وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

تفريع على قوله ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول ) إلى قوله ( بل هم قوم طاغون ) لمشعر بأنهم بعداء عن أن تقنعهم الآيات والنذر فتول عنهم أي اعرض عن الإلحاح في جدالهم فقد كان النبي A شديد الحرص على إيمانهم ويغتم من أجل عنادهم في كفرهم فكان الله يعاود تسليته الفينة بعد الفينة كما قال ( لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين ) ( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) ( ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ) فالتولي مراد به هذا المعنى وإلا فإن القرآن جاء بعد أمثال هذه الآية بدعوتهم وجدالهم غير مرة قال تعالى ( فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون ) في سورة الصافات .
وفرع على أمره بالتولي عنهم إخباره بأنه لا لوم عليه في إعراضهم عنه وصيغ الكلام في صيغة الجملة الاسمية دون : لا نلومك للدلالة على ثبات مضمون الجملة في النفي .
وجيء بضمير المخاطب مسندا إليه فقال ( فما أنت بملوم ) دون أن يقول : فلا ملام عليك أو نحوه للاهتمام للتنويه بشأن المخاطب وتعظيمه .
وزيدت الباء في الخبر المنفي لتوكيد نفي أن يكون ملوما .
A E وعطف ( وذكر ) على ( فتول عنهم ) احتراس كي لا يتوهم أحد أن الإعراض إبطال للتذكير بل التذكير باق فإن النبي A ذكر الناس بعد أمثال هذه الآيات فآمن بعض من لم يكن آمن من قبل وليكون الاستمرار على التذكير زيادة في إقامة الحجة على المعرضين ولئلا يزدادوا طغيانا فيقولوا : ها نحن أولاء قد أفحمناه فكف عما يقوله .
والأمر في ( وذكر ) مراد به الدوام على التذكير وتجديده .
واقتصر في تعليل الأمر بالتذكير على علة واحدة وهي انتفاع المؤمنين بالتذكير لأن فائدة ذلك محققة ولإظهار العناية بالمؤمنين في المقام الذي أظهرت فيه لقلة الاكتراث بالكافرين قال تعالى ( فذكر إن نفعت الذكرى سيذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى ) .
ولذلك فوصف المؤمنين يراد به المتصفون بالإيمان في الحال كما هو شأن اسم الفاعل وأما من سيؤمن فعلته مطوية كما علمت آنفا .
والنفع الحاصل من الذكرى هو رسوخ العلم بإعادة التذكير لما سمعوه واستفادة علم جديد فيما لم يسمعوه أو غفلوا عنه . ولظهور حجة المؤمنين على الكافرين يوما فيوما ويتكرر عجز المشركين عن المعارضة ووفرة الكلام المعجز .
( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون [ 56 ] ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون [ 57 ] ) الأظهر أن هذا معطوف على جملة ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول ) الآية التي هي ناشئة عن قوله ( ففروا إلى الله ) إلى ( ولا تجعلوا مع الله إلها آخر ) عطف الغرض على الغرض لوجود المناسبة .
فبعد أن نظر حالهم بحال الأمم التي صممت على التكذيب من قبلهم أعقبه بذكر شنيع حالهم من الانحراف عما خلقوا لأجله وغرز فيهم .
فقوله ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) خبر مستعمل في التعريض بالمشركين الذين انحرفوا عن الفطرة التي خلقوا عليها فخالفوا سنتها اتباعا لتضليل المضلين .
والجن : جنس من المخلوقات مستتر عن أعين الناس وهو جنس شامل للشياطين قال تعالى عن إبليس ( كان من الجن ) .
والإنس : اسم جمع واحدة إنسي بياء النسبة إلى جمعه .
والمقصود في هذا الإخبار هو الإنس وإنما ذكر الجن إدماجا وستعرف وجه ذلك .
والاستثناء مفرغ من علل محذوفة عامة على طريقة الاستثناء المفرغ .
واللام في ( ليعبدون ) لام العلة أي ما خلقتهم لعلة إلا علة عبادتهم إياي . والتقدير : لإرادتي أن يعبدون ويدل على هذا التقدير قوله في جملة البيان ( ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ) .
وهذا التقدير يلاحظ في كل لام ترد في القرآن تعليلا لفعل الله تعالى أي ما أرضى لوجودهم إلا أن يعترفوا لي بالتفرد بالإلهية