وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولقد نزلت فلا تظني غيره ... مني بمنزلة المحب المكرم وفائدة هذا الاعتراض التعجيل بإفادة أن كثرتهم وقوتهم وحصونهم وجناتهم لم تغن عنهم من بأس الله شيئا .
وجملة ( فلما جاءتهم رسلهم بالبينات ) الآية مفرعة على جملة ( كانوا أكثر منهم ) أي كانوا كذلك إلى أن جاءتهم رسل الله إليهم بالبينات فلم يصدقوهم فرأوا بأسنا . وجعلنا في الكشاف جارية مجرى البيان ولتفسير لقوله ( فما أغنى عنهم ) وما سلكته أنا أحسن وموقع الفاء يؤيده .
وأما في ( لما ) من معنى التوقيت أفادت معنى أن الله لم يغير ما بهم من النعم العظمى حتى كذبوا رسله .
A E وجواب ( لما ) جملة ( فرحوا بما عندهم من العلم ) وما عطف عليها .
واعلم أن المفسرين ذهبوا في تفسير هذه الآية طرائق قددا ذكر بعضها الطبري عن بعض سلف المفسرين . وأنهاها صاحب الكشاف إلى ست ومال صاحب الكشف إلى إحداها وأبو حيان إلى أخرى ولا حاجة إلى جلب ذلك .
والطريقة التي يرجح سلوكها هي أن هنا ضمائر عشرة هي ضمائر جمع الغائبين وأن بعضها عائد لا محالة على ( الذين من قبلهم ) وأن وجه النظم أن تكون الضمائر متناسقة غير مفككة فلذا يتعين أن تكون عائدة إلى معاد واحد فالذين ( فرحوا بما عندهم من العلم ) هم الذين جاءتهم رسلهم بالبينات وهم الذين حاق بهم ما كانوا به يستهزئون والذين رأوا بأس الله فما بنا إلا أن نبين معنى ( فرحوا بما عندهم من العلم ) .
فالفرح هنا مكنى به آثاره وهي الازدهاء كما في قوله تعالى ( إذ قال قومه لا تفرح ) أي بما أنت فيه مكنى به هنا عن تمسكهم بما هم عليه فالمعنى : أنهم جادلوا الرسل وكابروا الأدلة وأعرضوا عن النظر . وما عندهم من العلم هو معتقداتهم الموروثة عن أهل الضلالة من أسلافهم .
قال مجاهد : قالوا لرسلهم : نحن أعلم منكم لن نبعث ولن نعذب اه . وإطلاق العلم على اعتقادهم تهكم وجري على حسب معتقدهم وإلا فهو جهل .
وقال السدي : فرحوا بما عندهم من العلم بجهلهم يعني فهو من قبيل قوله تعالى ( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون ) .
وحاق بهم : أحاط بقال : حاق يحيق حيقا إذا أحاط وهو هنا مستعار للشدة التي لا تنفيس بها لأن المحيط بشيء لا يدع له مفرجا .
و ( ما كانوا به يستهزئون ) هو الاستئصال والعذاب . والمعنى : أن رسلهم أوعدوهم بالعذاب فاستهزؤوا بالعذاب أي بوقوعه وفي ذكر فعل الكون تنبيه على أن الاستهزاء بوعيد الرسل كان شنشنة لهم وفي الإتيان ب ( يستهزئون ) مضارعا إفادة لتكرر استهزائهم .
( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين [ 84 ] فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ) موقع جملة ( فلما رأوا بأسنا ) من قوله ( فلما جاءتهم رسلهم بالبينات ) كموقع جملة ( فلما جاءتهم رسلهم ) من قوله ( كانوا أكثر منهم ) لأن إفادة ( لما ) معنى التوقيت يثير معنى توقيت انتهاء ما قبلها أي دام دعاء الرسل إياهم ودام تكذيبهم واستهزاؤهم إلى رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده .
والبأس : الشدة في المكروه وهو جامع لأصناف العذاب كقوله تعالى ( إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ) فذلك البأس بمعنى البأساء ألا ترى إلى قوله ( تضرعوا ) وهو هنا يقول ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ) . فالبأس هنا العذاب الخارق للعادة المنذر بالفناء فإنهم لما رأوه علموا أنه العذاب الذي أنذروه .
وفرع عليه قوله ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ) أي حين شاهدوا العذاب لم ينعهم الإيمان لأن الله لا يقبل الإيمان عند نزول عذابه .
وعدل عن أن يقال : فلم ينفعهم إلى قوله ( فلم يك ينفعهم ) لدلالة فعل الكون على أن خبره مقرر الثبوت لاسمه فلما أريد نفي ثبوت النفع إياهم بعد فوات وقته اجتلب لذلك نفي فعل الكون الذي خبره ( ينفعهم ) .
والمعنى أن الإيمان بعد رؤية بوارق العذاب لا يفيد صاحبه مثل الإيمان عند الغرغرة ومثل الإيمان عند طلوع الشمس من مغربها كما جاء في الحديث الصحيح وسيأتي بيان هذا عقبه .
( سنت الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون [ 85 ] )