وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا من معاني الحكمة لأن رغبة الإنسان في أن يكون ويتمناه حاصلا رغبة لو تبصر فيها صاحبها لوجد تحقيقها متعذرا لأن ما يتمناه أحد يتمناه غيره فتتعارض الأماني فإذا أعطي لأحد ما يتمناه حرم من يتمنى ذلك معه فيفضي ذلك إلى تعطيل الأمنيتين بالأخارة والقانون الذي أقام الله عليه نظام هذا الكون أن الحظوظ مقسمة ولكل أحد نصيب ومن حق العاقل أن يتخلق على الرضا بذلك وإلا كان الناس في عيشة مريرة . وفي الحديث " لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتقعد فإن لها ما كتب لها " .
وتفريع ( فلله الآخرة والأولى ) تصريح بمفهوم القصر الإضافي كما علمت آنفا . وتقديم المجرور لإفادة الحصر أي لله لا للإنسان .
والآخرة : العالم الأخروي والأولى : العالم الدنيوي . والمراد بهما ما يحتويان عليه من الأمور أي أمور الآخرة وأمور الأولى والمقصود من ذكرهما تعميم الأشياء مثل قوله ( رب المشرقين ورب المغربين ) .
وإنما قدمت الآخرة للاهتمام بها والتثنية إلا أنها التي يجب أن يكون اعتناء المؤمنين بها لأن الخطاب في هذه الآية للنبي A والمسلمين مع ما في هذا التقديم من الرعاية للفاصلة .
( وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى [ 26 ] ) لما بين الله أن أمور الدارين بيد الله تعالى وأن ليس للإنسان ما تمنى ضرب لذلك مثالا من الأماني التي هي أعظم أماني المشركين وهي قولهم في الأصنام ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) وقولهم ( هؤلاء شفعاؤناعند الله ) فبين إبطال قولهم بطريق فحوى الخطاب وهو أن الملائكة الذين لهم شرف المنزلة لأن الملائكة من سكان السماوات ( فهم لا يستطيعون إنكار أنهم أشرف من الأصنام ) لا يملكون الشفاعة إلا إذا أذن الله أن يشفع اذا شاء أن يقبل الشفاعة في المشفوع له فكيف يكون للمشركين ما تمنوا من شفاعة الأصنام للمشركين اللذين يقولون ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) وهي حجارة في الأرض وليست ملائكة في السماوات فثبت أن لا شفاعة إلا لمن شاء الله وقد نفى الله شفاعة الأصنام فبطل اعتقاد المشركين أنهم شفعاؤهم فهذه مناسبة عطف هذه الجملة على جملة ( أم للإنسان ما تمنى ) . وليس هذا الانتقال اقتضابا لبين عظم أمر الشفاعة .
و ( كم ) اسم يدل على كثرة العدد وهو مبتدأ والخبر ( لا تغني شفاعتهم ) .
وقد تقدم الكلام على ( كم ) في قوله تعالى ( سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ) في سورة البقرة وقوله ( وكم من قرية أهلكناها ) في الأعراف .
و ( في السماوات ) صفة ( لملك ) . والمقصود منها بيان شرفهم بشرف العالم الذي هم أهله وهو عالم الفضائل ومنازل الأسرار .
وجملة ( لا تغني شفاعتهم ) الخ خبر عن ( كم ) أي لا تغني شفاعة أحدهم فهو عام بوقوع الفعل في سياق النفي ولإضافة شفاعة إلى ضميرهم أي جميع الملائكة على كثرتهم وعلو مقدارهم لا تغني شفاعة واحد منهم .
A E و ( شيئا ) مفعول مطلق للتعميم أي شيئا من الإغناء لزيادة التنصيص على عموم نفي إغناء شفاعتهم .
ولما كان ظاهر قوله ( لا تغني شفاعتهم ) يوهم أنهم قد يشفعون فلا تقبل شفاعتهم وليس ذلك مرادا لأن المراد أنهم لا يجرأون على الشفاعة عند الله فلذلك عقب بالاستثناء بقوله ( إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) وذلك ما اقتضاه قوله ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) وقوله ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) أي إلا من بعد أن يأذن الله لأحدهم في الشفاعة ويرضى بقبولها في المشفوع له .
فالمراد ب ( من يشاء ) من يشاؤه الله منهم أي فإذا أذن لأحدهم قبلت شفاعته . واللام في قوله ( لمن يشاء ) هي اللام التي تدخل بعد مادة الشفاعة على المشفوع له فهي متعلقة بشفاعتهم عن حد قوله تعالى ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) وليست اللام متعلقة ب ( يأذن الله ) . ومفعول ( يأذن ) محذوف دل علي قوله ( لا تغني شفاعتهم ) . وتقديره : أن يأذنهم الله