وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والإتيان بحرف الظرفية للدلالة على شدة تمكن الشك من نفوسهم حتى كأنه ظرف محيط بهم لا يجدون عنه مخرجا أي لا يفارقهم الشك فالظرفية استعارة تبعية مثل الاستعلاء في قوله ( أولئك على هدى من ربهم ) .
A E وجملة ( يلعبون ) حال من ضمير ( هم ) أي اشتغلوا عن النظر في الأدلة التي تزيل الشك عنهم وتجعلهم مهتدين بالهزء واللعب في تلقي دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فكأن انغماسهم في الشك مقارنا لحالهم من اللعب ولهذه الجملة الحالية موقع عظيم إذ بها أفيد أن الشك حامل لهم على الهزء واللعب وأن الشغل باللعب يزيد الشك فيهم رسوخا بخلاف ما لو قيل : بل هم في شك ولعب فتفطن .
( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين [ 10 ] يغشى الناس هذا عذاب أليم [ 11 ] ) تفريع على جملة ( بل هم في شك يلعبون ) قصد منه وعد الرسول صلى الله عليه وسلم بانتقام الله من مكذبيه ووعيد المشركين على جحودهم بدلائل الوحدانية وصدق الرسول وعكوفهم على اللعب أي الاستهزاء بالقرآن والرسول وذكر له مخوفات للمشركين لإعدادهم للإيمان وبطشة انتقام من أيمتهم تستأصلهم .
فالخطاب في ( ارتقب ) للنبي صلى الله عليه وسلم والأمر مستعمل في التثبيت . والارتقاب : افتعال من رقبه إذا انتظره وإنما يكون الانتظار عند قرب حصول الشيء المنتظر . وفعل ( ارتقب ) يقتضي بصريحه أن إتيان السماء بدخان لم يكن حاصلا في نزول هذه الآية ويقتضي كناية عن اقتراب وقوعه كما يرتقب الجائي من مكان قريب .
و ( يوم ) اسم زمان منصوب على أنه مفعول به ل ( ارتقب ) وليس ظرفا وذلك كقوله تعالى ( يخافون يوما ) وهو مضاف إلى الجملة بعده لتمييز اليوم المراد عن بقية الأيام بأنه الذي تأتي فيه السماء بدخان مبين فنصب ( يوم ) نصب إعراب ولم ينون لأجل الإضافة .
والجملة التي يضاف إليها اسم الزمان تستغني عن الرابط لأن الإضافة مغنية عنه ولأن الجملة في قوة المصدر . والتقدير : فارتقب يوم إتيان السماء بدخان .
وأطلق اليوم على الزمان فإن ظهور الدخان كان في أيام وشهور كثيرة .
والدخان : ما يتصاعد عند إيقاد الحطب وهو تشبيه بليغ أي بمثل دخان .
والمبين : البين الظاهر وهو اسم فاعل من أبان الذي هو بمعنى بان . والمعنى : أنه ظاهر لكل أحد لا يشك في رؤيته .
وقال أبو عبيدة وابن قتيبة : الدخان في الآية هو : الغبار الذي يتصاعد من الأرض من جراء الجفاف وأن الغبار يسميه العرب دخانا وهو الغبار الذي تثيره الرياح من الأرض الشديدة الجفاف .
وعن الأعرج : أنه الغبار الذي أثارته سنابك الخيل يوم فتح مكة فقد حجبت الغبرة السماء وإسناد الإتيان به إلى السماء مجاز عقلي لأن السماء مكانه حين يتصاعد في جو السماء أو حين يلوح للأنظار منها .
والكلام يؤذن بأن هذا الدخان المرتقب حادث قريب الحصول فالظاهر أنه حدث يكون في الحياة الدنيا وأنه عقاب للمشركين .
فالمراد بالناس من قوله ( يغشى الناس ) هم المشركون كما هو الغالب في إطلاق لفظ الناس في القرآن وأنه يكشف زمنا قليلا عنهم إعذارا لهم لعلهم يؤمنون وأنهم يعودون بعد كشفه إلى ما كانوا عليه وأن الله يعيده عليهم كما يؤذن بذلك قوله ( إنا كاشفوا العذاب قليلا ) . وأما قوله ( يوم نبطش البطشة ) فهو عذاب آخر . وكل ذلك يؤذن بأن العذاب بالدخان يقع في الدنيا وأنه مستقبل قريب وإذ قد كانت الآية مكية تعين أن هذا الدخان الذي هو عذاب للمشركين لا يصيب المؤمنين لقوله تعالى ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) فتعين أن المؤمنين يوم هذا الدخان غير قاطنين بدار الشرك فهذا الدخان قد حصل بعد الهجرة لا محالة وتعين أنه قد حصل قبل أن يسلم المشركون الذين بمكة وما حولها فيتعين أنه حصل قبل فتح مكة أو يوم فتح مكة على اختلاف الأقوال .
A E