وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا التكوين العجيب كما يدل على إمكان الإيجاد بعد الموت يدل على تفرد مكونة تعالى بالإلهية إذ لا يقدر على إيجاد مثل الإنسان غير الله تعالى فإن بواطن أحوال الإنسان وظواهرها عجائب من الانتظام والتناسب وأعجبها خلق العقل وحركاته واستخراج المعاني وخلق النطق والإهام إلى اللغة وخلق الحواس وحركة الدورة الدموية وانتساق الأعضاء الرئيسة وتفاعلها وتسوية المفاصل والعضلات والأعصاب والشرايين وحالها بين الارتخاء واليبس فإنه إذا غلب عليها التيبس جاء العجز وإذا غلب الارتخاء جاء الموت .
والخطاب للذين خوطبوا بقوله أول السورة ( إن ما توعدون لصادق ) .
( وفي السماء رزقكم وما توعدون [ 22 ] ) بعد أن ذكر دلائل الأرض ودلائل الأنفس التي هم من علائق الأرض عطف ذكر السماء للمناسبة وتمهيدا للقسم الذي بعده بقوله ( فورب السماء والأرض إنه لحق ) . ولما في السماء من آية المطر الذي به تنبت الأرض بعد الجفاف فالمعنى : وفي السماء آية المطر فعدل عن ذكر المطر إلى الرزق إدماجا للامتنان في الاستدلال فإن الدليل في كونه مطرا يحيي الأرض بعد موتها . وهذا قياس تمثيل للنبت أي في السماء المطر الذي ترزقون بسببه .
فالرزق : هو المطر الذي تحمله السحب والسماء هنا : طبقات الجو .
وتقديم المجرور على متعلقه للتشويق وللاهتمام بالمكان وللرد على الفاصلة .
وعطف ( وما توعدون ) إدماج بين أدلة إثبات البعث لقصد الموعظة الشاملة للوعيد على الإشراك والوعد على الإيمان إن آمنوا تعجيلا بالموعظة عند سنوح فرصتها .
وفي إيثار صيغة ( توعدون ) خصوصية من خصائص إعجاز القرآن فإن هذه الصيغة صالحة لأن تكون مصوغة من الوعد فيكون وزن ( توعدون ) تفعلون مضارع وعد مبنيا للنائب . وأصله قبل البناء للنائب تعدون وأصله توعدون فلما بني للنائب ضم حرف المضارعة فصارت الواو الساكنة مدة مجانسة للضمة فصار : توعدون .
وصالحة لأن تكون من الإيعاد ووزنه تأفعلون مثل تصريف أكرم يكرم وبذلك صار ( توعدون ) مثل تكرمون فاحتملت للبشارة والإنذار .
وكون ذلك في السماء يجوز أن يكون معناه أنه محقق في علم أهل السماء أي الملائكة الموكلين بتصريفه .
ويجوز أن يكون المعنى : أن مكان حصوله في السماء من جنة أو جهنم بناء على أن الجنة وجهنم موجودتان من قبل يوم القيامة وفي ذلك اختلاف لا حاجة إلى ذكره .
وفيه إيماء إلى أن ما أوعدوه يأتيهم من قبل السماء كما قال تعالى ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب اليم ) . فإن ذلك الدخان كان في طبقات الجو كما تقدم في سورة الدخان .
( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون [ 23 ] ) بعد أن أكد الكلام بالقسم ب ( الذاريات ) وما عطف عليها فرع على ذلك زيادة تأكيد بالقسم بخالق السماء والأرض على أن ما يوعدون حق فهو عطف على الكلام السابق ومناسبته قوله ( وما توعدون ) .
وإظهار اسم السماء والأرض دون ذكر ضميرهما لإدخال المهابة في نفوس السامعين بعظمة الرب سبحانه .
وضمير ( إنه لحق ) عائد إلى ( ما توعدون ) . وهذا من رد العجز على المصدر لأنه رد على قوله أول السورة ( إن ما توعدون لصادق ) وانتهى الغرض .
وقوله ( مثل ما أنكم تنطقون ) زيادة تقرير لوقوع ما أوعدوه بأن شبه بشيء معلوم كالضرورة لا امتراء في وقوعه وهو كون المخاطبين ينطقون . وهذا نظير قولهم : كما أن قبل اليوم أمس أو كما أن بعد اليوم غدا . وهو من التمثيل بالأمور المحسوسة ومنه تمثيل سرعة الوصول لقرب المكان في قول زهير : .
" فهن ووادي الرس كاليد للفم وقوله : مثل ما أنك هاهنا وقولهم : كما أنك ترى وتسمع .
وقرأ الجمهور ( مثل ) بالنصب على أنه صفة حال محذوف قصد منه التأكيد . والتقدير : إنه لحق حقا ما أنكم تنطقون .
وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وخلف مرفوعا على الصفة ( لحق ) صفة أريد بها التشبيه .
و ( ما ) الواقعة بعد ( مثل ) زائدة للتوكيد . وأردفت ب ( أن ) المفيدة للتأكيد تقوية لتحقيق حقية ما يوعدون .
واجتلب المضارع في ( تنطقون ) دون أن يقال : نطقكم يفيد التشبيه بنطقهم المتجدد وهو أقوى في الوقوع لأنه محسوس .
A E