وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي ذكر ( إذا هوى ) احتراس من أن يتوهم المشركون أن في القسم بالنجم إقرارا لعبادة نجم الشعرى, وأن القسم به اعتراف بأنه إله إذ كان بعض قبائل العرب يعبدونها فإن حالة الغروب المعبر عنها بالهوي حالة انخفاض ومغيب في تخيل الرائي لأنهم يعدون طلوع النجم أوجا لشرفه ويعدون غروبه حضيضا, ولذلك قال الله تعالى ( فلما أفل قال لا أحب الآفلين ) .
ومن مناسبات هذا يجيء قوله ( وأنه هو رب الشعرى ) في هذه السورة, وتلك اعتبارات لهم تخيلية شائعة بينهم فمن النافع موعظة الناس بذلك لأنه كاف في إقناعهم وصولا إلى الحق .
فيكون قوله ( إذا هوى ) إشعارا بأن النجوم كلها مسخرة لقدرة الله في مسيرة في نظام أوجدها عليه ولا اختيار لها فليست أهلا لأن تعبد فحصل المقصود من القسم بما فيها من الدلالة على القدرة الإلهية مع الاحتراس عن اعتقاد عبادتها .
وقال الراغب " قيل أراد بذلك " أي النجم " القرآن المنزل المنجم قدرا فقدرا, ويعني بقوله ( هوى ) نزوله " اه .
ومناسبة القسم بالنجم إذا هوى, أن الكلام مسوق لإثبات أن القرآن وحي من الله منزل من السماء فشابه حال نزوله الاعتباري حال النجم في حالة هويه مشابهة تمثيلية حاصلة من نزول شيء منير إنارة معنوية نازل من محل رفعة معنوية, شبه بحالة نزول نجم من أعلى الأفق إلى أسفله وهو تمثيل المعقول بالمحسوس, أو الإشارة إلى مشابهة حالة نزول جبريل من السماوات بحالة نزول النجم من أعلى مكانه إلى أسفله, أو بانقضاض الشهاب تشبيه محسوس بمحسوس, وقد يشبهون سرعة الجري بانقضاض الشهاب, قال أوس بن حجر يصف فرسا : .
فانقض كالدري يتبعه ... نقع يثور تخاله طنبا والضلال : عدم الاهتداء إلى الكريق الموصول إلى المقصود, وهو مجاز في سلوك ما ينافي الحق .
والغواية : فساد الرأي وتعلقه بالباطل .
والصاحب : الملازم للذي يضاف إليه وصف صاحب, والمراد بالصاحب هنا : الذي له ملابسات وأحوال مع المضاف إليه, والمراد به محمد A . وهذا كقول أبي معبد الخزاعي الوارد في أثناء قصة الهجرة لما دخل النبي A بيته وفيها أم معبد وذكرت له معجزة مسحه على ضرع شاتها " هذا صاحب قريش " , أي صاحب الحوادث الحادثة بينه وبينهم .
A E وإيثار التعبير عنه بوصف ( صاحبكم ) تعريض بأنهم أهل بهتان إذ نسبوا إليه ما ليس منه في شيء مع شدة اطلاعهم على أحواله وشؤونه إذ هو بينهم في بلد لا تتعذر فيه إحاطة علم أهله بحال واحد معين مقصود من بينهم . ووقع في خطبة الحجاج بعد دير الجماجم قوله للخوارج " ألستم أصحابي بالأهواز حين رمتم الغدر واستبطنتم الكفر " يريد أنه لا تخفى عنه أحوالهم فلا يحاولون التنصل من ذنوبهم بالمغالطة والتشكيك .
وهذا رد من الله على المشركين وإبطال في قولهم للنبي A لأنهم قالوا : مجنون, وقالوا : شاعر, وقالوا في القرآن : إن هذا إلا اختلاق .
فالجنون من الضلال لأن المجنون لا يهتدي إلى وسائل الصواب, والكذب والسحر ضلال وغواية, والشعر المتعارف بينهم غواية كما قال تعالى ( والشعراء يتبعهم الغاوون ) أي يحبذون أقوالهم لأنها غواية .
وعطف على جواب القسم ( ما ينطق عن الهوى ) وهذا وصف كمال لذاته . والكلام الذي ينطق به هو القرآن لأنهم قالوا فيه ( إن هو إلا إفك افتراه ) وقالوا ( أساطير الأولين اكتتبها ) وذلك ونحوه لا يعدو أن يكون اختراعه أو اختياره عن محبة لما يجترع وما يختار بقطع النظر عن كونه حقا أو باطلا فإن من الشعر حكمة ومنه حكاية واقعات ومنه تخيلات ومفتريات . وكله ناشئ عن محبة الشاعر أن يقول ذلك فأراهم الله أن القرآن داع إلى الخير .
و ( ما ) نافية نفت أن ينطق عن الهوى .
والهوى : ميل النفس إلى ما تحبه أو تحب أن تفعله دون أن يقتضيه العقل السليم الحكيم ولذلك يختلف الناس في الهوى ولا يختلفون في الحق وقد يحب المرء الحق والصواب فالمراد بالهوى إذا أطلق أنه الهوى المجرد عن الدليل .
ونفي النطق عن هوى يقتضي نفي جنس ما ينطق به عن الاتصاف بالصدور عن هوى سواء كان القرآن أو غيره من الإرشاد النبوي بالتعليم والخطابة والموعظة والحكمة ولكن القرآن هو المقصود لأنه سبب هذا الرد عليهم