ) .
ومفعول ( ندري ) هو ما دل عليه الاستفهام بعده من قوله ( أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ) وهو الذي علق فعل ( ندري ) عن العمل . والاستفهام حقيقي وعادة المعربين لمثله أن يقدروا مفعولا يستخلص من الاستفهام تقديره : لا ندري جواب هذا الاستفهام وذلك تقدير معنى لا تقدير إعراب . هذا هو تفسير الآية على المعنى الأكمل وهي من قبيل قوله تعالى ( وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) .
وليس المراد منها فيما نرى أنهم ينفون أن يعلموا ماذا أراد الله بهذه الشهب فإن ذلك لا يناسب ما تقدم من أنهم آمنوا بالقرآن إذ قالوا ( إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ) وقولهم ( فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) فذلك صريح في أنهم يدرون أن الله أراد بمن في الأرض خيرا بهذا الدين وبصرف الجن عن استراق السمع .
وتكرير ( إن ) واسمها للتأكيد لكون هذا الخبر معرضا لشك السامعين من الجن الذين لم يختبروا حراسة السماء .
والرشد : إصابة المقصود النافع وهو وسيلة للخير فلهذا الاعتبار جعل مقابلا للشر وأسند فعل إرادة الشر إلى المجهول ولم يسند إلى الله تعالى مع أن مقابلة أسند إليه بقوله ( أم أراد بهم ربهم رشدا ) جريا على واجب الأدب مع الله تعالى في تحاشي إسناد الشر إليه .
( وإنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا [ 11 ] ) A E قرأ الجمهور وأبو جعفر بكسر الهمزة . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وخلف بفتحها وهو من قول الجن .
وقراءة فتح الهمزة عطف على المجرور بالباء أي آمنا بأنا منا الصالحون أي أيقنا بذلك وكنا في جهالة عن ذلك .
ظهرت عليهم آثار التوفيق فعلموا أنهم أصبحوا فريقين فريق صالحون وفريق ليس بصالحين وهم يعنون بالصالحين أنفسهم وبمن دون الصلاح بقية نوعهم فلما قاموا مقام دعوة إخوانهم إلى اتباع طريق الخير لم يصارحوهم بنسبتهم إلى الإفساد بل ألهموا وقالوا منا الصالحون ثم تلطفوا فقالوا : ومنا دون ذلك الصادق بمراتب متفاوتة في الشر والفساد ليتطلب المخاطبون دلائل التمييز بين الفريقين على أنهم تركوا لهم احتمال أن يعنى بالصالحين الكاملون في الصلاح فيكون المعني بمن دون ذلك من هم دون مرتبة الكمال في الصلاح وهذا من بليغ العبارات في الدعوة والإرشاد إلى الخير .
ودون : اسم بمعنى ( تحت ) وهو ضد فوق ولذلك كثر نصبه على الظرفية المكانية أي في مكان منحط من الصالحين .
والتقدير : ومنا فريق في مرتبة دونهم .
وظرفية ( دون ) مجازية . ووقع الظرف هنا ظرفا مستقرا في محل الصفة لموصوف محذوف تقديره : فريق كقوله تعالى ( وما منا إلا له مقام معلوم ) ويطرد حذف الموصوف إذا كان بعض اسم مجرور بحرف ( من ) مقدم عليه وكانت الصفة ظرفا كما هنا أو جملة كقول العرب : منا ظعن ومنا مقام .
وقوله ( كنا طرائق قددا ) تشبيه بليغ شبه تخالف الأحوال والقائد بالطرائق تفضي كل واحدة منها إلى مكان لا تفضي إليه الأخرى