وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولكن الله لم يسد على النوع منافذ الكمال فخلقه خلقا وسطا بين الملكية والبهيمية إذ ركبه من المادة وأودع فيه الروح ولم يخله عن الإرشاد بواسطة وسطاء وتعاقبهم في العصور وتناقل إرشادهم بين الأجيال فإن اتبع إرشادهم التحق بأخلاق الملائكة حتى يبلغ المقامات التي أقامته في مقام الموازنة بين بعض أفراده وبين الملائكة في التفاضل .
A E وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى ( قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ) وقوله ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ) .
( يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور [ 49 ] أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما ) بدل من جملة ( يخلق ما يشاء ) بدل اشتمال لأن خلقه ما يشاء يشتمل على هبته لمن يشاء ما يشاء .
وهذا الإبدال إدماج مثل جامع لصور إصابة المحبوب وإصابة المكروه فإن قوله ( ويجعل من يشاء عقيما ) هو من المكروه عند غالب البشر ويتضمن ضربا من ضروب الكفران وهو اعتقاد بعض النعمة سيئة في عادة المشركين من تطيرهم بولادة البنات لهم وقد أشير إلى التعريض بهم في ذلك بتقديم الإناث على الذكور في ابتداء تعداد النعم الموهوبة على عكس العادة في تقديم الذكور على الإناث حيثما ذكرا في القرآن في نحو ( إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ) وقوله ( فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى ) فهذا من دقائق هذه الآية .
والمراد : يهب لمن يشاء إناثا فقط ويهب لمن يشاء الذكور فقط بقرينة قوله : ( أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ) .
وتنكير ( إناثا ) لأن التنكير هو الأصل في أسماء الأجناس وتعريف ( الذكور ) باللام لأنهم الصنف المعهود للمخاطبين فاللام لتعريف الجنس وإنما يصار إلى تعريف الجنس لمقصد أي يهب ذلك الصنف الذي تعهدونه وتتحدثون به وترغبون فيه على حد قول العرب : أرسلها العراك وتقدم في أول الفاتحة . و ( أو ) للتقسيم .
والتزويج قرن الشيء بشيء آخر فيصيران زوجا . ومن مجازه إطلاقه على إنكاح لرجل امرأة لأنهما يصيران كالزوج والمراد هنا : جعلهم زوجا في الهبة أي يجمع لمن يشاء فيهب له ذكرانا مشفعين بإناث فالمراد التزويج بصنف آخر لا مقابلة كل فرد من الصنف بفرد من الصنف الآخر .
والضمير في ( يزوجهم ) عائد إلى كلا من الإناث والذكور . وانتصب ( ذكرانا وإناثا ) على الحال من ضمير الجمع في ( يزوجهم ) .
والعقيم : الذي لا يولد له من رجل أو امرأة وفعله عقم من باب فرح وعقم من باب كرم . وأصل فعله أن يتعدى إلى المفعول بقال عقمها الله من باب ضرب ويقال عقمت المرأة بالبناء للمجهول أي عقمها عاقم لأن سبب العقم مجهول عندهم . فهو مما جاء متعديا وقاصرا فالقاصر بضم القاف وكسرها والمتعدي بفتحها والعقيم : فعيل بمعنى مفعول فلذلك استوى فيه المذكر والمؤنث غالبا وربما ظهرت التاء نادرا قالوا : رحم عقيمة .
( إنه عليم قدير [ 50 ] ) جملة في موضع العلة للمبدل منه وهو ( يخلق ما يشاء ) فموقع ( إن ) هنا موقع فاء التفريع .
والمعنى : أن خلقه ما يشاء ليس خلقا مهملا عريا عن الحكمة لأنه واسع العلم لا يفوته شيء من المعلومات فخلقه الأشياء يجري على وفق علمه وحكمته .
وهو ( قدير ) نافذ القدرة فإذا علم الحكمة في خلق شيء أراده فجرى على قدره . ولما جمع بين وصفي العلم والقدرة تعين أن هنالك صفة مطوية وهي الإرادة لأنه إنما تتعلق قدرته بعد تعلق إرادته بالكائن .
وتفصيل المعنى : أنه عليم بالأسباب والقوى والمؤثرات التي وضعها في العوالم وبتوافق آثار بعضها وتخالف بعض وكيف تتكون الكائنات على نحو ما قدر لها من الأوضاع وكيف تتظاهر فتأتي الآثار على نسق واحد وتتمانع فينقص تأثير بعضها في آثاره بسبب ممانعة مؤثرات أخرى وكل ذلك من مظاهر علمه تعالى في أصل التكوين العالمي ومظاهر قدرته في الجري على وفاق علمه .
( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم [ 51 ] ) A E