وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( أنى ) اسم استفهام أصله استفهام عن أمكنة حصول الشيء ويتوسعون فيها فيجعلونها استفهاما عن الأحوال بمعنى ( كيف ) بتنزيل الأحوال منزلة ظروف في مكان كما هنا بقرينة قوله ( وقد جاءهم رسول مبين ) . والمعنى : من أين تحصل لهم الذكرى والمخافة عند ظهور الدخان المبين وقد سدت عليهم طرقها بطعنهم في الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أتاهم بالتذكير .
والاستفهام مستعمل في الإنكار والإحالة أي كيف يتذكرون وهم في شك يلعبون وقد جاءهم رسول مبين فتولوا عنه وطعنوا فيه . فجملة ( وقد جاءهم ) في موضع الحال .
و ( مبين ) اسم فاعل إما من أبان المتعدي وحذف مفعوله لدلالة ( الذكرى ) عليه أي مبين لهم ما به يتذكرون ويجوز أن يكون من أبان القاصر الذي هو بمعنى بان أي رسول ظاهر أي ظاهرة رسالته عن الله بما توفر معها من دلائل صدقه .
وإيثار ( مبين ) بتخفيف الياء على ( مبين ) بالتشديد من نكت الإعجاز ليفيد المعنيين .
و ( ثم ) للتراخي الرتبي وهو ترق من مفاد قوله ( بل هم في شك يلعبون ) الذي اتصلت به جملة كانت جملة ( وقد جاءهم رسول مبين ) من متعلقاتها فالمعنى : وقد جاءهم رسول فشكوا في رسالته ثم تولوا عنه وطعنوا فيه فالتولي والطعن حصلا عند حصول الشك واللعب ولذلك كانت ( ثم ) للتراخي الرتبي لا لتراخي الزمان . ومعنى التراخي الرتبي هنا أن التولي والبهتان أفظع من الشك واللعب .
والمعلم الذي يعلمه غيره وقد تقدم عند قوله تعالى ( ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ) في سورة النحل .
والمعنى : أنهم وصفوه مرة بأنه يعلمه غيره ووصفوه مرة بالجنون تنقلا في البهتان أو وصفه فريق بهذا وفريق بذلك فالقول موزع بين أصحاب ضمير ( قالوا ) أو بين أوقات القائلين . ولا يصح أن يكون قولا واحدا في وقت واحد لأن المجنون لا يكون معلما ولا يتأثر بالتعليم .
( إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون [ 15 ] ) يجيء على ما فسر به جميع المفسرين قوله ( ربنا اكشف عنا العذاب ) أن هذه الجملة جواب لسؤالهم ويجيء على ما درجنا عليه أن تكون هذه الجملة إعلاما للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يكشف العذاب المتوعد به المشركون مدة فيعودون إلى ما كانوا فيه " وعليه فضمير ( إنكم عائدون ) التفات إلى خطاب المشركين " أي يمسكون عن ذلك مدة وهي المدة التي أرسلوا فيها وفدهم إلى المدينة ليسأل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله بكشف القحط عنهم فإنهم أيامئذ يمسكون عن الطعن والذم رجاء أن يدعو لهم ثم يعودون لما كانوا فيه كما قال تعالى ( وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله ) كما اقتضى أن العذاب عائد إليهم بعد عودتهم إلى ما كانوا فيه من أسباب إصابتهم بالعذاب .
فمعنى ( إنا كاشفوا العذاب ) : إنا كاشفوه في المستقبل بقرينة قوله قبله ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ) المقتضي أنه يحصل في المستقبل والآية متصل بعضها ببعض وكذلك معنى ( إنكم عائدون ) أي في المستقبل . واسم الفاعل يكون مرادا به الحصول في المستقبل بالقرينة .
روي أنهم كشف عنهم القحط بعد استسقاء النبي صلى الله عليه وسلم فحيوا وحييت أنعامهم ثم عادوا فعادوهم القحط كمال سبع سنين ولعلها عقبها فتح مكة .
وجملة ( إنكم عائدون ) مستأنفة استئنافا بيانيا لأنهم إذا سمعوا ( إنا كاشفوا العذاب قليلا ) تطلعوا إلى ما سيكون بعد كشفه وتطلع المؤمنون إلى ما تصير إليه حال المشركين بعد كشف العذاب هل يقلعون عن الطعن فكان قوله ( إنكم عائدون ) مبينا لما يتساءلون عنه .
( يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون [ 16 ] ) هذا هو الانتقام الذي وعد به الرسول صلى الله عليه وسلم وتوعد به أيمة الكفر .
والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا ناشئا عن قوله ( إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون ) فإن السامع يثار في نفسه سؤال عن جزائهم حيث يعودون إلى التولي والطعن فأجيب بأن الانتقام منهم هو البطشة الكبرى وهي الانتقام التام ولأجل هذا التطلع والتساؤل أكدا بخبر بحرف التأكيد دفعا للتردد .
وأصل تركيب الجملة : إنا منتقمون يوم نبطش البطشة الكبرى ف ( يوم ) منصوب على المفعول فيه لاسم الفاعل وهو ( منتقمون ) .
A E