وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( السابقون ) ثانيا يجوز جعله خبرا عن ( السابقون ) الأول كما أخبر عن أصحاب الميمنة بأنهم ( ما أصحاب الميمنة ) لأنه يدل على وصفهم بشيء لا يكتنه كنهه بحيث لا يفي به التعبير بعبارة غير تلك الصف إذ هي أقصى ما يسعه التعبير فإذا أراد السامع أن يتصور صفاتهم فعليه أن يتدبر حالهم وهذا على طريقة قوله ( وأولئك هم المفلحون ) . ويجوز جعله تأكيدا للأول . فمآل جملة ( ما أصحاب الميمنة ) ونظيرتها وجملة ( والسابقون السابقون ) هو التعجب من حالهم وطريقة هو الكناية ولكن بين الكنايتين فرقا بين إحداهما كانت من طريق السؤال عن الوصف والأخرى من طريق تعذر التعبير بغير ذلك الوصف .
والمعنى : أن حالهم بلغت منتهى الفضل والرفعة بحيث لا يجد المتكلم خبر يخبر به عنهم أدل على مرتبتهم من اسم ( السابقون ) فهذا الخبر أبلغ في الدلالة على شرف قدرهم من الإخبار ب ( ما ) الاستفهامية التعجيبية في قوله ( ما أصحاب الميمنة ) وهذا مثل قول أبي الطمحان القفيني : .
وإني من القوم الذين همو همو ... إذا مات منهم سيد قام صاحبه مع ما في اشتقاق لقبهم من ( السبق ) من الدلالة على بلوغهم أقصى ما يطلبه الطالبون .
A E وحذف متعلق ( السابقون ) في الآية لقصد جعل وصف ( السابقون ) بمنزلة اللقب لهم وليفيد العموم أي أنهم سابقون في كل ميدان تتسابق إليه النفوس الزكية كقوله تعالى ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) فهؤلاء هم السابقون إلى الإيمان بالرسل وهم الذين صحبوا الرسل والأنبياء وتلقوا منهم شرائعهم وهذا الصنف يوجد في جميع العصور من القدم ومستمر في الأمم إلى الأمة المحمدية وليس صنفا قد انقضى وسبق الأمة المحمدية . وأخر ( السابقون ) في الذكر عن أصحاب اليمين لتشويق السامعين إلى معرفة صنفهم بعد أن ذكر الصنفان الآخران من الأصناف الثلاثة ترغيبا في الاقتداء وجملة ( أولئك المقربون في جنات النعيم ) مستأنفة استئنافا بيانيا لأنها جواب عما يثيره قوله ( والسابقون السابقون ) من تساؤل السامع عن أثر التنويه بهم .
وبذلك كان هذا ابتداء تفصيل لجزاء أصناف الثلاثة على طريقة النشر بعد اللف نشرا مشوشا تشويشا اقتضته مناسبة اتصال المعاني بالنسبة إلى كل صنف أقرب ذكرا ثم مراعاة الأهم بالنسبة إلى الصنفين الباقيين فكان بعض الكلام آخذا بحجز بعض .
والمقرب : أبلغ من الغريب لدلالة صيغته على الاصطفاء والاجتباء وذلك قرب مجازي أي شبه بالقرب في ملابسة القريب والاهتمام بشؤونه فإن المطيع لمجاهدته في الطاعة يكون كالمقترب إلى الله أي طالب القرب منه فإذا بلغ مرتبة عالية من ذلك قربه الله أي عامله معاملة المقرب المحبوب كما جاء " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذه " وكل هذه الأوصاف مجازية تقريبا لمعنى التقريب .
ولم يذكر متلق ( المقربون ) لظهور أنه مقرب من الله أي من عنايته وتفضيله وكذلك لم يذكر زمان التقريب ولا مكانه لقصد تعميم الأزمان والبقاع الاعتبارية في الدنيا والآخرة .
وفي جعل المسند إليه اسم إشارة تنبيه على أنهم أحرياء بما يخبر عنه من أجل الوصف الوارد قبل اسم الإشارة وهو أنهم سابقون على نحو ما تقدم في قوله تعالى ( أولئك على هدى من ربهم ) في سورة البقرة .
وقوله ( في جنات النعيم ) خبر ثان عن ( أولئك المقربون ) أو حال منه .
وإيقاعه بعد وصف ( المقربون ) مشير إلى أن مضمونه من آثار التقريب المذكور .
( ثلة من الأولين [ 13 ] وقليل من الآخرين [ 14 ] ) اعتراض بين جملة ( في جنات النعيم ) وجملة ( على سرر موضونة ) .
و ( ثلة ) خبر عن مبتدأ محذوف تقديره : هم ثلة ومعاد الضمير المقدر ( السابقون ) أي السابقون ثلة من الأولين وقليل من الآخرين .
وهذا الاعتراض يقصد منه التنويه بصنف السابقين وتفضيلهم بطرق الكناية عن ذلك بلفظي ( ثلة ) و ( قليل ) المشعرين بأنهم قل من كثر فيستلزم ذلك أنهم صنف عزيز نفيس لما عهد في العرف من قلة الأشياء النفيسة وكقول السموأل " وقيل غيره " : .
تعيرنا أنا قليل عديدنا ... فقلت لها : إن الكرام قليل