وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالفاء لتفريع الأمر بالصبر على جملة ( سأل سائل ) إذا كان ذلك السؤال بمعنييه استهزاء وتعريضا بالتكذيب فشأنه أن لا تصبر عليه النفوس في العرف .
والصبر الجميل : الصبر الحسن في نوعه وهو الذي لا يخالطه شيء مما ينافي حقيقة الصبر أي اصبر صبرا محضا فإن جمال الحقائق الكاملة بخلوصها عما يعكر معناها من بقايا أضدادها وقد مضى قوله تعالى عن يعقوب ( فصبر جميل ) في سورة يوسف وسيجيء قوله تعالى ( واهجرهم هجرا جميلا ) في المزمل .
( إنهم يرونه بعيدا [ 6 ] ونراه قريبا [ 7 ] ) تعليل لجملتي ( سأل سائل بعذاب واقع ) ولجملة ( فاصبر صبرا جميلا ) أي سألوا استهزاء لأنهم يرونه محالا وعليك بالصبر لأنا نعلم تحققه أي وأنت تثق بأنه قريب أي محقق الوقوع وأيضا هو تجهيل لهم إذا اغتروا بما هم فيه من الأمن ومسالمة العرب لهم ومن الحياة الناعمة فرأوا العذاب الموعود بعيدا إن كان في الدنيا فلأمنهم وإن كان في الآخرة فلإنكارهم البعث والمعنى : وأنت لا تشبه حالهم وذلك يهون الصبر عليك فهو من باب ( ولا تتبع أهوائهم ) ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه ) .
و ( بعيدا ) هنا كناية عن معنى الإحالة لأنهم لا يؤمنون بوقوع العذاب الموعود به ولكنهم عبروا عنه ببعيد تشكيكا للمؤمنين فقد حكى الله عنهم أنهم قالوا ( أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ) .
واستعمل ( قريبا ) كناية عن تحقق الوقوع على طريق المشاكلة التقديرية والمبالغة في التحقيق . وبين ( بعيدا ) و ( قريبا ) محسن الطباق .
( يوم تكون السماء كالمهل [ 8 ] وتكون الجبال كالعهن [ 9 ] ولا يسئل حميما حميما [ 10 ] يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه [ 11 ] وصاحبته وأخيه [ 12 ] وفصيلته التي تئويه [ 13 ] ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه [ 14 ] كلا إنها لظى [ 15 ] نزاعة للشوى [ 16 ] تدعوا من أدبر وتولى [ 17 ] وجمع فأوعى [ 18 ] ) يجوز أن يتعلق ب ( يوم تكون السماء ) بفعل ( تعرج ) وأن يتعلق ب ( يود المجرم ) قدم عليه للاهتمام بذكر اليوم فيكون قوله ( يوم تكون السماء كالمهل ) ابتداء الكلام والجملة المجعولة مبدأ كلام تجعل بدل اشتمال من جملة ( لا يسأل حميم حميما ) لأن عم المسائلة مسبب عن شدة الهول ومما يشتمل عليه ذلك أن يود المول لو يفتدي من ذلك العذاب .
و ( المهل ) : دردي الزيت .
والمعنى : تشبيه السماء في انحلال أجزائها بالزيت وهذا كقوله في سورة الرحمن ( فكانت وردة كالدهان ) .
والعهن : الصوف المصبوغ قيل المصبوغ مطلقا وقيل المصبوغ ألوانا مختلفة وهو الذي درج عليه الراغب والزمخشري قال زهير : .
كان فتات العهن في كل منزل ... نزلن به حب الفنا لم يحطم والفنى بالقصر : حب في البادية يقال له : عنب الثعلب وله ألوان بعضه أخضر وبعضه أصفر وبعضه أحمر . والعهنة : شجر بالبادية لها ورد أحمر .
ووجه الشبه بالعهن تفرق الأجزاء كما جاءت في آية القارعة ( وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) فإيثار العهن بالذكر لإكمال المشابهة لأن الجبال ذات ألوان قال تعالى ( ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانه ) . وإنما تكون السماء والجبال بهاته الحالة حين ينحل تماسك أجزائهما عند انقراض هذا العالم والمصير إلى عالم الآخرة .
ومعنى ( لا يسأل حميم حميما ) لشدة ما يعتري الناس من الهول فمن شدة ذلك أن يرى الحميم حميمه في كرب وعناء فلا يتفرغ لسؤاله عن حاله لأنه في شاغل عنه فحذف متعلق ( يسأل ) لظهوره من المقام ومن قوله ( يبصرونهم ) أي يبصر الأخلاء أحوال أخلائهم من الكرب فلا يسأل حميم حميما قال كعب بن زهير : .
وقال كل خليل كنت آمله ... لا ألهينك إني عنك مشغول والحميم : الخليل الصديق .
A E وقرأ الجمهور بفتح ياء ( يسأل ) على البناء للفاعل وقرأه أبو جعفر والبزي عن ابن كثير بضم الياء على البناء للمجهول . فالمعنى : لا يسأل حميم عن حميم بحذف حرف الجر