وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا التفنن في معاني الظن في القرآن يشير إلى وجوب النظر في الأمر المظنون حتى يلحقه المسلم بما يناسبه من حسن أو ذم على حسب الأدلة ولذلك استنبط علماؤنا إن الظن لا يغني في إثبات أصول الاعتقاد وأن الظن الصائب تناط به تفاريع الشريعة .
والمراد بما تهوى الأنفس : ما لا باعث عليه إلا الميل الشهواني دون الأدلة فإن كل الشيء المحبوب قد دلت الأدلة على حقيقته فلا يزيده حبه إلا قبولا كما قال النبي A " ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه ورجل قلبه معلق بالمساجد " وقال " وجعلت قرة عيني في الصلاة " .
فمناط الذم في هذه الآية هو قصر اتباعهم على ما تهواه أنفسهم .
ثم أن للظن في المعاملات بين الناس والأخلاق النفسانية أحكاما ومراتب غير ما له في الديانات أصولها وفروعها فمنه محمود ومنه مذموم كما قال تعالى ( إن بعض الظن إثم ) وقيل : الحزن سوء الظن بالناس .
والتعريف في ( الأنفس ) عوض عن المضاف إليه أي وما تهواه أنفسهم و ( ما ) موصولة .
وعطف ( وما تهوى الأنفس ) على الظن عطف العلة على المعلول أي الظن الذي يبعثهم على اتباعهم انه موافق لهداهم وإلفهم .
وجملة ( ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) حالية مقررة للتعجيب من حالهم أي يستمرون على اتباع الظن والهوى في حال أن الله أريل إليهم رسولا بالهدى .
ولام القسم لتأكيد الخبر للمبالغة فيما يتضمنه من التعجيب من حالهم كأن المخاطب يشك في أنه جاءهم ما فيه هدى مقنع لهم من جهة استمرارهم على ضلالهم استمرارا لا يظن مثله بعاقل .
والتعبير عن الجلالة بعنوان ( ربهم ) لزيادة التعجيب من تصاممهم عن سماع الهدى مع أنه ممن تجب طاعته فكان ضلالهم مخلوطا بالعصيان والتمرد على خالقهم .
والتعريف في ( الهدى ) للدلالة على معنى الكمال أي الهدى الواضح .
( أم للإنسان ما تمنى [ 24 ] فلله الآخرة والأولى [ 25 ] ) إضراب انتقالي ناشئ عن قوله ( وما تهوى الأنفس ) .
والاستفهام المقدر بعد ( أم ) إنكاري قصد به إبطال نوال الإنسان ما يتمناه وأن يجعل ما يتمناه باعثا عن أعماله ومعتقداته بل عليه أن يتطلب الحق من دلائله وعلاماته وإن خالف ما يتمناه . وهذا متصل بقوله ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ) .
وهذا تأديب وترويض للنفوس على تحمل ما يخالف أهواءها إذا كان الحق مخالفا للهوى وليحمل نفسه عليه حتى تتخلق به .
وتعريف ( الإنسان ) تعريف الجنس ووقوعه في حيز الإنكار المساوي للنفي جعله عاما في كل إنسان .
A E والموصول في ( ما تمنى ) بمنزلة المعرف بلام الجنس ووقوعه في حيز الاستفهام الإنكاري الذي بمنزلة النفي يقتضي العموم أي ما للإنسان شيء مما تمنى أي ليس الشيء جاريا على إرادته بل على إرادة الله وقد شمل ذلك كل هوى دعاهم إلى الإعراض عن كلام الرسول A فشمل تمنيهم شفاعة الأصنام وهو الأهم من أحوال الأصنام عندهم وذلك ما يؤفن به قوله بعد هذا ( وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا ) الآية . وتمنيهم أن يكون الرسول ملكا وغير ذلك نحو قوله ( لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) وقولهم ( ائت بقرآن غير هذا أو بدله ) .
وفرع على الإنكار أن الله مالك الآخرة والأولى أي فهو يتصرف في أحوال أهلهما بحسب إرادته لا بحسب تمني الإنسان . وهذا إبطال لمعتقدات المشركين التي منها يقينهم بشفاعة أصنامهم .
وتقديم المجرور في ( للإنسان ما تمنى ) لأن محط الإنكار هو أمنيتهم أن تجري الأمور على حسب أهوائهم فلذلك كانوا يعرضون عن كل ما يخالف أهوائهم فتقديم المعمول هنا لإفادة القصر وهو قصر قلب أي ليس ذلك مقصورا عليهم كما هو مقتضى حالهم فنزلوا منزلة من يرون الأمور تجري على ما يتمنون أي بل أماني الإنسان بيد الله يعطي بعضها ويمنع بعضها كما دل عليه التفريع عقبه بقوله ( فلله الآخرة والأولى )