وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

عطف على ( تركوا ) أي تركوها وأورثناها غيرهم أي لفرعون الذي ولي بعد موت " منفطا " وسمي " صفطا منفطا " وهو أحد أمراء فرعون " منفطا " تزوج ابنة منفطا المسماة " طوسير " التي خلفت أباها " منفطا " على عرش مصر ولكونه من غير نسل فرعون وصف هو وجنده بقوم آخرين وليس المراد بقوله ( قوما آخرين ) قوما من بني إسرائيل ألا ترى أنه أعيد الاسم الظاهر في قوله عقبه ( ولقد نجينا بني إسرائيل ) ولم يقل ولقد نجيناهم .
A E ووقع في آية الشعراء ( فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأرثناها بني إسرائيل ) والمراد هنالك أن أنواعا مما أخرجنا منه قوم فرعون أورثناها بني إسرائيل ولم يقصد أنواع تلك الأشياء في خصوص أرض فرعون . ومناسبة ذلك هنالك أن القومين أخرجا مما كانا فيه فسلب أحد الفريقين ما كان له دون إعادة لأنهم هلكوا وأعطي الفريق الآخر أمثال ذلك في أرض فلسطين ففي قوله ( وأورثناها ) تشبيه بليغ وانظر آية سورة الشعراء .
( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين [ 29 ] ) تفريع على قوله ( كم تركوا من جنات ) إلى قوله ( قوما أخرين ) فإن ذلك كله يتضمن أنهم هلكوا وانقرضوا أي فما كان مهلكهم إلا كمهلك غيرهم ولم يكن حدثا عظيما كما كانوا يحسبون ويحسب قومهم وكان من كلام العرب إذا هلك عظيم أن يهولوا أمر موته بنحو : بكت عليه السماء وبكته الريح وتزلزلت الجبال قال النابغة في توقع موت النعمان بن المنذر من مرضه : .
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ... ربيع الناس والبلد الحرام وقال في رثاء النعمان بن الحارث الغساني : .
بكى حارث الجولان من فقد ربه ... وحوران منه موحش متضائل والكلام مسوق مساق التحقير لهم وقريب من قوله تعالى ( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) وهو طريقة مسلوكة وكثر ذلك في كلام الشعراء المحدثين قال أبو بكر بن اللبانة الأندلسي في رثاء المعتمد بن عباد ملك أشبيلية : .
تبكي السماء بمزن رائج غاد ... على البهاليل من أبناء عباد والمعنى : فما كان هلاكهم إلا كهلاك غيرهم ولا انظروا بتأخير هلاكهم بل عجل لهم الاستئصال .
( ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين [ 30 ] من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين [ 31 ] ) معطوف على الكلام المحذوف الذي دل عليه قوله ( إنهم جند مغرقون ) الذي تقديره : فأغرقناهم ونجينا بني إسرائيل كما قال في سورة الشعراء ( وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين ) .
والمعنى : ونجينا بني إسرائيل من عذاب فرعون وقساوته أي فكانت آية البحر هلاكا لقوم وإنجاء لآخرين .
والمقصود من ذكر هذا الإشارة إلى أن الله تعالى ينجي الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم من عذاب أهل الشرك بمكة كما نجى الذين اتبعوا موسى من عذاب فرعون .
وجعل طغيان فرعون وإسرافه في الشر مثلا لطغيان أبي جهل وملئه ولأجل هذه الإشارة أكد الخبر باللام . وقد يفيد تحقيق إنجاء المؤمنين من العذاب المقدر للمشركين إجابة لدعوة ( ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ) .
والعذاب المهين : هو ما كان يعاملهم به فرعون وقومه من الاستعباد والإشقاق عليهم في السخرة وكان يكلفهم أن يصنعوا له اللبن كل يوم لبناء مدينتي " فيثوم " و " رعمسيس " وكان اللبن يصنع من الطوب والتبن فكان يكلفهم استحضار التبن اللازم لصنع اللبن ويلتقطون متناثره ويذلونهم ولا يتركون لهم راحة فذلك العذاب المهين لأنه عذاب فيه إذلال .
وقوله ( من فرعون ) الأظهر أن يكون بدلا مطابقا للعذاب المهين فتكون ( من ) مؤكدة ل ( من ) الأولى المعدية ل ( نجينا ) لأن الحرف الداخل على المبدل منه يجوز أن يدخل على البدل للتأكيد . ويحسن ذلك في نكت يقتضيها المقام وحسنه هنا فأظهرت ( من ) لخفاء كون اسم فرعون بدلا من العذاب تنبيها على قصد التهويل لأمر فرعون في جعل اسمه نفس العذاب المهين أي في حال كونه صادرا من فرعون .
وجملة ( إنه كان عاليا ) مستأنفة استئنافا بيانيا لبيان التهويل الذي أفاده جعل اسم فرعون بدلا من العذاب المهين . والعالي : المتكبر العظيم في النسا قال تعالى ( إن فرعون علا في الأرض )