وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لإفادة التخصيص أي القصر أي لم يكفهم عنكم ولا كفكم عنهم إلا الله تعالى لا أنتم ولا هم فإنهم كانوا يريدون الشر بكم وأنتم حين أحطتم بهم كنتم تريدون قتلهم أو أسرهم فإن دواعي امتداد أيديهم إليكم وامتداد أيديكم إليهم متوفرة فلولا أن الله قدر موانع لهم ولكم لاشتبكتم في القتال فكف أيديهم عنكم بأن نبهكم إليهم قبل أن يفاجئوكم وكف أيديكم عنهم حين أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يعفو عنهم ويطلقهم .
وتقدم الكلام على معنى ( كف ) في قوله آنفا ( وكف أيدي الناس عنكم ) .
والمعنى : أنه لم يترك أحد من الفريقين الاعتداء على الفريق الآخر من تلقاء نفسه ولكن ذلك كان بأسباب أوجدها الله تعالى لإرادته عدم القتال بينهم وهي منة ثانية مثل المنة المذكورة في قوله ( وكف أيدي الناس عنكم ) .
وهذه الآية أشارت إلى كف عن القتال يسره الله رفقا بالمسلمين وإبقاء على قوتهم في وقت حاجتهم إلى ذلك بعد وقعة بدر ووقعة أحد واتفق المفسرون الأولون على أن هذا الكف وقع في الحديبية . وهذا يشير إلى ما روي من طرق مختلفة وبعضها في سنن الترمذي وقال : هو حديث صحيح وفي بعضها زيادة على بعض " أن جمعا من المشركين يقدر بستة أو باثني عشر أو بثلاثين أو سبعين أو ثمانين مسلحين نزلوا إلى الحديبية يريدون أن يأخذوا المسلمين على غرة ففطن لهم المسلمون فأخذوهم دون حرب النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاقهم " وكان ذلك أيام كان السفراء يمشون بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة ولعل النبي صلى الله عليه وسلم أطلقهم تجنبا لما يعكر صفو الصلح .
وضمائر الغيبة راجعة للذين كفروا في قوله ( ولو قاتلكم الذين كفروا ) ووجه عوده إليه مع أن الذين كف الله أيديهم فريق غير الفريق الذي في قوله ( ولو قاتلكم الذين كفروا ) هو أن عرف كلام العرب جار على أن ما يصدر من بعض القوم ينسب إلى القوم بدون تمييز كما تقدم في سورة البقرة في قوله ( وإذ أخذنا ميثاقكم ) .
وقوله ( ببطن مكة ) ظاهر كلام الأساس : أن حقيقة البطن جوف الإنسان والحيوان وأن استعماله في معاني المنخفض من الشيء أو المتوسط مجاز قال الراغب : ويقال للجهة السفلى بطن وللعليا ظهر . ويقال : بطن الوادي لوسطه . والمعروف من إطلاق لفظ البطن إذا أضيف إلى المكان أن يراد به وسط المكان كما في قول كعب بن زهير : .
في فتية من قريش قال قائلهم ... ببطن مكة لما أسلموا زولوا أي في وسط البلد الحرام فان قائل : زولوا هو عمر بن الخطاب أو حمزة بن عبد المطلب غير أن محمل ذلك في هذه الآية غير بين لأنه لا يعرف وقوع اختلاط بين المسلمين والمشركين في وسط مكة يفضي إلى القتال حتى يمتن عليهم بكف أيدي بعضهم عن بعض وكل ما وقع مما يفضي إلى القتال فإنما وقع في الحديبية .
فجمهور المفسرين حملوا بطن مكة في الآية على الحديبية من إطلاق البطن على أسفل المكان والحديبية قريبة من مكة وهي من الحل وبعض أرضها من الحرم وهي على الطريق بين مكة وجدة وهي إلى مكة أقرب وتعرف اليوم باسم الشميسي وجعلوا الآية تشير إلى القصة المذكورة في جامع الترمذي وغيره بروايات مختلفة وهي ما قدمناه آنفا . ومنهم من زاد في تلك القصة : أن جيش المسلمين اتبعوا العدو إلى أن دخلوا بيوت مكة وقتلوا منهم وأسروا فيكون بطن مكة محمولا على مشهور استعماله وهذا خبر مضطرب ومناف لظاهر قوله ( كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ) . ومنهم من أبعد المحمل فجعل الآية نازلة في فتح مكة وهذا لا يناسب سياق السورة ويخالف كلام السلف من المفسرين وهم أعلم بالمقصود هذا كله بناء على أن الباء في قوله ( ببطن مكة ) متعلقة بفعل ( كف ) أي كان الكف في بطن مكة .
ويجوز عندي أن يكون ( ببطن مكة ) ظرفا مستقرا هو حال من ضميري ( عنكم ) و ( عنهم ) وهو حال مقدرة أي لو كنتم ببطن مكة أي لو لم يقع الصلح فدخلتم محاربين كما رغب المسلمون الذين كرهوا الصلح كما تقدم فيكون إطلاق ( بطن مكة ) جاريا على الاستعمال الشائع أي في وسط مدينة مكة