وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وبعد اتضاح الدلالة على انفراده تعالى بالإلهية فرع عليه المر بعبادته وحده غير مشركين غيره في العبادة لنهوض انفراده باستحقاق أن يعبد .
والدعاء : العبادة لأنها يلازمها السؤال والنداء في أولها وفي أثنائها غالبا لأن الدعاء عنوان انكسار النفس وخضوعها كما تقدم آنفا عند قوله تعالى ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) الآية وكما في قوله الآتي ( بل لم نكن ندعو من قبل شيئا ) .
والإخلاص : الإفراد وتصفية الشيء مما ينافيه أو يفسده .
والدين : المعاملة . وأطلق على الطاعة وهو المراد هنا لأنها أشد أنواع المعاملة بين المطيع والمطاع . والمعنى : فإذ كان هو الحي دون الأصنام وكان لا إله غيره فاعبدوه غير مشركين معه غيره في عبادته .
ويدخل في ماهية الإخلاص دخولا أوليا ترك الرياء في العبادة لأن الرياء وهو أن يقصد المتعبد من عبادته أن يراه الناس سواء كان قصدا مجردا أو مخلوطا مع قصد التقرب إلى الله . كل ذلك لا يخلو من حصول حظ في تلك العبادة لغير الله وإن لم يكن ذلك الحظ في جوهرها . وهذا معنى في الحديث " إن الرياء الشرك الأصغر " .
وتقديم ( له ) المتعلق بمخلصين على مفعول ( مخلصين ) لأنه الأهم في هذا المقام به لأنه أشد تعلقا بمتعلقه من تعلق المفعول بعامله .
( الحمد لله رب العالمين [ 65 ] ) يجوز أن تكون إنشاء للثناء على الله كما هو شأن أمثالها في غالب مواقع استعمالها كما تقدم في سورة الفاتحة فيجوز أن تكون متصلة بفعل ( فادعوه ) على تقدير قول محذوف أي قائلين الحمد لله رب العالمين أو قولوا : الحمد لله رب العالمين وقرينه المحذوف هو أن مثل هذه الجملة مما يجري على ألسنة الناس كثيرا فصارت كالمثل في إنشاء الثناء على الله . والمعنى : فاعبدوه بالعمل وبالثناء عليه وشكره .
ويجوز أن تكون كلاما مستأنفا أريد به إنشاء الثناء على الله من نفسه تعليما للناس كيف يحمدونه كما تقدم في وجوه نظيرها في سورة الفاتحة .
أو جاريا على لسان الرسول A على نحو قوله تعالى ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ) عقب قوله ( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أإير الله تدعون إن كنتم صادقين ) الآيات من سورة الأنعام .
وعندي : أنه يجوز أن يكون ( الحمد ) مصدرا جيء به بدلا من فعله على معنى الأمر أي أحمدوا الله رب العالمين . وعدل به عن النصب إلى الرفع لقصد الدلالة على الدوام والثبات كما تقدم في أول الفاتحة .
وفصل الجملة عن الكلام الذي قبلها أسعد بالاحتمالين الأول والرابع ( قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين [ 66 ] ) جملة معترضة بين أدلة الوحدانية بدلالة الآيات الكونية والنفسية ليجروا على مقتضاها في أنفسهم بأن يعبدوا الله وحده فانتقل إلى تقرير دليل الوحدانية بخبر الوحي الإلهي بإبطال عبادة غير الله على لسان رسوله A ليعمل بذلك في نفسه ويبلغ ذلك إليهم فيعلموا أنه حكم الله فيهم وأنهم لا عذر لهم في الغفلة عنها أو عدم إتقان النظر فيها أو قصور الاستنتاج منها بعد أن جاءهم رسول من الله يبين لهم أنواعا بمختلف البيان من أدلة برهانية وتقريبية إقناعية .
وأن الرسول A إنما يدعوهم إلى ما يريده لنفسه فهو ممحض لهم النصيحة وهاديهم إلى الحجة لتتظاهر الأدلة النظرية بأدلة الأمر الإلهي بحيث يقوى إبطال مذهبهم في الشرك فإن ما نزل من الوحي تضمن أدلة عقلية وإقناعية وأوامر إلهية وزواجر وترغيبات وكل ذلك يحوم حول إثبات تفرد الله تعالى بالإلهية والربوبية تفردا مطلقا لا تشوبه شائبة مشاركة ولو في ظاهر الحال كما تشوب المشاركة في كثير من الصفات الأخرى في مثل الملك والملك والحمد والنفع والضر والكرم والإعانة وذلك كثير .
فكان قوله تعالى ( قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي ) إبطالا لعبادة غير الله بالقول الدال على التحذير والتخويف بعد أن أبطل ذلك بدلالة الحجة على المقصود . وهذه دلالة كنائية لأن النهي يستلزم التحذير .
A E