وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولما تضافرت الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر " اطلبوها في العشر الأواخر من رمضان في ثالثة تبقى في خامسة تبقى في سابعة تبقى في تاسعة تبقى " . فالذي نعتمده أن القرآن ابتدئ نزوله في العشر الأواخر من رمضان إلا إذا حمل قول النبي صلى الله عليه وسلم " اطلبوها في العشر الأواخر " على خصوص الليلة من ذلك العام .
وقد اشتهر عند كثير من المسلمين أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين باستمرار وهو مناف لحديث " اطلبوها في العشر الأواخر " على كل احتمال .
وجملة ( إنا كنا منذرين ) معترضة . وحرف ( إن ) يجوز أن يكون للتأكيد ردا لإنكارهم أن يكون الله أرسل رسلا للناس لأن المشركين أنكروا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم بزعمهم أن الله لا يرسل رسولا من البشر قال تعالى ( إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ) فكان رد إنكارهم ذلك ردا لإنكارهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فتكون جملة ( إنا كنا منذرين ) مستأنفة .
ويجوز أن تكون ( إن ) لمجرد الاهتمام بالخبر فتكون مغنية غناء فاء التسبب فتفيد تعليلا فتكون جملة ( إنا كنا منذرين ) تعليلا لجملة ( أنزلناه ) أي أنزلناه للإنذار لأن الإنذار شأننا فمضمون الجملة علة العلة وهو إيجاز وإنما اقتصر على وصف ( منذرين ) مع أن القرآن منذر ومبشر اهتماما بالإنذار لأنه مقتضى حال جمهور الناس يومئذ والإنذار يقتضي التبشير لمن انتذر . وحذف مفعول ( منذرين ) لدلالة قوله ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) عليه أي منذرين المخاطبين بالقرآن .
وجملة ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) مستأنفة استئنافا بيانيا ناشئا عن تنكير ( ليلة ) . ووصفها ب ( مباركة ) كما علمت آنفا فدل على عظم شأن هاته الليلة عند الله تعالى فإنها ظهر فيها إنزال القرآن وفيها يفرق عند الله كل أمر حكيم .
وفي هذه الجمل الأربع محسن اللف والنشر ففي قوله ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) لف بين معنيين أولهما : تعيين إنزال القرأن وثانيهما : اختصاص تنزيله في ليلة مباركة ثم علل المعنى الأول بجملة ( إنا كنا منذرين ) وعلل المعنى الثاني بجملة ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) .
والمنذر : الذي ينذر أي يخبر بأمر فيه ضر لقصد أن يتقيه المخبر به وتقدم في قوله تعالى ( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ) في سورة البقرة .
والفرق : الفصل والقضاء أي فيها يفصل كل ما يراد قضاؤه في الناس ولهذا يسمى القرآن فرقانا وتقدم قوله تعالى ( فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ) في سورة المائدة أي جعل الله الليلة التي أنزل فيها القرآن وقتا لإنفاذ وقوع أمور هامة مثل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم تشريفا لتلك المقضيات وتشريفا لتلك الليلة .
وكلمة ( كل ) يجوز أن تكون مستعملة في حقيقة معناها من الشمول وقد علم الله ما هي الأمور الحكيمة فجمعها للقضاء بها في تلك الليلة وأعظمها ابتداء نزول الكتاب الذي فيه صلاح الناس كافة .
ويجوز أن تكون ( كل ) مستعملة في معنى الكثرة وهو استعمال في كلام الله تعالى وكلام العرب وقد تقدم في قوله تعالى في سورة النمل ( وأوتيت من كل شيء ) أي فيها تفرق أمور عظيمة .
والظاهر أن هذا مستمر في كل ليلة توافق عد تلك الليلة من كل عام كما يؤذن به المضارع في قوله ( يفرق ) . ويحتمل أن يكون استعمال المضارع في ( يفرق ) لاستحضار تلك الحالة العظيمة كقوله تعالى ( فتثير سحابا ) .
والأمر الحكيم : المشتمل على حكمة من حكمة الله تعالى أو الأمر الذي أحكمه الله تعالى وأتقنه بما ينطوي عليه من النظم المدبرة الدالة على سعة العلم وعمومه .
وبعض تلك الأمور الحكيمة ينفذ الأمر به إلى الملائكة الموكلين بأنواع الشؤون وبعضها ينفذ الأمر به على لسان الرسول مدة حياته الدنيوية وبعضا يلهم إليه من ألهمه الله أفعالا حكيمة والله هو العالم بتفاصيل ذلك .
وانتصب ( أمرا من عندنا ) على الحال من ( أمر حكيم )