وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجيء في شرط ( إن لم تؤمنوا لي ) بحرف ( إن ) التي شأنها أن تستعمل في الشرط غير المتيقن لأن عدم الإيمان به بعد دلالة المعجزة على صدقه من شأنه أن يكون غير واقع فيفرض عدمه كما يفرض المحال . ولعله قال ذلك قبل أن يعلمه الله بإخراج بني إسرائيل من مصر أو أراد : فاعتزلوني زمنا يعني إلى أن يعين له الله زمن الخروج .
A E وعدي ( تؤمنوا ) باللام لأنه يقال : آمن به وآمن له قال تعالى ( فآمن له لوط ) وأصل هذه اللام لام العلة على تضمين فعل الإيمان معنى الركون .
وقد جاء ترتيب فواصل هذا الخطاب على مراعاة ما يبدو من فرعون وقومه عند إلقاء موسى دعوته عليهم إذ ابتدأ بإبلاغ ما أرسل به إليهم فآنس منهم التعجب والتردد فقال ( إني لكم رسول أمين ) فرأى منهم الصلف والأنفة فقال ( وأن لا تعلوا على الله ) فلم يرعوا فقال ( إني أتيكم بسلطان مبين ) فلاحت عليهم علامات إضمار السوء له فقال ( وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون ) فكان هذا الترتيب بين الجمل مغنيا عن ذكر ما أجابوا به على أبدع إيجاز .
( فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون [ 22 ] ) التعقيب المفاد بالفاء تعقيب على محذوف يقتضي هذا الدعاء إذ ليس في المذكور قبل الفاء ما يناسبه التعقيب بهذا الدعاء إذ المذكور قبله كلام من موسى إليهم فالتقدير : فلم يستجيبوا له فيما أمرهم أو فأصروا على أذاه وعدم متاركته فدعا ربه وهذا التقرير الثاني أليق بقوله ( إن هؤلاء قوم مجرمون ) . وهذا كالتعقيب الذي في قوله تعالى ( فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق ) وقوله ( إن هؤلاء قوم مجرمون ) اتفق القراء العشرة على قراءته بفتح الهمزة وشد النون فما بعدها في قوة المصدر فلذلك تقدر الباء التي يتعدى بها فعل ( دعا ) أي دعا ربه بما يجمعه هذا التركيب المستعمل في التعريض بأنهم استوجبوا تسليط العقاب الذي يدعو به الداعي فالإخبار عن كونهم قوما مجرمين مستعمل في طلب المجازاة على الإجرام أو في الشكاية من اعتدائهم أو في التخوف من شرهم إذا استمروا على عدم تسريح بني إسرائيل وكل ذلك يقتضي الدعاء لكف شرهم فلذلك أطلق على هذا الخبر فعل ( دعا ) .
( فاسر بعبادي ليلا إنكم متبعون [ 23 ] ) تفريع على جملة ( إن هؤلاء قوم مجرمون ) . والمفرع قول محذوف دلت عليه صيغة الكلام أي فدعا فقلنا : اسر بعبادي .
وقرأه نافع وابن كثير وأبو جعفر ( فاسر ) بهمزة وصل على أنه أمر من ( سرى ) وقرأه الباقون بهمزة قطع من ( أسرى ) يقال : سرى وأسرى . وقد تقدم عند قوله تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ) فتقييده بزمان الليل هنا نظير تقييده في سورة الإسراء والمقصود منه تأكيد معنى الإسراء بأنه حقيقة وليس مستعملا مجازا في التبكير بناء على أن المتعارف في الرحيل أن يكون فجرا .
وفائدة التأكيد أن يكون له من سعة الوقت ما يبلغون به إلى شاطئ البحر الأحمر قبل أن يدركهم فرعون بجنوده .
وجملة ( إنكم متبعون ) تقيد تعليلا للأمر بالإسراء ليلا لأنه مما يستغرب أي أنكم متبعون فأردنا أن تقطعوا مسافة يتعذر على فرعون لحاقكم .
وتأكيد الخبر ب ( إن ) لتنزيل غير السائل منزلة السائل إذا قدم إليه ما يلوح له بالخبر فيستشرف له استشراف المتردد السائل على حد قوله تعالى ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ) .
وأسند الاتباع إلى غير مذكور لأنه من المعلوم أن الذي سيتبعهم هو فرعون وجنوده .
( واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون [ 24 ] ) عطف على جملة ( فاسر بعبادي ليلا ) فيجوز أن تكون الجملتان صدرتا متصلتين بأن أعلم الله موسى حين أمره بالإسراء بأنه يضرب البحر بعصاه فينفلق عن قعره اليابس حتى يمر منه بنو إسرائيل كما ورد في آيات أخرى مثل آية سورة الشعراء . ولما أمره بذلك طمنه بأن لا يخشى بقاءه منفلقا فيتوقع أن يلحق به فرعون بل يجتاز البحر ويتركه فإنه سيطغى على فرعون وجنده فيغرقون ففي الكلام إيجاز تقديره : فإذا سريت بعبادي فسنفتح لكم البحر فتسلكونه فإذا سلكته فلا تخش أن يلحقكم فرعون وجنده واتركه فإنهم مغرقون فيه