وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقرأ الجمهور ( ضيزي ) بياء ساكنة بعد الضاد وقرأه ابن كثير بهمزة ساكنة بعد الضاد مراعاة لأصل الفعل كما تقدم آنفا . وهذا وسم لهم بالجور زيادة على الكفر لأن التفكير في الجور كفعله فإن تخيلات الإنسان ومعتقداته عنوان على أفكاره وتصرفاته .
وجملة ( إن هي إلا أسماء سميتموها ) استئناف يكر بالإبطال على معتقدهم من أصله بعد إبطاله بما هو من لوازمه على مجاراتهم فيه لإظهار اختلال معتقدهم وفي هذه الجملة احتراس لئلا يتوهم متوهم إنكار نسبتهم البنات لله انه إنكار لتخصيصهم الله بالبنات وأن له أولادا ذكورا وإناثا أو أن مصب الإنكار على زعمهم أنها بنات وليست ببنات فيكون كالإنكار عليهم في زعمهم الملائكة بنات . والضمير ( هي ) عائد إلى اللات والعزى ومناة . وما صدق الضمير الذات والحقيقة أي ليست هذه الأصنام إلا أسماء لا مسميات لها ولا حقائق ثابتة وهذا كقوله تعالى ( ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها ) .
والقصر إضافي أي هي أسماء لا حقائق عاقلة متصرفة كما تزعمون وليس القصر حقيقيا لأن لهاته الأصنام مسميات وهي الحجارة أو البيوت التي يقصدونها بالعبادة ويجعلون لها سدنة .
وجملة ( ما أنزل الله بها من سلطان ) تعليل لمعنى القصر بطريقة الاكتفاء لأن كونها لا حقائق لها في عالم الشهادة أمر محسوس إذ ليست إلا حجارة .
وأما كونها لا حقائق لها من عالم الغيب فلأن عالم الغيب لا طريق إلى إثبات ما يحتويه إلا بإعلام من عالم الغيب سبحانه أو بدليل العقل كدلالة العالم على وجود الصانع وبعض صفاته والله لم يخبر أحدا من رسله بأن للأصنام أرواحا أو ملائكة مثل ما أخبر عن حقائق الملائكة والجن والشياطين .
والسلطان : الحجة وإنزالها من الله : الإخبار بها وهذا كناية عن انتفاء أن تكون عليها حجة لأن وجود الحجة يستلزم ظهورها فنفي إنزال الحجة بها من باب : .
" على لا حب لا يهتدي بمناره أي لا منار له فيهتدي به .
وعبر عن الإخبار الموحى به بفعل ( أنزل ) لأنه إخبار يرد من العالم العلوي فشبه بالدلاء جسم من أعلى إلى أسفل .
وكذلك عبر عن إقامة دلائل الوجود بالإنزال لأن النظر الفكري من خلق الله وشبه بالإنزال كقوله ( هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ) فاستعمال ( ما أنزل الله بها من سلطان ) من استعمال اللفظ في معنييه المجازيين . وفي معنى هذه الآية قوله تعالى ( ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس به علم ) في سورة الحج وتقدم في سورة يوسف قوله ( ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ) .
وأكد نفي إنزال السلطان بحرف ( من ) الزائدة لتوكيد نفي الجنس .
( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى [ 23 ] ) A E هذا تحويل عن خطاب المشركين الذي كان ابتداؤه من أول السورة وهو من ضروب الالتفات وهو استئناف بياني فضمير ( يتبعون ) عائد إلى الذين كان الخطاب موجها إليهم .
أعقب نفي أن تكون لهم حجة على الخصائص التي يزعمونها لأصنافهم أو على أن الله سماهم بتلك الأسماء بإثبات أنهم استندوا فيها يزعمونه إلى الأوهام وما تحبه نفوسهم من عبادة الأصنام ومحبة سدنتها ومواكب زيارتها وغرورهم بأنها تسعى في الوساطة لهم عند الله تعالى بما يرغبونه في حياتهم فتلك أوهام وأماني محبوبة لهم يعيشون في غرورها .
وجيء بالمضارع في ( يتبعون ) للدلالة على أنهم سيسمرون على اتباع الظن وما تهواه نفوسهم وذلك يدل على انهم اتبعوا ذلك من قبل بدلاله لحن الخطاب أو فحواه .
وأصل الظن الاعتقاد غير الجازم ويطلق على العلم الجازم إذا كان متعلقا بالمغيبات كما في قوله تعالى ( الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم ) في سورة البقرة وكثر إطلاقه في القرآن على الاعتقاد الباطل كقوله تعالى ( إن يتبعون إلى الظن وإن هم إلا يخرصون ) في سورة الأنعام ومنه قول النبي A " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " وهو المراد هنا بقرينة عطف ( وما تهوى الأنفس ) عليه كما عطف ( وإن هم إلا يخرصون ) على نظيره في سورة الأنعام وهو كناية عن الخطأ باعتبار لزومه له غالبا كما قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم )