وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( شيء ) في معنى المفعول ل ( تذر ) فإن ( من ) لتأكيد النفي والنكرة المجرورة ب ( من ) هذه نصف في نفي الجنس ولذلك كانت عامة إلا أن هذا العموم مخصص بدليل العقل لأن الريح إنما تبلي الأشياء التي تمر عليها إذا كان شأنها أن يتطرق إليها البلى فإن الريح لا تبلي الجبال ولا البحار ولا الأودية وهي تمر عليها وإنما تبلي الديار والأشجار والناس والبهائم ومثل قوله تعالى ( تدمر كل شيء بأمر ربها ) .
وجملة ( جعلته كالرميم ) في موضع الحال من ضمير ( الريح ) مستثناة من عموم أحوال ( شيء ) يبين المعرف أي ما تذر من شيء أتت عليه في حال من أحوال تدميرها إلا في حال قد جعلته كالرميم .
والرميم : العظم الذي بلي . يقال : رم العظم إذا بلى أي جعلته مفتتا .
والمعنى : وفي عاد آية للذين يخافون العذاب الأليم إذ أرسل الله عليهم الريح . والمراد : أن الآية كائنة في أسباب إرسال الريح عليهم وهي أسباب تكذيبهم هودا وإشراكهم بالله وقالوا ( من أشد منا قوة ) فيحذر من مثل ما حل بهم أهل الإيمان . وأما الذين لا يخافون العذاب الأليم من أهل الشرك فهم مصرون على كفرهم كما أصرت عاد فيوشك أن يحل بهم من جنس ما حل بعاد .
( وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين [ 43 ] فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون [ 44 ] فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين [ 45 ] ) أتبعت قصة عاد بقصة ثمود لتقارنهما غالبا في القرآن من أجل أن ثمود عاصرت عادا وخلفتها في عظمة الأمم قال تعالى ( واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد ) ولاشتهارهما بين العرب .
( وفي ثمود ) عطف على ( في عاد ) أو على ( تركنا فيها آية ) .
والمعنى : وتركنا آية للمؤمنين في ثمود في حال قد أخذتهم الصاعقة أي في دلالة أخذ الصاعقة إياهم على أن سببه هو إشراكهم وتكذيبهم وعتوهم عن أمر ربهم فالمؤمنون اعتبروا بتلك فسلكوا مسلك النجاة من عواقبها وأما المشركون فإصرارهم على كفرهم سيوقعهم في عذاب من جنس ما وقعت فيه ثمود .
وهذا القول الذي ذكر هنا هو كلام جامع لما أنذرهم به صالح رسولهم وذكرهم يه من نحو قوله ( وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون من الجبال بيوتا ) وقوله ( أتتركون فيما هنا آمنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم ) وقوله ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ) . ونحو ذلك مما يدل على أنهم أعطوا ما هو متاع أي نفع في الدنيا فإن منافع الدنيا زائلة فكانت الأقوال التي قالها رسولهم تذكيرا بنعمة الله عليهم يجمعها ( تمتعوا حتى حين ) على أنه يجوز أن يكون رسولهم قال لهم هذه الكلمة الجامعة ولم تحك في القرآن إلا في هذا الموضع فقد علمت من المقدمة السابعة من مقدمات هذا التفسير أن أخبار الأمم تأتي موزعة على قصصهم في القرآن .
فقوله ( تمتعوا ) أمر مستعمل في إباحة المتاع . وقد جعل المتاع بمعنى النعمة في مواضع كثيرة كقوله تعالى ( وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ) قوله ( وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) .
والمراد ب ( حين ) زمن مبهم جعل نهاية لما متعوا به من النعم فإن نعم الدنيا زائلة وذلك الأجل : إما أن يراد به أجل كل واحد منهم الذي ينتهي إليه حياته وإما أن يراد به أجل الأمة الذي ينتهي إليه بقاؤها .
وهذا نحو قوله ( يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ) فكما قال الله للناس على لسان محمد A لعله قاله لثمود على لسان صالح عليه السلام .
وليس قوله ( إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين ) بمشير إلى قوله في الآية الأخرى ( فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ) ونحوه لأن ذلك الأمر مستعمل في الإنذار والتأييس من النجاة بعد ثلاثة أيام فلا يكون لقوله بعده ( فعتوا عن أمر ربهم ) مناسبة لتعقيبه به بالفاء لأن الذي تفيده الفاء يقتضي أن ما بعدها مرتب في الوجود على ما قبلها .
والعتو : الكبر والشدة . وضمن ( عتوا ) : معنى أعرضوا فعدي ب ( عن ) أي فأعرضوا عما أمرهم الله على لسان رسوله صالح عليه السلام .
وأخذ الصاعقة إياهم إصابتهم إياهم إصابة تشبه أخذ العدو عدوه .
A E