وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والباء للسببية أي سبب ما أصابكم من مصيبة هو أعمالكم . وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر ( بما كسبت أيديكم ) على أن ( ما ) موصولة وهي مبتدأ . و ( بما كسبت أيديكم ) ظرف مستقر هو خبر المبتدأ . وكذلك كتبت في مصحف المدينة ومصحف الشام وقرأ الباقون ( فبما كسبت أيديكم ) بفاء قبل الباء وكذلك كتبت في مصحف البصرة ومصحف الكوفة على أن ( ما ) متضمنة معنى الشرط فاقترن خبرها بالفاء لذلك أو هي شرطية والفاء رابطة لجواب الشرط ويكون وقوع فعل الشرط ماضيا للدلالة على التحقق .
و ( من ) بيانية على القراءتين لما في الموصول واسم الشرط من الإبهام .
والمصيبة : اسم للحادثة التي تصيب بضر ومكروه وقد لزمتها هاء التأنيث للدلالة على الحادثة فلذلك تنوسيت منها الوصيفة وصارت اسما للحادثة المكروهة .
فقراءة الجمهور تعين معنى عموم التسبب لأفعالهم فيما يصيبهم من المصائب لأن ( ما ) في هذه القراءة إما شرطية والشرط دال على التسبب وإما موصولة مشبهة بالشرطية فالموصولية تفيد الإيماء إلى علة الخبر وتشبيهها بالشرطية يفيد التسبب . وقراءة نافع وابن عامر لا تعين التسبب بل تجوزه لأن الموصول قد يراد به واحد معين بالوصف بالصلة فتحمل على العموم بالقرينة وبتأييد القراءة الأخرى لأن الأصل في اختلاف القراءات الصحيحة اتحاد المعاني .
وكلتا القراءتين سواء في احتمال أن يكون المقصود بالخطاب فريقا معينا وأن يكون المقصود به جميع الناس وكذلك في أن يكون المراد مصائب معينة حصلت في الماضي وأن يراد جميع المصائب التي حصلت والتي تحصل .
ومعنى الآية على كلا التقديرين يفيد : أن مما يصيب الناس من مصائب الدنيا ما هو جزاء لهم على أعمالهم التي لا يرضاها الله تعالى كمثل المصيبة أو المصائب التي أصابت المشركين لأجل تكذيبهم وأذاهم للرسول A .
ثم إن كانت ( ما ) شرطية كانت دلالتها على عموم مفهومها المبين بحرف ( من ) البيانية أظهر لأن شرطها الماضي يصح أن يكون بمعنى المستقبل كما هو كثير في الشروط المصوغة بفعل المضي والتعليق الشرطي يمحضها للمستقبل وإن كانت ( ما ) موصولة كانت دلالتها محتملة للعموم وللخصوص لأن الموصول يكون للعهد ويكون للجنس .
وأياما كان فهو دال على أن من المصائب التي تصيب الناس في الدنيا ما سلطه الله عليهم جزاء على سواء أعمالهم وإذا كان ذلك ثابتا بالنسبة لأناس معينين كان فيه نذارة وتحذير لغيرهم ممن يفعل من جنس أفعالهم أن تحل بهم مصائب في الدنيا جزاء على أعمالهم زيادة في التنكيل بهم إلا أن هذا الجزاء لا يطرد فقد يجازي الله قوما على أعمالهم جزاء في الدنيا مع جزاء الآخرة وقد يترك قوما إلى جزاء الآخرة فجزاء الآخرة في الخير والشر هو المطرد الموعود به والجزاء في الدنيا قد يحصل وقد لا يحصل كما قال تعالى ( ويعفو عن كثير ) كما سنبينه .
وهذا المعنى قد تكرر ذكره في آيات وأحاديث كثيرة بوجه الكلية وبوجه الجزئية فمما جاء بطريق الكلية قوله تعالى ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمني وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانني كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لمأ ) الآية فقوله ( بل لا تكرمون اليتيم ) مرتب على قوله ( كلا ) المرتب على قوله ( فيقول ربي أكرمني ) وقوله ( فيقول ربي أهانني ) فدل على أن الكرامة والإهانة إنما تسببا على عدم إكرام اليتيم والحض على طعام المسكين وقال تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) .
A E