وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( ولكم فيها منافع ) عطف على جملة ( ومنها تأكلون ) والمعنى أيضا على اعتبار التعليل كأنه قيل : ولتجتنبوا منافعها المجعولة لكم وإنما غير أسلوب التعليل تفننا في الكلام وتنشيطا للسامع لئلا يتكرر حرف التعليل تكرارات كثيرة .
والمنافع : جمع منفعة وهي مفعلة من النفع وهي : الشيء الذي ينتفع به أي يستصلح به .
A E فالمنافع في هذه الآية أريد بها ما قابل منافع أكل لحومها في قوله ( ومنها تأكلون ) مثل الانتفاع بأورباها وألبانها وأثمانها وأعواضها في الديات والمهور وكذلك الانتفاع بجلودها باتخاذها وغيرها وبالجلوس عليها وكذلك الانتفاع بجمال مرآها في العيون في المسرح والمراح والمنافع شاملة للركوب الذي في قوله ( لتركبوا منها ) فذكر المنافع بعد ( لتكبوا منها ) تعميم بعد تخصيص كقوله تعالى ( ولي فيها مآرب أخرى ) بعد قوله ( وهي عصاي أتوكأ عليها ) فذكر هنا الشائع المطروق عندهم ثم ذكر مثيلة في الشيوع وهو الأكل منها ثم عاد إلى عموم المنافع ثم خص من المنافع الأسفار فإن اشتداد الحاجة إلى الأنعام فيها تجعل الانتفاع بركوبها للسفر في محل الاهتمام .
ولما كانت المنافع ليست منحصرة في أجزاء الأنعام جيء في متعلقها بحرف ( في ) دون ( من ) لأن ( في ) للظرفية المجازية بقرينة السياق فتشمل كل ما يعد كالشيء المحوي في الأنعام كقوله سبرة بن عمرو الفقعسي من شعراء الحماسة يذكر ما أخذه من الإبل في دية قريب : .
نحابي بها أكفاءنا ونهينها ... ونشرب في أثمانها ونقامر وأنبأ فعل ( لتبلغوا ) أن الحاجة التي في الصدور حاجة في مكان بعيد يطلبها صاحبها .
والحاجة : النية والعزيمة .
والصدور أطلق على العقول اتباعا للمتعارف الشائع كما يطلق القلوب على العقول .
وأعقب الامتنان بالأنعام بالامتنان بالفلك لمناسبة قوله ( ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم ) فقال ( وعليها وعلى الفلك تحملون ) وهو انتقال من الامتنان بجعل الأنعام إلى الامتنان بنعمة الركوب في الفلك في البحار والأنهار فالمقصود هو قوله ( وعلى الفلك تحملون ) . وأما قوله ( وعليها ) فهو تمهيد له وهو اعتراض بالواو الاعتراضية تكريرا للمنة على أنه قد يشمل حمل الأثقال على الإبل كقوله تعالى ( وتحمل أثقالكم ) فيكون إسناد الحمل إلى ضمير الناس تغليبا .
ووجه الامتنان بالفلك أنه امتنان بما ركب الله في الإنسان من تدبير والذكاء الذي توصل به إلى المخترعات النافعة بحسب مختلف العصور والأجيال كما تقدم في سورة البقرة عند قوله تعالى ( والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس لآيات ) وبينا هنالك أن العرب كانوا يركبون البحر الأحمر في التجارة ويركبون الأنهار أيضا قال النابغة يصف الفرات : .
يظل من خوفه الملاح معتصما ... بالخيزرانة بعد الأين والنجد والجمع بين السفر بالإبل والسفر بالفلك جمع لطيف فإن الإبل سفائن البر وقديما سموها بذلك قاله الزمخسري في تفسير سورة المؤمن .
وإنما قال ( وعلى الفلك ) ولم يقل : وفي الفلك كما قال ( فإذا ركبوا في الفلك ) لمزاوجة والمشاكلة مع ( وعليها ) وإنما أعيد حرف ( على ) في الفلك لأنها هي المقصودة بالذكر وكان ذكر ( وعليها ) كالتوطئة لها فجاءت على مثالها .
وتقديم المجرورات في قوله ( ومنها يأكلون ) وقوله ( وعليها وعلى الفلك ) لرعاية على الفاصلة مع الاهتمام بما هو المقصود في السياق . ب وتقديم ( لكم ) على ( الأنعام ) مع أن المفعول أشد اتصالا بفعله من المجرور لقصد الاهتمام بالمنعم عليهم .
وأما تقديم المجرورين في قوله ( ولكم فيها منافع ) فللاهتمام بالمنعم عليهم والمنعم بها لأنه الغرض الأول من قوله ( الله الذي جعل لكم الأنعام ) .
( ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون [ 81 ] ) عطف على جملة ( لكم الأنعام ) أي الله الذي يريكم آياته . وهذا انتقال من متعدد الامتنان بما تقدم من قوله ( الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ) ( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا ) ( هو الذي خلقكم من تراب ) ( الله الذي جعل لكم الأنعام ) فإن تلك ذكرت في معرض الامتنان تذكيرا بالشكر فنبه هنا على أن في تلك المنن آيات دالة على ما يجب لله من الوحدانية والقدرة والحكمة