وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولذلك كان قوله ( ويريكم آياته ) مفيدا مفاد التذليل لما في قوله ( آياته ) من العموم لأن الجمع المعرف بالإضافة من صيغ العموم أي يريكم آياته في النعم المذكورات وغيرها من كل ما يدل على وجوب توحيده وتصديق رسله ونبذ المكابرة فيما يأتونهم به من آيات صدقهم .
وقد جيء في جانب إراءة الآيات بالفعل المضارع لدلالته على التجدد لأن الإنسان كلما انتفع بشيء من النعم علم ما في ذلك من دلالة على وحدانية خالقها وقدرته وحكمته .
A E والإراءة هنا بصرية عبر بها عن العلم بصفات الله إذ كان طريق ذلك العلم هو مشاهدة تلك الأحوال المختلفة فمن تلك المشاهدة ينتقل العقل إلى الاستدلال وفيه إشارة إلى أن دلالة وجود الخالق ووحدانيته وقدرته برهانية تنتهي إلى اليقين والضرورة .
وإضافة الآيات إلى ضمير الجلالة لزيادة التنويه بها والإرشاد إلى إجادة النظر العقلي في دلائلها وأما كونها جائية من لدن الله وكون إضافتها من الإضافة إلى ما هو في معنى الفاعل فذلك أمر مستفاد من إسناد فعل ( يريكم ) إلى ضميره تعالى .
وفرع على إراءة الآيات استفهام إنكاري عليهم من أجل إنكارهم ما دلت عليه تلك الآيات .
و ( أي ) اسم استفهام يطلب به تمييز شيء عن مشاركة فيما يضاف إليه ( أي ) وهو هنا مستعمل في إنكار أن يكون شيء من آيات الله يمكن أن ينكر دون غيره من الآيات فيفيد أن جميع الآيات صالح للدالة على وحدانية الله وقدرته لا مساغ لادعاء خفائه وأنهم لا عذر لهم في عدم الاستفادة من إحدى الآيات .
والأكثر في استعمال ( أي ) إذا أضيف إلى اسم مؤنث اللفظ أن لا تلحقها هاء التأنيث اكتفاء بتأنيث ما تضاف إليه لأن الغالب في الأسماء التي ليست بصفات أن لا يفرق بين مذكرها ومؤنثها بالهاء نحو حمار فلا يقال للمؤنث حمارة . و ( أي ) اسم ويزيد بما فيه من الإبهام فلا يفسره إلا المضاف إليه فلذلك قال هنا ( فأي آيات الله ) دون : فأية آيات الله لأن إلحاق علامة التأنيث ب ( أي ) في مثل هذا قليل ومن غير الغالب تأنيث ( أي ) في قول الكميت : .
بأي كتاب أم بأية سنة ... ترى حبهم عارا علي وتحسب ( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون [ 82 ] فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون [ 83 ] ) تفريغ هذا الاستفهام عقب قوله ( ويريكم آياته ) يقتضي أنه مساوق للتفريغ الذي قبله وهو ( فأي آيات الله تنكرون ) فيقتضي أن السير المستفهم عنه بالإنكار على تركه هو سير تحصل فيه آيات ودلائل على وجود الله ووحدانيته وكلا التفريعين متصل بقوله ( ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون ) فذلك هو مناسبة الانتقال إلى التذكير بعبرة آثار الأمم التي استأصلها الله تعالى لما كذبت رسله وجحدت آياته ونعمه .
وحصل بذلك تكرير الإنكار الذي في قوله قبل هذا ( أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة ) الآية فكان ما تقدم انتقالا عقب آيات الإنذار والتهديد وكان هذا انتقالا عقب آيات الامتنان والاستدلال وفي كلا الانتقالين تذكير وتهديد ووعيد . وهو يشير إلى أنهم إن لم يكونوا ممن تزعهم النعم عن كفران مسديها كشأن أهل النفوس الكريمة فليكونوا ممن يرعهم الخوف من البطش كشأن أهل النفوس اللئيمة فليضعوا أنفسهم حيث يختارون من إحدى الخطتين .
والقول في قوله ( أفلم يسيروا في الأرض ) إلى قوله ( وآثارا في الأرض ) مثل القول في نظيره السابق في هذه السورة وخولف في عطف جملة ( أفلم يسيروا ) بين هذه الآية فعطفت بالفاء للتفريغ لوقوعها بعدما يصلح لأن يفرع عنه إنكار عدم النظر في عاقبة الذين من قبلهم بخلاف نظيرها الذي قبلها فقد وقع بعد إنذارهم بيوم الآزفة .
وجملة ( فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ) معترضة والفاء للتفريغ على قوله ( كانوا أكثر منهم ) وهو كقوله تعالى ( هذا فليذوقوه حميم وغساق ) وقول عنترة :