وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويجوز أن تكون الجملة الثانية صدرت وقت دخول موسى ومن معه في طرائق البحر فيقدر قول محذوف أي وقلنا له : اترك البحر رهوا أي سيدخله فرعون وجنده ولا يخرجون منه لأن في بقائه مفروقا حكمة أخرى وهي دخول فرعون وجنده في طرائقه طمعا منهم أن يلحقوا موسى وقومه حتى إذا توسطوه انضم عليهم فتحصل فائدة إنجاء بني إسرائيل وفائدة إهلاك عدوهم فتكون الواو عاطفة قولا محذوفا على القول المحذوف قبله .
A E وعلى الوجهين فالترك مستعمل مجازا في عدم المبالاة بالشيء كما يقال : دعه يفعل كذا وذره كقوله تعالى ( فذرهم في خوضهم يلعبون ) وقالت كبشة بنت معد يكرب : .
ودع عنك عمرا إن عمرا مسالم ... وهل بطن عمرو غير شبر المطعم والبحر هو بحر القلزم المسمى اليوم البحر الأحمر .
والرهو : الفجوة الواسعة . وأصله مصدر رها إذا فتح بين رجليه فسميت الفجوة رهوا تسمية بالمصدر وانتصب ( رهوا ) على الحال من البحر على التشبيه البليغ أي مثل رهو .
وجملة ( إنهم جند مغرقون ) استئناف بياني جوابا عن سؤال ناشئ عن الأمر بترك البحر مفتوحا وضمير ( إنهم ) عائد إلى اسم الإشارة في قوله ( إن هؤلاء قوم مجرمون ) والجند : القوم والأمة وعسكر الملك .
وإقحام لفظ ( جند ) دون الاقتصار على ( مغرقون ) لإفادة أن إغراقهم قد لزمهم حتى صار كأنه من مقومات عنديتهم كما قدمناه عند قوله تعالى ( لآيات لقوم يعقلون ) في سورة البقرة .
( كم تركوا من جنت وعيون [ 25 ] وزروع ومقام كريم [ 26 ] ونعمة كانوا فيها فكهين [ 27 ] كذلك ) استئناف ابتدائي مسوق للعبرة بعواقب الظالمين المغرورين بما هم فيه من النعمة والقوة غرورا أنساهم مراقبة الله فيما يرضيه فموقع هذا الاستئناف موقع النتيجة من الدليل أو البيان من الإجمال لما في قوله ( ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون ) من التنظير الإجمالي .
وضمير ( تركوا ) عائد إلى ما عاد إليه ضمير ( إنهم جند مغرقون ) .
والترك حقيقته : إلقاء شيء في مكان متنقل عنه إبقاء اختياريا ويطلق مجازا على مفارقة المكان والشيء الذي في مكان غلبة دون اختيار وهو مجاز مشهور يقال : ترك الميت مالا ومنه سمي مخلف الميت تركة وهو هنا من هذا القبيل .
وفعل ( تركوا ) مؤذن بأنهم أغرقوا وأعدموا وذلك مقتضى أن ما أمر الله به موسى من الإسراء ببني إسرائيل وما معه من اتباع فرعون إياهم وانفلاق البحر وإزلاف بني إسرائيل واقتحام فرعون بجنوده البحر وانضمام البحر عليهم قد تم ففي الكلام إيجاز حذف جمل كثيرة يدل عليها ( كم تركوا ) .
و ( كم ) اسم لعدد كثير مبهم يفسر نوعه مميز بعد ( كم ) مجرور ب ( من ) مذكورة أو محذوفة .
وحكم ( كم ) كالأسماء تكون على حسب العوامل . وإذ كان لها صدر الكلام لأنها في الأصل استفهام فلا تكون خبر مبتدأ ولا خبر ( كان ) ولا ( إن ) وإذا كانت معمولة للأفعال وجب تقديمها على عاملها .
وانتصب ( كم ) هنا على المفعول به ل ( تركوا ) أي تركوا كثيرا من جنات . و ( من ) مميزة لمبهم العدد في ( كم ) .
والمقام بفتح الميم : مكان القيام والقيام هنا مجاز في معنى التمكن من المكان .
والكريم من كل نوع أنفسه وخيره والمراد به : المساكن والديار والأسواق ونحوها مما كان لهم في مدينة " منفسين " .
والنعمة بفتح النون : اسم للتنعم مصوغ على وزنة المرة . وليس المراد به المرة بل مطلق المصدر باعتبار أن مجموع أحوال النعيم صار كالشيء الواحد وهو أبلغ وأجمع في تصوير معنى المصدر وهذا هو المناسب لفعل ( تركوا ) لأن المتروك هو أشخاص الأمور التي ينعم بها وليس المتروك وهو المعنى المصدري .
و ( فاكهين ) متصفين بالفكاهة بضم الفاء وهي اللعب والمزح أي كانوا مغمورين في النعمة لاعبين في تلك النعمة .
وقرأ الجمهور ( فاكهين ) بصيغة اسم الفاعل . وقرأه حفص وأبو جعفر ( فكهين ) بدون ألف على أنه صفة مشبهة .
وقوله ( كذلك ) راجع لفعل ( تركوا ) . والتقدير : تركا مثل ذلك الترك .
والإشارة إلى مقدر دل عليه الكلام ومعنى الكاف وهذا التركيب تقدم الكلام عليه عند قوله ( كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا ) في سورة الكهف .
( وأورثنها قوما آخرين [ 28 ] )