وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

عطف على ما سبق من حكاية ترهاتهم عطف القصة على القصة وهو عود إلى إبطال شبه المشركين التي أشار إليها قوله تعالى ( كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم ) وقوله تعالى ( كبر على المشركين ما تدعوهم إليه ) وقد أشرنا إلى تفصيل ذلك فيما تقدم ويزيده وضوحا قوله عقبه ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) . وهذه الآية تبطل الشبهة الثانية فيما عددناه من شبهاتهم في كون القرآن وحيا من الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم إذ زعموا أن محمدا صلى الله عليه وسلم لو كان مرسلا من الله لكانت معه ملائكة تصدق قوله أو لأنزل عليه كتاب جاهز من السماء يشاهدون نزوله قال تعالى ( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ) وقال ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) إلى أن قال ( ولن نؤمن لك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ) .
وإذ قد كان أهم غرض هذه السورة إثبات كون القرآن وحيا من الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم كما أوحي من قبله للرسل كان العود إلى ذلك من قبيل رد العجز على الصدر .
فبين الله للمكذبين أن سنة الله في خطاب رسله لا تعدو ثلاثة أنحاء من الخطاب منها ما جاء به القرآن فلم يكن ذلك بدعا مما جاءت به الرسل الأولون وما كان الله ليخاطب رسله على الأنحاء التي اقترحها المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم فجيء بصيغة حصر مفتتحة بصيغة الجحود المفيدة مبالغة النفي وهي ( وما كان لبشر أن يكلمه الله ) أي لم يتهيأ لأحد من الرسل أن يأتيه خطاب من الله بنوع من هذه الثلاثة .
ودل ذلك على انتفاء أن يكون إبلاغ مراد الله تعالى لأمم الرسل بغير أحد هذه الأنواع الثلاثة أعني خصوص نوع إرسال رسول بدلالة فحوى الخطاب فإنه إذا كان الرسل لا يخاطبهم الله إلا بأحد هذه الأنحاء الثلاثة فالأمم أولى بأن لا يخاطبوا بغير ذلك من نحو ما سأله المشركون من رؤية الله يخاطبهم أو مجيء الملائكة إليهم بل لا يتوجه إليهم خطاب الله إلا بواسطة رسول منهم يتلقى كلام الله بنحو من الأنحاء الثلاثة وهو مما يدخل في قوله ( أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء ) فإن الرسول يكون ملكا وهو الذي يبلغ الوحي إلى الرسل والأنبياء .
وخطاب الله الرسل والأنبياء قد يكون لقصد إبلاغهم أمرا يصلحهم نحو قوله تعالى ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا ) وقد يكون لإبلاغهم شرائع للأمم مثل معظم القرآن والتوراة أو إبلاغهم مواعظ لهم مثل الزبور ومجلة لقمان .
والاستثناء في قوله ( إلا وحيا ) استثناء من عموم أنواع المتكلم التي دل عليها الفعل الواقع في سياق النفي وهو ( ما كان لبشر أن يكلمه الله ) .
فانتصاب ( وحيا ) على الصفة لمصدر محذوف دل عليه الاستثناء والتقدير : إلا كلاما وحيا أي موحى به كما تقول : لا أكلمه إلا جهرا أو إلا إخفاتا لأن الجهر والإخفات صفتان للكلام .
والمراد بالتكلم بلوغ مراد الله إلى النبي سواء كان ذلك البلوغ بكلام يسمعه ولا يرى مصدره أو بكلام يبلغه إليه الملك عن الله تعالى أو بعلم يلقى في نفس النبي يوقن بأنه مراد الله بعلم ضروري يجعله الله في نفسه .
وإطلاق الكلام على هذه الثلاثة الأنواع : بعضه حقيقة مثل ما يسمعه النبي كما سمع موسى وبعضه مجاز قريب من الحقيقة وهو ما يبلغه إلى النبي فإنه رسالة بكلام وبعضه مجاز محض وهو ما يلقى في قلب النبي مع العلم فإطلاق فعل ( يكلمه ) على جميعها من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه على طريقة استعمال المشترك في معانيه .
وإسناد فعل ( يكلمه ) إلى الله إسناد مجازي عقلي .
وبهذا الاعتبار صار استثناء الكلام الموصوف بأنه وحي استثناء متصلا .
وأصل الوحي : الإشارة الخفية ومنه ( فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) . ويطلق على ما يجده المرء في نفسه دفعة كحصول معنى الكلام في نفس السامع قال عبيد بن الأبرص : .
وأوحى إلي الله أن قد تآمروا ... بإبل أبي أوفى فقمت على رجل A E