وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأما ما روي عن عبد الله بن زيد بن أسلم أن المراد بكلام الله قوله تعالى ( فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا ) فقد رده ابن عطية بأنها نزلت بعد هذه السورة وهؤلاء المخلفون لم يمنعوا منعا مؤبدا بل منعوا من المشاركة في غزوة خيبر لئلا يشاركوا في مغانمها فلا يلاقي قوله فيها ( لن تخرجوا معي أبدا ) وينافي قوله في هذه السورة ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم ) الآية فإنها نزلت في غزوة تبوك وهي بعد الحديبية بثلاث سنين .
وجملة ( يريدون أن يبدلوا كلام الله ) في موضع الحال .
والإرادة في قوله ( يريدون أن يبدلوا كلام الله ) على حقيقتها لأنهم سيعلمون حينئذ يقولون : ( ذرونا نتبعكم ) أن الله أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بمنعهم من المشاركة في فتح خيبر كما دل عليه تنازلهم في قولهم ( ذرونا نتبعكم ) فهم يريدون حينئذ أن يغيروا ما أمر الله به رسوله حين يقولون ( ذرونا نتبعكم ) إذ اتباع الجيش والخروج في أوله سواء في المقصود من الخروج .
وقرأ الجمهور ( كلام الله ) . وقرأه حمزة والكسائي وخلف ( كلم الله ) اسم جمع كلمة .
وجيء ب ( لن ) المفيدة تأكيد النفي لقطع أطماعهم في الإذن لهم باتباع الجيش الخارج إلى خيبر ولذلك حذف متعلق ( تتبعونا ) للعلم به . و ( من قبل ) تقديره : من قبل طلبكم الذي تطلبونه وقد أخبر الله عنهم بما سيقولونه إذ قال ( فسيقولون بل تحسدوننا ) وقد قالوا ذلك بعد نحو شهر ونصف فلما سمع المسلمون المتأهبون للخروج إلى خيبر مقالتهم قالوا : قد أخبرنا الله في الحديبية بأنهم سيقولون هذا .
و ( بل ) هنا للإضراب عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( لن تتبعونا ) وهو إضراب إبطال نشأ عن فورة الغضب المخلوط بالجهالة وسوء النظر أي ليس بكم الحفاظ على أمر الله بل بكم أن لا نقاسمكم في المغانم حسدا لنا على ما نصيب من المغانم .
والحسد : كراهية أن ينال غيرك خيرا معينا أو مطلقا سواء كان مع تمني انتقاله إليك أو بدون ذلك فالحسد هنا أريد به الحرص على الانفراد بالمغانم وكراهية المشاركة فيها لئلا ينقص سهام الكارهين .
وتقدم الحسد عند قوله تعالى ( بغيا أن ينزل الله من فضله ) وعند قوله ( حسدا من عند أنفسهم ) كلاهما في سورة البقرة .
وضمير الرفع مراد به أهل الحديبية نسبوهم إلى الحسد لأنهم ظنوا أن الجواب بمنعهم لعدم رضى أهل الحديبية بمشاركتهم في المغانم . ولا يظن بهم أن يريدوا بذلك الضمير شمول النبي صلى الله عليه وسلم لأن المخلفين كانوا مؤمنين لا يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم بالحسد ولذلك أبطل الله كلامهم بالإضراب الإبطالي فقال ( بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا ) أي ليس قولك لهم ذلك لقصد الاستبشار بالمغانم لأهل الحديبية ولكنه أمر الله وحقه لأهل الحديبية وتأديب للمخلفين ليكونوا عبرة لغيرهم فيما يأتي وهم ظنوه تمالؤا من جيش الحديبية لأنهم لم يفهموا حكمته وسببهم .
وإنما نفى الله عنهم الفهم دون الإيمان لأنهم كانوا مؤمنين ولكنهم كانوا جاهلين بشرائع الإسلام ونظمه .
وأفاد قوله ( لا يفقهون ) انتفاء الفهم عنهم لأن الفعل في سياق النفي كالنكرة في سياق النفي يعم فلذلك استثنى منه بقوله ( إلا قليلا ) أي إلا فهما قليلا وإنما قلله لكون فهمهم مقتصرا على الأمور الواضحة من العاديات لا ينفذ إلى المهمات ودقائق المعاني ومن ذلك ظنهم حرمانهم من الالتحاق بجيش غزوة خيبر منبعثا على الحسد .
وقد جروا في ظنهم هذا على المعروف من أهل الأنظار القاصرة والنفوس الضئيلة من التوسم في أعمال أهل الكمال بمنظار ما يجدون من دواعي أعمالهم وأعمال خلطائهم .
و ( قليلا ) وصف للمستثنى المحذوف والتقدير : إلا فقها قليلا .
( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما [ 16 ] ) A E