وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولهذا أوثرت مادة الظفر في قوله ( من بعد أن أظفركم عليهم ) دون أن يقال : من بعد أن نصركم عليهم لأن الظفر هو الفوز بالمطلوب فلا يقتضي وجود قتال فالظفر أعم من النصر أي من بعد أن أنالكم ما فيه نفعكم وهو هدنة الصلح وأن تعودوا إلى العمرة في العام القابل .
A E ومناسبة تعريف ذلك المكان بهذه الإضافة الإشارة إلى أن جمع المشركين نزلوا من أرض الحرم المكي إذ نزلوا من جبل التنعيم وهو من الحرم وكانوا أنصارا لأهل مكة .
ويتعلق قوله ( من بعد أن أظفركم عليهم ) بفعل ( كف ) باعتبار تعديته إلى المعطوف على مفعوله أعني : ( وأيديكم عنهم ) لأنه هو الكف الذي حصل بعد ظفر المسلمين بفئة المشركين على حسب تلك الرواية والقرينة ظاهرة من قوله ( من بعد أن أظفركم عليهم ) . وهذا إشارة إلى أن كف أيدي بعضهم عن بعض كان للمسلمين إذ منوا على العدو بعد التمكن منه .
فعدي ( أظفركم ) ب ( على ) لتضمينه معنى أيدكم وإلا فحقه أن يعدى بالباء .
وجملة ( وكان الله بما تعملون بصيرا ) تذييل للتي قبلها والبصير بمعنى العليم بالمرئيات أي عليما بعملكم حين أحطتم بهم وسقتموهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم تظنون أنكم قاتلوهم أو آسروهم .
وقرأ الجمهور ( تعملون ) بتاء الخطاب وقرأه أبو عمرو وحده بياء الغيبة أي عليما بما يعملون من انحدارهم على غرة منكم طامعين أن يتمكنوا من أن يغلبوكم وفي كلتا القراءتين اكتفاء أي كان الله بما تعملون ويعملون بصيرا أو بما يعملون وتعملون بصيرا لأن قوله ( كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) يفيد عملا لكل فريق أي علم نواياكم فكفها لحكمة استبقاء قوتكم وحسن سمعتكم بين قبائل العرب وأن لا يجد المشركون ذريعة إلى التظلم منكم بالباطل .
( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) استئناف انتقل به من مقام الثناء على المؤمنين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما اكتسبوا بتلك البيعة من رضى الله تعالى وجزائه ثواب الآخرة . وخير الدنيا عاجله وآجله وضمان النصر لهم في قتال المشركين وما هيأ لهم من أسباب النصر إلى تعيير المشركين بالمذمة التي أتوا بها وهي المسلمين عن المسجد الحرام وصد الهدي عن أن يبلغ به إلى أهله فإنها سبة لهم بين العرب وهم أولى الناس بالحفاوة بمن يعتمرون وهم يزعمون أنهم أهل حرم الله زواره ومعظميه وقد كان من عادتهم قبول كل زائر للكعبة من جميع أهل الأديان فلا عذر لهم في منع المسلمين ولكنهم حملتهم عليه الحمية .
وضمير الغيبة المفتتح به عائد إلى ( الذين كفروا ) من قوله ( ولو قاتلوكم الذين كفروا لولوا الأدبار ) الآية .
والمقصود بالافتتاح بضميرهم هنا لاسترعاء السمع لما يرد بعده من الخبر كما إذا جره حديث عن بطل في يوم من أيام العرب ثم قال قائل عثرة هو البطن المحامي .
والمقصود من الصلة هو جملة ( صدوكم عن المسجد الحرام ) وذكر ( الذين كفروا ) إدماج للنداء عليهم بوصف الكفر . ولهذا الإدماج نكتة أيضا وهي أن وصف الذين كفروا بمنزلة الجنس صار الموصول في قوة المعرف بلام الجنس فتفيد جملة ( هم الذين كفروا ) قصر جنس الكفر على هذا الضمير لقصد المبالغة لكمالهم في الكفر بصدهم المعتمرين عن المسجد الحرام وصد الهدي عن أن يبلغ محله .
والهدي : ما يهدى إلى الكعبة من الأنعام وهو من التسمية باسم المصدر ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع كحكم المصدر قال تعالى ( والهدي والقلائد ) أي الأنعام المهدية وقلائدها وهو هنا الجمع .
والمعكوف : اسم مفعول عكفه إذ ألزمه المكت في مكان يقال : عكفه فعكف فيستعمل قاصرا ومتعديا عن ابن سيده وغيره كما يقال : رجعه فرجع وجبره فجبر . وقال أبو علي الفارسي : لا أعرف عكف متعديا وتأول صيغة المفعول في قوله تعالى ( معكوفا ) على أنها لتضمين عكف معنى حبس .
وفائدة ذكر هذا الحال التشنيع على الذين كفروا في صدهم المسلمين عن البيت بأنهم صدوا الهدايا أن تبلغ محلها حيث اضطر المسلمون أن ينحروا هداياهم في الحديبية فقد عطلوا بفعلهم ذلك شعيرة من شعائر الله ففي ذكر الحال تصوير لهيئة الهدايا وهي محبوسة