وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإعادة كلمة ( أمرا ) لتفخيم شأنه وإلا فإن المقصود الأصلي هو قوله ( من عندنا ) فكان مقتضى الظاهر أن يقع ( من عندنا ) صفة ل ( أمر حكيم ) فخولف ذلك لهذه النكتة أي أمرا عظيما فخما إذا وصف ب ( حكيم ) . ثم بكونه من عند الله تشريفا له بهذه العندية وينصرف هذا التشريف والتعظيم ابتداء وبالتعيين إلى القرآن إذ كان بنزوله في تلك الليلة تشريفها وجعلها وقتا لقضاء الأمور الشريفة الحكيمة .
A E وجملة ( إنا كنا مرسلين ) معترضة وحرف ( إن ) فيها مثل ما وقع في ( إنا كنا منذرين ) .
واعلم أن مفتتح السورة يجوز أن يكون كلاما موجها إلى المشركين ابتداء لفتح بصائرهم إلى شرف القرآن وما فيه من النفع للناس ليكفوا عن الصد عنه ولهذا وردت الحروف المقطعة في أولها المقصود منها التحدي بالإعجاز واشتملت تلك الجمل الثلاث على حرف التأكيد ويكون إعلام الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه المزايا حاصلا تبعا إن كان لم يسبق إعلامه بذلك بما سبق من آي القرآن أو بوحي غير القرآن .
ويجوز أن يكون موجها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أصالة ويكون علم المشركين بما يحتوي عليه حاصلا تبعا بطريق التعريض ويكون التوكيد منظورا فيه إلى الغرض التعريضي .
ومفعول ( مرسلين ) محذوف دل عليه مادة اسم الفاعل أي مرسلين الرسل .
و ( رحمة من ربك ) مفعول له من ( إنا كنا مرسلين ) أي كنا مرسلين لأجل رحمتنا أي بالعباد المرسل إليهم لأن الإرسال بالإنذار رحمة بالناس ليتجنبوا مهاوي العذاب ويكتسبوا مكاسب الثواب قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) . ويجوز أن يكون ( رحمة ) حالا من الضمير المنصوب في ( أنزلناه ) .
وإيراد لفظ الرب في قوله ( من ربك ) إظهار في مقام الإضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقول : رحمة منا . وفائدة هذا الإظهار الإشعار بأن معنى الربوبية يستدعي الرحمة بالمربوبين ثم إضافة ( رب ) إلى ضمير الرسول صلى الله عليه وسلم صرف للكلام عن مواجهة المشركين إلى مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب لأنه الذي جرى خطابهم هذا بواسطته فهو كحاضر معهم عند توجيه الخطاب إليهم فيصرف وجه الكلام تارة إليه كما في قوله ( يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك ) وهذا لقصد التنويه بشأنه بعد التنويه بشأن الكتاب الذي جاء به .
وإضافة الرب إلى ضمير الرسول صلى الله عليه وسلم ليتوصل إلى حظ له في خلال هذه التشريعات بأن ذلك كله من ربه أي بواسطته فإنه إذا كان الإرسال رحمة كان الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة قال تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ويعلم من كونه رب الرسول صلى الله عليه وسلم أنه رب الناس كلهم إذ لا يكون الرب رب بعض الناس دون بعض فأغنى عن أن يقول : رحمة من ربك وربهم لأن غرض إضافة رب إلى ضمير الرسول صلى الله عليه وسلم يأبى ذلك ثم سيصرح بأنه ربهم في قوله ( ربكم ورب آبائكم الأولين ) وهو مقام آخر سيأتي بيانه .
وجملة ( إنه هو السميع العليم ) تعليل لجملة ( إنا كنا مرسلين رحمة من ربك ) أي كنا مرسلين رحمة بالناس لأنه علم عبادة المشركين للأصنام وعلم إغواء أئمة الكفر للأمم وعلم ضجيج الناس من ظلم قويهم ضعيفهم وعلم ما سوى ذلك من أقوالهم فأرسل الرسل لتقويمهم وإصلاحهم وعلم أيضا نوايا الناس وأفعالهم وإفسادهم في الأرض فأرسل الرسل بالشرائع لكف الناس عن الفساد وإصلاح عقائدهم وأعمالهم فأشير إلى علم النوع الأول بوصف ( السميع ) لأن السميع هو الذي يعلم الأقوال فلا يخفى عليه منها شيء . وأشير إلى علم النوع الثاني بوصف ( العليم ) الشامل لجميع المعلومات . وقدم ( السميع ) للاهتمام بالمسموعات لأن أصل الكفر هو دعاء المشركين أصنامهم .
واعلم أن السميع والعليم تعليلان لجملة ( إنا كنا مرسلين ) بطريق الكناية الرمزية لأن علة الإرسال في الحقيقة هي إرادة الصلاح ورحمة الخلق . وأما العلم فهو الصفة التي تجري الإرادة على وفقه فالتعليل بصفة العلم بناء على مقدمة أخرى وهي أن الله تعالى حكيم لا يحب الفساد فإذا كان لا يحب ذلك وكان عليما بتصرفات الخلق كان علمه وحكمته مقتضيين أن يرسل للناس رسلا رحمة بهم .
وضمير الفصل أفاد الحصر أي هو السميع العليم لا أصنامكم التي تدعونها .
وفي هذا إيماء إلى الحاجة إلى إرسال الرسول إليهم بإبطال عبادة الأصنام