وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي وصف ( السميع العليم ) تعريض بالتهديد .
( رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين [ 7 ] ) هذا عود إلى مواجهة المشركين بالتذكير على نحو ما ابتدئت به السورة .
A E وهو تخلص للاستدلال على تفرد الله بالإلهية إلزاما لهم بما يقرون به من أنه رب السماوات والأرض وما بينهما ويقرون بأن الأصنام لا تخلق شيئا غير أنهم معرضون عن نتيجة الدليل ببطلان إلهية الأصنام ألا ترى القرآن يكرر تذكيرهم بأمثال هذا مثل قوله تعالى ( أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون ) وقوله ( والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء ) ولأجل ذلك ذكر الربوبية إجمالا في قوله ( رحمة من ربك ) ثم تفصيلا بذكر صفة عموم العلم التي هي صفة المعبود بحق بصيغة قصر القلب المشير إلى أن الأصنام لا تسمع ولا تعلم . وبذكر صفة التكوين المختصة به تعالى بإقرارهم ارتقاء في الاستدلال . فلما لم يكن مجال للريب في أنه تعالى هو الإله الحق أعقب هذا الاستدلال بجملة ( إن كنتم موقنين ) بطريقة إثارة التيقظ لعقولهم إذ نزلهم منزلة المشكوك إيقانهم لعدم جريهم على موجب الإيقان لله بالخالقية حين عبدوا غيره بأن أتي في جانب فرض إيقانهم بطريقة الشرط وأتي بحرف الشرط الذي أصله عدم الجزم بوقوع الشرط على نحو قوله تعالى ( أفنضرب عنكم الذكر صفحا إن كنتم قوما مسرفين ) .
وقرأ الجمهور ( رب السماوات ) برفع ( رب ) على أنه خبر مبتدأ محذوف وهو من حذف المسند إليه لمتابعة الاستعمال في مثله بعد إجراء أخبار أو صفات عن ذات ثم يردف بخبر آخر ومن ذلك قولهم بعد ذكر شخص : فتى يفعل ويفعل . وهو من الاستئناف البياني إذ التقدير : إن اردت أن تعرفه فهو كذا . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف بجر ( رب ) على أنه بدل من قوله ( ربك ) .
وحذف متعلق ( موقنين ) للعلم به من قوله ( رب السماوات والأرض وما بينهما ) . وجواب الشرط محذوف دل عليه المقام . والتقدير : إن كنتم موقنين فلا تعبدوا غيره ولذلك أعقبه بجملة ( لا إله إلا هو ) .
( لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين [ 8 ] ) جملة ( لا إله إلا هو ) نتيجة للدليل المتقدم لأن انفراده بربوبية السماوات والأرض وما بينهما دليل على انفراده بالإلهية أي على بطلان إلهية أصنامهم فكانت هذه الجملة نتيجة لذلك فلذلك فصلت لشدة اقتضاء الجملة التي قبلها إياها .
وجملة ( يحيي ويميت ) مستأنفة للاستدلال على أنه لا إله إلا هو بتفرده بالإحياء والإماتة والمشركون لا ينازعون في أن الله هو المحيي والمميت فكما استدل عليهم بتفرده بإيجاد العوالم وما فيها استدل عليهم بخلق أعظم أحوال الموجودات وهي حالة الحياة التي شرف بها الإنسان عن موجودات العالم الأرضي وكرم أيضا بإعطائها للحيوان لتسخيره لانتفاع الإنسان به بسببها وبتفرده بالإماتة وهي سلب الحياة عن الحي للدلالة على أن الحياة ليست ذاتية للحي .
ولما كان تفرده بالإحياء والإماتة دليلا واضحا في أحوال المخاطبين وفيما حولهم من ظهور الأحياء بالولادة والأموات بالوفاة يوما فيوما من شأنه أن لا يجهلوا دلالته بله جحودهم إياها ومع ذلك قد عبدوا الأصنام التي لا تحيي ولا تميت أعقب بإثبات ربوبيته للمخاطبين تسجيلا عليهم بجحد الأدلة وبكفران النعمة .
وعطف ( ورب آبائكم الأولين ) ليسجل عليهم الإلزام بقولهم ( وإنا على أثارهم مهتدون ) . ووصفهم ب ( الأولين ) لأنهم جعلوا أقدم الآباء حجة أعظم من الآباء الأقربين كما قال تعالى حكاية عنهم ( ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ) .
( بل هم في شك يلعبون [ 9 ] ) ( بل ) للإضراب الإبطالي رد به أن يكونوا موقنين ومقرين بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما فإن إقرارهم غير صادر عن علم ويقين ثابت بل هو كالعدم لأنهم خلطوه بالشك واللعب فارتفعت عنه خاصية اليقين والإقرار التي هي الجري على موجب العلم فإن العلم إذا لم يجر صاحبه على العمل به وتجديد ملاحظته تطرق إليه الذهول ثم النسيان فضعف حتى صار شكا لانحجاب الأدلة التي يرسخ بها في النفس أي هم شاكون في وحدانية الله تعالى