وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتقدم على عامله للاهتمام به لتهويله ولا يمنع من هذا التعليق أن العامل في الظرف خبر عن ( إن ) بناء على الشائع من كلام النحاة أن ما بعد ( إن ) لا يعمل فيما قبلها فإن الظروف ونحوها يتوسع فيها .
والبطشة الكبرى : هي بطشة يوم بدر فإن ما أصاب صناديد المشركين يومئذ كان بطشة بالشرك وأهله لأنهم فقدوا سادتهم وذوي الرأي منهم الذين كانوا يسيرون أهل مكة كما يريدون .
والبطشة : واحدة البطش وهو : الأخذ الشديد بعنف وتقدم في قوله تعالى ( أم لهم أيد يبطشون بها ) في سورة الأعراف .
( ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم [ 17 ] أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين [ 18 ] وأن لا تعلوا على الله إني أتيكم بسلطان مبين [ 19 ] وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون [ 20 ] وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون [ 21 ] ) جعل الله قصة قوم فرعون مع موسى عليه السلام وبني إسرائيل مثلا لحال المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به وجعل ما حل بهم إنذارا بما سيحل بالمشركين من القحط والبطشة مع تقريب حصول ذلك وإمكانه ويسره وإن كانوا في حالة قوة فإن الله قادر عليهم كما قال تعالى ( فأهلكنا أشد منهم بطشا ) فذكرها هنا تأييد للنبي ووعد له بالنصر وحسن العاقبة وتهديد للمشركين .
وهذا المثل وإن كان تشبيها لمجموع الحالة بالحالة فهو قابل للتوزيع بأن يشبه أبو جهل بفرعون ويشبه أتباعه بملأ فرعون وقومه أو يشبه محمد صلى الله عليه وسلم بموسى عليه السلام ويشبه المسلمون ببني إسرائيل . وقبول المثل لتوزيع التشبيه من محاسنه .
وموقع جملة ( ولقد فتنا ) يجوز أن يكون موقع الحال فتكون الواو للحال وهي حال من ضمير ( إنا منتقمون ) .
ويجوز أن تكون معطوفة على جملة ( إنا منتقمون ) أي منتقمون منهم في المستقبل وانتقمنا من قوم فرعون فيما مضى .
وأشعر قوله قبلهم أن أهل مكة سيفتنون كما فتن قوم فرعون فكان هذا الظرف مؤذنا بجملة محذوفة على طريقة الإيجاز والتقدير : إنا منتقمون ففاتنوهم فقد فتنا قبلهم قوم فرعون ومؤذنا بأن المذكور كالدليل على توقع ذلك وإمكانه وهو إيجاز آخر .
والمقصود تشبيه الحالة بالحالة ولكن عدل عن صوغ الكلام بصيغة التشبيه والتمثيل إلى صوغه بصيغة الإخبار اهتماما بالقصة وإظهارا بأنها في ذاتها مما يهم العلم به وأنها تذكير مستقل وأنها غير تابعة غيرها .
ولأن جملة ( وجاءهم رسول كريم ) عطفت على جملة ( فتنا ) أي ولقد جاءهم رسول كريم عطف مفصل على مجمل وإنما جاء معطوفا إذ المذكور فيه أكثر من معنى الفتنة فلا تكون جملة ( وجاءهم رسول كريم ) بيانا لجملة ( فتنا ) بل هي تفصيل لقصة بعثة موسى عليه السلام .
والفتن : الإيقاع في اختلال الأحوال وتقدم في قوله تعالى ( والفتنة أشد من القتل ) في سورة البقرة .
والرسول الكريم : موسى والكريم : النفيس الفائق في صنفه وتقدم عند قوله تعالى ( إني ألقي إلي كتاب كريم ) في سورة النمل أي رسول من خيرة الرسل أو من خيرة الناس .
و ( أن أدوا إلي عباد الله ) تفسير لما تضمنه وصف ( رسول ) وفعل ( جاءهم ) من معنى الرسالة والتبليغ ففيهما معنى القول .
ومعنى ( أدوا إلي ) أرجعوا إلي وأعطوا قال تعالى ( ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك ) يقال : أدى الشيء أوصله وأبلغه . وهمزة الفعل أصلية وهو مضاعف العين ولم يسمع منه فعل سالم غير مضاعف جعل بني إسرائيل كالأمانة عند فرعون على طريقة الاستعارة المكنية .
وخطاب الجمع لقوم فرعون . والمراد : فرعون ومن حضر من ملئه لعلهم يشيرون على فرعون بالحق ولعله إنما خاطب مجموع الملإ لما رأى من فرعون صلفا وتكبرا من الامتثال فخاطب أهل مشورته لعل فيهم من يتبصر الحق .
و ( عباد الله ) يجوز أن يكون مفعول ( أدوا ) مرادا به بنو إسرائيل أجري وصفهم ( عباد الله ) تذكيرا لفرعون بموجب رفع الاستعباد عنهم وجاء في سورة الشعراء ( أن أرسل معنا بني إسرائيل ) فحصل أنه وصفهم بالوصفتين فوصف ( عباد الله ) مبطل لحسبان القبط إياهم عبيدا كما قال ( وقومهما لنا عابدون ) وإنما هم عباد الله أي أحرار فعباد الله كناية عن الحرية كقول بشار يخاطب نفسه :