وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والأمر : اسم من أسماء الأجناس العامة مثل : شيء وحادث . وإضافة اسم الجنس قد تفيد العموم بمعونة المقام أي جميع أمورهم متشاور فيها بينهم .
والإخبار عن الأمر بأنه شورى من قبيل الإخبار بالمصدر للمبالغة . والإسناد مجاز عقلي لأن الشورى تسند للمتشاورين وأما الأمر فهو ظرف مجازي للشورى ألا ترى أنه يقال : تشاورا في كذا قال تعالى ( وشاورهم في الأمر ) فاجتمع في قوله ( وأمرهم شورى ) مجاز عقلي واستعارة تبعية ومبالغة .
والشورى مصدر كالبشرى والفتيا وهي أن قاصد عمل يطلب ممن يظن فيه صواب الرأي والتدبير أن يشير عليه بما يراه في حصول الفائدة المرجوة من عمله وتقدم الكلام عليها عند قوله تعالى ( وشاوروهم في الأمر ) في سورة آل عمران .
وقوله ( بينهم ) ظرف مستقر هو صفة ب ( شورى ) . والتشاور لا يكون إلا بين المتشاورين فالوجه أن يكون هذا الظرف إيماء إلى أن الشورى لا ينبغي أن تتجاوز من يهمهم الأمر من أهل الرأي فلا يدخل فيها من لا يهمه الأمر وإلى أنها سر بين المتشاورين قال بشار : .
" ولا تشهد الشورى أمرا غير كاتم وقد كان شيخ الإسلام محمود ابن الخوجة أشار في حديث جرى بيني وبينه إلى اعتبار هذا الإيماء إشارة بيده حين تلا هذه الآية ولا أدري أذلك استظهار منه أم شيء تلقاه من بعض الكتب أو بعض أساتذته وكلا الأمرين ليس ببعيد عن مثله .
وأثنى الله عليهم بإقامة الصلاة فيجوز أن يكون ذلك تنويها بمكانة الصلاة بأعمال الإيمان ويجوز أن يكون المراد إقامة خاصة فإذا كانت الآية نازلة في الأنصار أو كان الأنصار المقصود الأول منها فلعل المراد مبادرة الأنصار بعد إسلامهم بإقامة الجماعة إذ سألوا النبي A أن يرسل إليهم من يقرأهم القرآن ويؤمهم في الصلاة فأرسل إليهم مصعب بن عمير وذلك قبل الهجرة .
وأثنى عليهم بأنهم ينفقون مما رزقهم الله وللأنصار الحظ الأوفر من هذا الثناء وهو كقوله فيهم ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) . وذلك أن الأنصار كانوا أصحاب أموال وعمل فلما آمنوا كانوا أول جماعة من المؤمنين لهم أموال يعينون بها ضعفاء المؤمنين منهم ومن المهاجرين الأولين قبل هجرة النبي A . فأما المؤمنون من أهل مكة فقد صادرهم المشركون أموالهم لأجل إيمانهم قال النبي A ( وهل ترك لنا عقيل من دار ) .
وقوله ( ومما رزقناهم ينفقون ) إدماج للامتنان في خلال المدح وإلا فليس الإنفاق من غير ما يرزقه المنفق .
( والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون [ 39 ] ) هذا موصول رابع وصلته خلق أراده الله للمسلمين والحظ الأول منه للمؤمنين الذين كانوا بمكة قبل أن يهاجروا فإنهم أصابهم بغي المشركين بأصناف الأذى من شتم وتحقير ومصادرة الأموال وتعذيب الذوات فصبروا عليه .
والبغي : الاعتداء على الحق فمعنى أصابته إياهم أنه سلط عليهم أي بغي غيرهم عليهم وهذه الآية مقدمة لقوله في سورة الحج ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق ) فإن سورة الحج نزلت بالمدينة . وإنما أثنى الله عليهم بأنهم ينتصرون لأنفسهم تنبيها على أن ذلك الانتصار ناشئ على ما أصابهم من البغي فكان كل من السبب والمسبب موجب الثناء لأن الانتصار محمدة دينية إذ هو لدفع البغي اللاحق بهم لأجل أنهم مؤمنون فالانتصار لأنفسهم رادع للباغين عن التوغل في البغي على أمثالهم وذلك الردع عون على انتشار الإسلام إذ يقطع ما شأنه أن يخالج نفوس الراغبين في الإسلام من هواجس خوفهم من أن يبغى عليهم .
وبهذا تعلم أن ليس بين قوله هنا ( والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) وبين قوله آنفا ( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) تعارض لاختلاف المقامين كما علمت آنفا .
وعن إبراهيم النخعي : كان المؤمنون يكرهون أن يستذلوا وكانوا إذا قدروا عفوا .
وأدخل ضمير الفصل بقوله ( هم ينتصرون ) الذي فصل بين الموصول وبين خبره لإفادة تقوي الخبر أي لا ينبغي أن يترددوا في الانتصار لأنفسهم .
وأوثر الخبر الفعلي هنا دون أن يقال : منتصرون لإفادة معنى تجدد الانتصار كلما أصابهم البغي .
وأما مجيء الفعل مضارعا فلأن المضارع هو الذي يجيء معه ضمير الفصل .
A E