وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( هذا عذاب أليم ) قال ابن عطية يجوز أن يكون إخبارا من جانب الله تعالى تعجيبا منه كما في قوله تعالى في قصة الذبيح ( إن هذا لهو البلاء المبين ) . ويحتمل أن يكون ذلك من قول الناس الذين يغشاهم العذاب بتقدير : يقولون : هذا عذاب أليم .
والإشارة في ( هذا عذاب أليم ) إلى الدخان المذكور آنفا عدل عن استحضاره بالإضمار وأن يقال : هو عذاب أليم إلى استحضاره بالإشارة لتنزيله منزلة الحاضر المشاهد تهويلا لأمره كما تقول : هذا الشتاء قادم فأعد له .
وقريب منه الأمر بالنظر في قوله تعالى ( انظر كيف كذبوا علة أنفسهم ) فإن المحكي مما يحصل في الآخرة .
( ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون [ 12 ] ) هذه جملة معترضة بين جملة ( هذا عذاب أليم ) وجملة ( أنى لهم الذكرى ) فهي مقول قول محذوف .
وحملها جميع المفسرين على أنها حكاية قول الذين يغشاهم العذاب بتقدير يقولون : ربنا اكشف عنا العذاب أي هو وعد صادر من الناس الذين يغشاهم العذاب بأنهم يؤمنون أن كشف عنهم العذاب ( أي فيكون مثل قوله تعالى في سورة الزخرف ( وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ) أي إن دعوت ربك اتبعناك ) ويكون بمعنى قوله في سورة الأعراف ( ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك ) إلى قوله ( لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ) .
ومما تسمح به تراكيب الآية وسياقها أن يكون القول المحذوف مقدرا بفعل أمر ( أي قولوا ) لتلقين المسلمين أن يستعيذوا بالله من أن يصيبهم ذلك العذاب إذ كانوا والمشركين في بلد واحد كما استعاذ موسى عليه السلام بقوله ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) . وفيه إيماء إلى أن الله سيخرج المؤمنين من مكة قبل أن يحل بأهلها هذا العذاب فهذا التلقين كالذي في قوله تعالى ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) الآيات .
وعليه فجملة ( إنا مؤمنون ) تعليل لطلب دفع العذاب عنهم أي إنا متلبسون بما يدفع عنا عذاب الكافرين وفي تلقينهم بذلك تنويه بشرف الإيمان وأسلوب الكلام جار على أن جملة ( إنا مؤمنون ) تعليل لطلب كشف العذاب عنهم لما يقتضيه ظاهر استعمال حرف ( إن ) من معنى الإخبار دون الوعد ومن التعليل دون التأكيد ولما يقتضيه اسم الفاعل من زمن الحال دون الاستقبال ولأن سياقه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بترقب إعانة الله إياه على المشركين كما كان يدعو " أعني عليهم بسبع كسني يوسف " فمقتضى المقام تأمينه من أن يصيب العذاب المسلمين وفيهم النبي صلى الله عليه وسلم وظاهر مادة الكشف تقتضي إزالة شيء كان حاصلا في شيء إلا أن الكشف هنا لما لم يكن مستعملا في معناه الحقيقي كان مجازه محتملا أن يكون مستعملا في منع حصول يخشى حصوله كما في قوله تعالى ( إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ) فإن قوم يونس لم يحل بهم عذاب فزال عنهم ولكنهم توعدوا به فبادروا بالإيمان فنجاهم الله منه وقول جعفر بن علبة الحارثي : .
لا يكشف الغماء إلا ابن حرة ... يرى غمرات الموت ثم يزورها أراد أنه يمنع العدو من أن ينالهم بسوء ومحتملا للاستعمال في زوال شيء كان حصل .
ولم يذكر أحد من رواة السير والآثار أن المشركين وعدوا النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يسلمون إن أزال الله عنهم القحط .
( أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين [ 13 ] ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون [ 14 ] ) هذه الجملة جعلها جميع المفسرين جوابا عن قول القائلين ( ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ) تكذيبا لوعدهم أي هم لا يتذكرون وكيف يتذكرون وقد جاءهم ما هو أقوى دلالة من العذاب وهي دلائل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وأما على التأويل الذي انتزعناه من تركيب الآية فهي جملة مستأنفة ناشئة عن قوله ( بل هم في شك يلعبون ) وهي كالنتيجة لها لأنهم إذا كانوا في شك يلعبون فقد صاروا بعداء عن الذكرى .
A E