وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واللام في قوله ( للسمع ) لام العلة أي لأجل السمع أي لأن نسمع ما يجري في العالم العلوي من تصاريف الملائكة بالتكوين والتصريف ولعل الجن منساقون إلى ذلك بالجبلة كما تنساق الشياطين إلى الوسوسة وضمير ( منها ) للسماع .
و ( من ) تبعيضية أي من ساحاتها وهو متعلق ب ( نقعد ) وليس المجرور حالة من ( مقاعد ) مقدما على صاحبه لأن السياق في الكلام على حالهم في السماع فالعناية بمتعلق فعل القعود أولى ونظيره قول كعب : .
يمشي القراد عليها ثم يزلقه ... منها لبان وأقرب زهاليل فقوله ( منها ) متعلق بفعل ( يزلقه ) وليس حالا من ( لبان ) .
واعلم أنه قد جرى على قوله تعالى ( مقاعد للسمع ) مبحث في مباحث فصاحة الكلمات نسبه ابن الأثير في المثل السائر إلى ابن سنان الخفاجي فقال : إنه قد يجيء من الكلام ما معه قرينه فأوجب قبحه كقول الرضي في رثاء الصابي : .
أعزز علي بأن أراك وقد خلا ... عن جانبيك مقاعد العواد فإن إيراد هذه اللفظة أي ( مقاعد ) في هذا الموضع صحيح إلا أنه يوافق ما يكره ذكره لا سيما وقد أضافه إلى من يحتمل إضافته " أي ما يكره " إليه وهم العواد . ولو انفرد لكان الأمر فيه سهلا . قال ابن الأثير : هذه اللفظة المعيبة في شعر الرضي قد جاءت في القرآن فجاءت حسنة مرضية في قوله تعالى ( تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ) وقوله ( وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع ) ألا ترى أنها في هاتين الآيتين غير مضافة إلى من تقبح إضافتها إليه ولو قال الشاعر بدلا من مقاعد العواد مقاعد الزيارة لزالت تلك الهجنة اه . وأقوال : إن لمصطلحات الناس في استعمال الكلمات أثر في وقع الكلمات عند الأفهام .
والفاء التي فرعت ( من يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) تفريع على محذوف دل عليه فعل ( كنا ) وترتب الشرط وجزائه عليه . وتقديره : كنا نقعد منها " أي من السماء " مقاعد للسمع فنستمع أشياء فمن يستمع الآن لا يتمكن من السماع .
وكلمة ( الآن ) مقابل كلمة ( كنا ) أي كان ذلك ثم انقضى .
وجيء بصيغة الشرط وجوابه في التفريع لأن الغرض تحذير إخوانهم من التعرض للاستماع لأن المستمع يتعرض لأذى الشهب .
والجن لا تنكف عن ذلك لأنهم منساقون إليه بالطبع مع ما ينالهم من أذى الرجم والاحتراق شأن انسياق المخلوقات إلى ما خلقت له مثل تهافت الفراش على النار لاحتمال ضعف القوة المفكرة في الجن بحيث يغلب عليها الشهوة ونحن نرى البشر يقتحمون الأخطار والمهالك تبعا للهوى مثل مغامرات الهواة في البحار والجبال والثلوج .
ووقوع ( شهابا ) في سياق الشرط يفيد العموم لأن سياق الشرط بمنزلة سياق النفي في إفادة عموم النكرة .
A E والرصد : اسم جمع راصد وهو الحافظ للشيء وهو وصف ل ( شهابا ) أي شهبا راصدة ووصفها بالرصد استعارة شبهت بالحراس الراصدين . وهذا إشارة إلى انقراض الكهانة إذ الكاهن يتلقى من الجني أنباء مجملة بما يتلقفه الجني من خبر الغيب تلقف اختطاف ناقصا فيكمله الكاهن بحدسه بما يناسب مجاري أحوال قومه وبلده . وفي الحديث " فيزيد على تلك الكلمة مائة كذبة " .
وأما اتصال نفوس الكهان بالنفوس الشيطانية فيجوز أن يكون من تناسب بين النفوس ومعظمه أوهام . وسئل رسول الله A عن الكهان فقال " ليسوا بشيء " .
أخرج البخاري عن ابن عباس قال " كان الجن يستمعون الوحي " أي وحي الله إلى الملائكة بتصاريف الأمور " فلما بعث رسول الله A منعوا قالوا : ما هذا إلا لأمر حدث فضربوا في الأرض يتحسسون السبب فلما وجدوا رسول الله قائما يصلي بمكة قالوا : هذا الذي حدث في الأرض فقالوا لقومهم : ( إنا سمعنا قرآنا عجبا ) الآية وأنزل على نبيه ( قل أوحي أنه استمع نفر من الجن ) وإنما أوحي إليه قول الجن اه .
ولعل كيفية حدوث رجم الجن بالشهب كان بطريقة تصريف الوحي إلى الملائكة في مجار تمر على مواقع انقضاض الشهب حتى إذا اتصلت قوى الوحي بموقع أحد الشهب انفصل الشهاب بقوة ما يغطه من الوحي فسقط مع مجرى الوحي ليحرسه من اقتراب المسترق حتى يبلغ إلى الملك الموحى إليه فلا يجد في طريقه قوة شيطانية أو جنية إلا أحرقها وبخرها فهلكت أو استطيرت وبذلك بطلت الكهانة وكان ذلك من خصائص الرسالة المحمدية