وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمعنى : ولكن أكثر الناس يمرون بالأدلة والآيات وهم معرضون عن دلالتها فيبقون غير مؤمنين بمدلولاتها ولو تأملوا واستنبطوا بعقولهم لظهر لهم من الأدلة ما يؤمنون بعده فلذلك نفي عنهم هنا وصف الإيمان .
وهذا الاستدراك استئناف بياني ولولا أن ( لكن ) يكثر أن تقع بعد واو العطف لكانت الجملة جديرة بالفصل دون عطف فهذا العطف تحلية لفظية .
و ( أكثر الناس ) هم المشركون وهم يومئذ أكثر من المؤمنين جدا .
( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين [ 60 ] ) لما كانت المجادلة في آيات الله تشمل مجادلتهم في وحدانية الإلهية كما دل عليه قوله الآتي ( ثم قليل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا ) فجعل ( لم نكن ندعوا ) نقيض ما قيل لهم ( أين ما كنتم تعبدون ) وتشمل المجادلة في وقوع البعث كما دل عليه قوله بعد هذه ( ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون ) إلى قوله ( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل ) الآية أعقب ذكر المجادلة أولا بقوله ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ) وذلك استدلال على إمكان البعث ثم عطف عليه قوله ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) الآية تحذيرا من الإشراك به وأيضا لما ذكر أمر الله رسوله A بدعاء الله وحده أمرا مفرغا على توبيخ المشركين بقوله ( وأنذرهم يوم الآزفة ) الخ وتتابعت الأغراض حتى استوفت مقتضاها عاد الكلام الآن إلى ما يشمل عبادة المؤمنين الخالصة لله تعالى وهو أيضا متصل بقوله ( وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) . فلما تقدم ذكر الدعاء بمعنييه : معنى العبادة ومعنى سؤال المطلوب أردف بهذا المر الجامع لكلا المعنيين .
والقول المخبر عنه بفعل ( قال ربكم ) يجوز أن يراد به كلام الله النفسي أي ما تعلقت إرادة الله تعلقا صلاحيا بأن يقوله عند إرادة تكوينه ويجوز أن يراد القول اللفظي ويكون التعبير ب ( قال ) الماضي إخبار عن أقوال مضت في آيات قبل نزول هذه الآية مثل قوله ( فادعوا الله مخلصين له الدين بخلاف قوله ( أجيب دعوة الداعي إذا دعان ) فإنه نزل بعد هذه الآية ويجوز أن يكون الماضي مستعملا في الحال مجازا أي يقول ربكم : ادعوني .
والدعاء يطلق بمعنى النداء المستلزم للاعتراف بالمنادى ويطلق على الطلب وقد جاء من كلام النبي A ما فيه صلاحية معنى الدعاء الذي في هذه الآية لما يلائم المعنيين في حديث النعمان بن بشير قال : سمعت النبي ص يقول " الدعاء هو العبادة ثم قرأ ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) " رواه الترمذي . وقال : هذا حديث حسن صحيح فإن قوله " الدعاء هو العبادة " يقتضي اتحاد الحقيقتين فإذا كان الدعاء هو العبادة كانت العبادة هي الدعاء لا محالة .
فالدعاء يطلق على سؤال العبد من الله حاجته وهو معناه في اللغة ويطلق على عبادة الله على طريق الكناية لأن العبادة لا تخلو من دعاء المعبود بنداء تعظيمه والتضرع إليه وهذا إطلاق أقل شيوعا من الأول ويراد بالعبادة في اصطلاح القرآن إفراد الله بالعبادة أي الاعتراف بوحدانيته .
والاستجابة تطلق على إعطاء المسؤول لمن سأله وهو أشهر إطلاقا وتطلق على أثر قبول العبادة بمغفرة الشرك السابق وبحصول الثواب على أعمال الإيمان فإفادة الآية على مشيئة الله أو على استيفاء شروط قبول الطلب وإعطاء خير منه في الدنيا أو إعطاء عوض منه في الآخرة . وإفادتها على معنى إفراد الله بالعبادة أي بأن يتوبوا عن الشرك فترتب الاستجابة هو قبول ذلك فإن قبول التوبة من الشرك مقطوع به .
فلما جمعت الآية بين الفعلين على تفاوت بين شيوع الإطلاق في كليهما علمنا أن في المعنى بقوله ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي ) فعلمنا أن المراد الدعاء والعبادة وأن الاستجابة أريد بها قبول الدعاء وحصول أثر العبادة . ففعل ( ادعوني ) مستعمل في معنييه بطريقة عموم المشترك .
A E وفعل ( أستجب ) مستعمل في حقيقته ومجازه والقرينة ما علمت وذلك من الإيجاز والكلام الجامع