وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعطف على هذه العبرة والمنة منة أخرى فيها عبرة أي خلقكم في أحسن صورة ثم أمدكم بأحسن رزق فجمع لكم بين الإيجاد والإمداد ولما كان الرزق شهوة في ظاهره وكان مشتملا على حكمة إمداد الجسم بوسائل تجديد قواه الحيوية وكان في قوله ( رزقكم ) إيماء إلى نعمة طول الوجود فلم يكن الإنسان من الموجودات التي تظهر على الأرض ثم تضمحل في زمن قريب وجمع له بين حسن الإيجاد وبين حسن الإمداد فجعل ما به مدد الحياة وهو الرزق من أحسن الطيبات على خلاف رزق بقية أنواع الحيوان .
( ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين [ 64 ] ) موقع ( ذلكم الله ربكم ) كموقع نظيره المتقدم آنفا . وإعدة هذا تكرير للتوقيف على خطل رأيهم في عبادة غيره على طريقة التعريض بقرينة ما تقدم في نظيره من قوله ( لا إله إلا هو فأنى تؤفكون ) وقرينة قوله هنا ( لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين ) .
وفرع على ما ذكر من بدائع صنعه وجزيل منه أن أنشئ الثناء عليه بما يفيد اتصافه بعظيم صفات الكمال فقال ( فتبارك الله ) وفعل ( تبارك ) صيغة مفاعلة مستعملة مجازا في قوة ما اشتق منه الفعل . وهو مشتق من اسم جامد وهو البركة والبركة : اسم يدل على تزايد الخير . وإظهار اسم الجلالة مع فعل ( تبارك ) دون الإتيان بضمير مع تقدم اسمه فالإظهار لتكون الجملة كلمة ثناء مستقلة .
و ( رب العالمين ) خالق أجناس العقلاء من الناس والملائكة والجن . وهذا الوصف من تمام الإنشاء لأن في ذكر ربوبيته للعالمين وهم أشرف أجناس الموجودات استحضار لما أفاضه عليهم من خيرات الإيجاد والإمداد .
( هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين ) استئناف ثالث للارتقاء في إثبات إلهيته الحق بإثبات ما يناسبها وهو الحياة الكاملة فهذه الجملة مقدمة لجملة ( لا إله إلا هو ) فإثبات الحياة الواجبة لذاته فإن الذي رب العالمين وأوجدهم على أكمل الأحوال وأمدهم بما به قوامهم على ممر الأزمان لا جرم أنه موصوف بالحياة الحق لأن مدبر المخلوقات على طول العصور يجب أن يكون موصوفا بالحياة إذ الحياة " مع ما عرض من عسر في تعريفها عند الحكماء والمتكلمين " هي صفة وجودية تصحح لمن قامت به الإدراك والإرادة والفعل وتقدم الكلام عليها عند قوله تعالى ( كنتم أمواتا فأحياكم ) في سورة البقرة .
فإن كان اتصاف موصوفها بها مسبوقا بعدم فهي حياة ممكنة عارضة مثل حياة الملائكة وحياة الأرواح وحياة الإنسان وحياة الحيوان وحياة الأساريع فتكون متفاوتة في موصوفاتها بتفاوت قوتها فيها ومتفاوتة في موصوفها الواحد بتفاوت أزمانها مثل تفاوت حياة الشخص الواحد في وقت شبابه وحياته في وقت هرمه ومثل حياة الشخص وقت نشاطه وحياته وقت نومه وبذلك التفاوت تصير إلى الخفوت ثم الزوال ويظهر أثر تفاوتها في تفاوت آثارها من الإدراك والإرادة والفعل .
وإن كان اتصاف موصوفها بها أزليا غير مسبوق بعدم فهي حياة واجب الوجود سبحانه وهي حياة واجبة ذاتية . وهي الحياة الحقيقة لأنها غير معرضة للنقص ولا للزوال فلذلك كان الحي حقيقة هو الله تعالى كما أنبأت عنه صيغة الحصر في قوله ( هو الحي ) وهو قصر ادعائي لعدم الاعتداد بحياة ما سواه من الأحياء لأنها عارضة ومعرضة للفناء والزوال .
فموقع قوله ( لا إله إلا هو ) موقع النتيجة من الدليل لأن كل من سواه لا حياة له واجبة فهو معرض للزوال فكيف يكون إلها مدبرا للعالم . وجميع ما عبد من دون الله هو بين ما لم يتصف بالحياة تماما كالأصنام من الحجارة أو الخشب أو المعادن . ومثل الكواكب الشمس والقمر والشجر وبين ما اتصف بحياة عارضة غير زائلة كاملائكة وبين ما اتصف بحياة عارضة زائلة من معبودات البشر مثل " بوذة " و " برهما " بله المعبودات من البقر والثعابين . قال تعالى ( والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ) " أي لا يستطيع أحدهم التصرف بالإيجاد والإحياء وهو مخلوق أي معرض للحياة " ( أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ) فجعل نفي الحياة عنهم في الحال أو في المآل دلالة على انتفاء إلهيتهم وجعل نفي إدراك بعض المدركات عنهم دلالة على انتفاء إلهيتهم .
A E