وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

A E وقد شملت هذه الآية بموقعها الاعتراضي أصول الإرشاد إلى ما في الانتصار من الظالم وما في العفو عنه من صلاح الأمة ففي تخويل حق انتصار المظلوم من ظالمه ردع للظالمين عن الإقدام على الظلم خوفا من أن يأخذ المظلوم بحقه فالمعتدي يحسب لذلك حسابه حين ألهم بالعدوان .
وفي الترغيب في عفو المظلوم عن ظالمه حفظ آصرة الأخوة الإسلامية بين المظلوم وظالمه كيلا تنثلم في آحاد جزئياتها بل تزداد بالعفو متانة كما قال تعالى ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .
على أن الله تعالى لم يهمل جانب ردع الظالم فأنبأ بتحقيق أنه بمحل من غضب الله عليه إذ قال ( إنه لا يحب الظالمين ) ولا ينحصر ما في طي هذا من هول الوعيد .
وتنشأ على معنى هذه الآية مسألة غراء تجاذبتها أنظار السلف بالاعتبار وهي : تحليل المظلوم ظالمه من مظلمته . قال أبو بكر بن المعري في الأحكام : روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك وسئل عن قول سعيد بن المسيب : لا أحلل أحدا فقال : ذلك يختلف . فقلت : الرجل يسلف الرجل فيهلك ولا وفاء له قال : أرى أن يحلله وهو أفضل عندي لقول الله تعالى ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) وإن كان له فضل يتبع فقيل له : الرجل يظلم الرجل فقال : لا أرى ذلك وهو عندي مخالف للأول لقول الله تعالى ( إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ) ويقول تعالى ( ما على المحسنين من سبيل ) فلا أرى أن تجعله من ظلمه في حل .
قال ابن العربي فصار في المسألة ثلاثة أقوال : أحدها : لا يحلله بحال قال ابن المسيب . والثاني : يحلله قاله ابن سيرين زاد القرطبي وسليمان بن يسار الثالث : إن كان مالا حلله وإن كان ظلما لم يحلله وهو قول مالك .
وجه الأول : أن لا يحل ما حرم الله فيكون كالتبديل لحكم الله .
ووجه الثاني : أنه حقه فله أن يسقطه .
ووجه الثالث : أن الرجل إذا غلب على حقك فمن الرفق به أن تحلله وإن كان ظالما فمن الحق أن لا تتركه لئلا يغتر الظلمة ويسترسلوا في أفعالهم القبيحة .
وذكر حديث مسلم عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال خرجت " أنا وأبي لطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا فكان أول من لقينا أبو اليسر صاحب رسول الله A فقال له أبي : أرى في وجهك سنعة من غضب فقال : أجل كان لي على فلان دين فأتيت أهله وقلت : أثم هو ؟ قالوا : لا فخرج ابن له فقلت له : أين أبوك ؟ فقال سمع صوتك فدخل أريكة أمي . فقلت : اخرج إلي فخرج . فقلت : ما حملك على أن اختبأت مني ؟ قال : خشيت والله أن أحدثك فأكذبك وأنت صاحب رسول الله A . وكنت والله معسرا . قال : فأتى بصحيفته فمحاها بيده قال : إن وجدت قضاء فاقض وإلا فأنت في حل " .
( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل [ 41 ] ) يجوز أن تكون عطفا على جملة ( فمن عفا واصلح ) فيكون عذرا للذين لم يعفوا ويجوز أنها عطف على جملة ( هم ينتصرون ) وما بين ذلك اعتراض كما علمت فالجملة : إما مرتبطة بغرض انتصار المسلم على ظالمه من المسلمين تكملة لجملة ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) وإما مرتبطة بغرض انتصار المؤمنين من بغي المشركين عليهم وهو الانتصار بالدفاع سواء كان دفاع جماعات وهو الحرب فيكون هذا تمهيدا للإذن بالقتال الذي شرع من بعد أم دفاع الآحاد أن تمكنوا منه فقد صار المسلمون بمكة يومئذ ذوي قوة يستطيعون بها الدفاع عن أنفسهم آحادا كما قيل في عز الإسلام بإسلام عمر بن الخطاب .
واللام في ( ولمن انتصر ) موطئة للقسم و ( من ) شرطية أو اللام لام ابتداء و ( من ) موصولة . وإضافة ( ظلمه ) من إضافة المصدر إلى مفعوله أي بعد كونه مظلوما .
ومعنى ( بعد ظلمه ) التنبيه على أن هذا الانتصار بعد ان تحقق أنهم ظلموا : فأما في غير الحروب فمن يتوقع أن أحدا سيعتدي عليه ليس له أن يبادر أحدا بأذى قبل أن يشرع في الاعتداء عليه ويقول : ظننت أنه يعتدي علي فبادرته بالأذى اتقاء لاعتدائه المتوقع لأن مثل هذا يثير التهارج والفساد فنبه الله المسلمين على تجنبه مع عدوهم إن لم تكن بينهم حرب .
A E