وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أتبع الموصول السابق بموصولات معطوف بعضها على بعض كما تعطف الصفات للموصوف الواحد فكذلك عطف هذه الصلات وموصولاتها أصحابها متحدون وهم الذين آمنوا بالله وحده وقد تقدم نظيره عند قوله تعالى ( الذين يؤمنون بالغيب ) ثم قوله ( والذين يؤمنون بما أنزل إليك ) الآية في سورة البقرة .
والمقصود من ذلك : هو الاهتمام بالصلات فيكرر الاسم الموصول لتكون صلته معتنى بها حتى كأن صاحبها المتحد منزل منزلة ذوات . فالمقصود : ما عند الله خير وأبقى للمؤمنين الذين هذه صفاتهم أي أتبعوا إيمانهم بها . وهذه صفات للمؤمنين باختلاف الأحوال العارضة لهم فهي صفات متداخلة قد تجتمع في المؤمن الواحد إذا وجدت أسبابها وقد لا تجتمع إذا لم توجد بعض أسبابها مثل ( وأمرهم شورى بينهم ) .
وقرأ الجمهور ( كبائر ) بصيغة الجمع . وقرأه حمزة والكسائي وخلف " كبير " بالإفراد فكبائر الإثم : الفعلات الكبيرة من جنس الإثم وهي الآثام العظيمة التي نهى الشرع عنها نهيا جازما وتوعد فاعلها بعقاب الآخرة مثل القذف والاعتداء والبغي . وعلى قراءة " كبيرة الإثم " مراد به معنى كبائر الإثم لأن المفرد لما أضيف إلى معرف بلام الجنس من إضافة الصفة إلى الموصوف كان له حكم ما أضيف هو إليه .
والفواحش : جمع فاحشة وهي : الفعلة الموصوفة بالشناعة والتي شدد الدين في النهي عنها وتوعد عليها بالعذاب أو وضع لها عقوبات في الدنيا للذي يظهر عليه من فاعليها . وهذه مثل قتل النفس والزنى والسرقة والحرابة . وتقدم عند قوله ( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا ) في سورة الأعراف .
وكبائر الإثم والفواحش قد تدعو إليها القوة الشاهية . ولما كان كثير من كبائر الإثم والفواحش متسببا على القوة الغضبية مثل القتل والجراح والشتم والضرب أعقب الثناء على الذين يجتنبونها فذكر أن من شيمتهم المغفرة عند الغضب أي إمساك أنفسهم عن الاندفاع مع داعية الغضب فلا يغول الغضب أحلامهم .
وجيء بكلمة ( إذا ) المضمنة معنى الشرط والدالة على تحقق الشرط لأن الغضب طبيعة نفسية لا تكاد تخلو عنه نفس أحد على تفاوت . وجملة ( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) عطف على جملة الصلة .
وقدم المسند إليه على الخبر الفعلي في جملة ( هم يغفرون ) لإفادة التقوي .
وتقييد المسند ب ( إذا ) المفيدة معنى الشرط للدلالة على تكرر الغفران كلما غضبوا .
والمقصود من هذا معاملة المسلمين بعضهم مع بعض فلا يعارضه قوله الآتي ( والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ) لأن ذلك في معاملتهم مع أعداء دينهم .
( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلوة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقنهم ينفقون [ 38 ] ) هذا موصول آخر وصلة أخرى . ومدلولهما من أعمال الذين آمنوا التي يدعوهم إليها إيمانهم والمقصود منها ابتداء هم الأنصار كما روي عن عبد الرحمان ابن زيد . ومعنى ذلك أنهم من المؤمنين الذين تأصل فيهم خلق الشورى .
وأما الاستجابة لله فهي ثابتة لجميع من آمن بالله لأن الاستجابة لله هي الاستجابة لدعوة النبي A فإنه دعاهم إلى الإسلام مبلغا عن الله فكأن الله دعاهم إليه فاستجابوا لدعوته . والسين والتاء في ( استجابوا ) للمبالغة في الإجابة أي هي إجابة لا يخالطها كراهية ولا تردد .
ولام له للتقوية يقال : استجاب له كما يقال : استجابه فالظاهر أنه أريد منه استجابة خاصة وهي إجابة المبادرة مثل أبي بكر وخديجة وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص ونقباء الأنصار أصحاب ليلة العقبة .
وجعلت ( وأمرهم شورى بينهم ) عطفا على الصلة . وقد عرف الأنصار بذلك إذ كان التشاور في الأمور عادتهم فإذا نزل بهم مهم اجتمعوا وتشاوروا وكان من تشاورهم الذي أثنى الله عليهم به هو تشاورهم حين ورد إليهم نقباؤهم وأخبروهم بدعوة محمد A بعد أن آمنوا هم به ليلة العقبة فلما أبلغوهم ذلك اجتمعوا في دار أبي أيوب الأنصاري فأجمع رأيهم على الإيمان به والنصر له .
وإذ قد كانت الشورى مفضية إلى الرشد والصواب وكان من أفضل آثارها أن اهتدى بسببها الأنصار إلى الإسلام أثنى الله بها على الإطلاق دون تقييد بالشورى الخاصة التي تشاور بها الأنصار في الإيمان وأي أمر أعظم من أمر الإيمان .
A E