وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( وهم ينظرون ) حال من ضمير النصب في ( أخذتهم ) أي أخذتهم في حال نظرهم إلى نزولها لأنهم لما رأوا بوارقها الشديدة علموا أنها غير معتادة فاستشرفوا ينظرون إلى السحاب فنزلت عليهم الصاعقة وهم ينظرون . وذلك هول عظيم زيادة في العذاب فإن النظر إلى النقمة يزيد صاحبها ألما كما أن النظر إلى النعمة يزيد المنعم مسرة قال تعالى ( وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون ) .
وقرأ الكسائي ( الصعقة ) بدون ألف .
وقوله ( فما استطاعوا من قيام ) تفريع على ( وهم ينظرون ) أي فما استطاعوا أن يدفعوا ذلك حين رؤيتهم بوادره . فالقيام مجاز للدفاع كما يقال : هذا أمر لا يقوم له أحد أي لا يدفعه أحد . وفي الحديث " غضب غضبا لا يقوم له أحد " أي فما استطاعوا أي دفاع لذلك .
وقوله ( وما كانوا منتصرين ) أي لم ينصرهم حتى يكونوا منتصرين لأن انتصر مطاوع نصر أي ما نصرهم أحد فانتصروا .
( وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فسقين [ 46 ] ) قرأ الجمهور ( وقوم ) بالنصب بتقدير ( اذكر ) أو بفعل محذوف يدل عليه ما ذكر من القصص قبله تقديره : وأهلكنا قوم نوح وهذا من عطف الجمل وليس من عطف المفردات .
وقرأ أبو عمروا وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بالجر عطفا على ( ثمود ) على تقدير : وفي قوم نوح .
ومعنى ( من قبل ) أنهم أهلكوا قبل أولئك فهم أول الأمم المكذبين رسولهم أهلكم .
وجملة ( إنهم كانوا قوما فاسقين ) تعليل لما تضمنه قوله ( قوم نوح من قبل ) . وتقدير كونهم آيه للذين يخافون العذاب : من كونهم عوقبوا وأن عقابهم لأنهم كانوا قوما فاسقين .
وأخر الكلام على قوم نوح لما عرض من تجاذب المناسبات فيما أورد من آيات العذاب للأمم المذكورة آنفا بما علمته سابقا . ولذلك كان قوله من قبل تنبيها على وجه مخالفة عادة القرآن في ترتيب حكاية أحوال الأمم على حسب ترتيبهم في الوجود .
وقد أومأ قوله ( من قبل ) إلى هذا ومثله قوله تعالى ( وأنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى ) .
( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون [ 47 ] ) لما كانت شبهة نفاة البعث قائمة على توهم استحالة إعادة الأجسام بعد فنائها أعقبت تهديدهم بما يقوض توهمهم فوجه إليه الخطاب يذكرهم بأن الله خلق أعظم المخلوقات ولم تكن شيئا فلا تعد إعادة الأشياء الفانية بالنسبة إليها إلا شيئا يسيرا كما قال تعالى ( لخلق السماوات الأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .
وهذه الجملة والجمل المعطوفة عليها إلى قوله ( إني لكم منه نذير مبين ) معترضة بين جملة ( وقوم نوح من قبل ) الخ وجملة ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول ) الآية .
وابتدئ بخلق السماء لأن السماء أعظم مخلوق يشاهده الناس وعطف عليه خلق الأرض عطف الشيء على مخالفه لاقتران المتخالفين في الجامع الخيالي . وعطف عليها خلق أجناس الحيوان لأنها قريبة للأنظار لا يكلف النظر فيها والتدبر في أحوالها ما يرهق الأذهان .
واستعير لخلق السماء فعل البناء لأنه منظر السماء فيما يبدوا للأنظار شبيه بالقبة ونصب القبة يدعى بناء .
وهذا استدلال بأثر الخلق الذي عاينوا أثره ولم يشهدوا كيفيته لأن أثره ينبئ عن عظيم كيفيته وأنها أعظم مما يتصور في كيفية إعادة الأجسام البالية .
والأيد : القوة . وأصله جمع يد ثم كثر إطلاقه حتى صار اسما للقوة وتقدم عند قوله تعالى ( واذكر عبدنا داود ذا الأيد ) في سورة ص .
والمعنى : بنيناها بقدرة لا يقدر أحد مثلها .
وتقديم ( السماء ) على عامله للاهتمام به ثم بسلوك طريقة الاشتغال زاده تقوية ليتعلق المفعول بفعله مرتين : مرة بنفسه ومرة بضميره فإن الاشتغال في قوة تكرر الجملة . وزيد تأكيده بالتذييل بقوله ( وإنا لموسعون ) . والواو اعتراضية