وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وإنما قدم ذكر الأعمى على ذكر البصير مع أن البصر أشرف من العمى بالنسبة لذات واحدة والمشبه بالبصير أشرف من المشبه بالأعمى إذ المشبه بالبصير المؤمنون فقد ذكر تشبيه الكافرين مراعاة لكون الأهم في المقام بيان حال الذين يجادلون في الآيات إذ هم المقصود بالموعظة .
وأما قوله ( والذين ) آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء ) فإنما رتب فيه ذكر الفريقين على عكس ترتيبه في التشبيه بالأعمى والبصير اهتماما بشرف المؤمنين .
وأعيدت ( لا ) النافية بعد واو العطف على النفي وكان العطف مغنيا عنها فإعادتها لإفادتها تأكيد نفي المساواة ومقام التوبيخ يقتضي الإطناب ولذلك تعد ( لا ) في مثله زائدة كما في مغني اللبيب وكان الظاهر أن تقع ( لا ) قبل ( الذين آمنوا ) فعدل عن ذلك للتنبيه على أن المقصود عدم مساواة المسيء لمن عمل الصالحات وأن ذكر الذين آمنوا قبل المسيء للاهتمام بالذين آمنوا ولا مقتضي للعدول عنه بعد أن قضي حق الاهتمام بالذين سبق الكلام لأجل تمثيلهم فحصل في الكلام اهتمامان .
وقريب منه ما في سورة فاطر في أربع جمل : اثنتين قدم فيهما جانب تشبيه الكافرين واثنتين قدم فيهما تشبيه جانب المؤمنين وذلك قوله تعالى ( وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات ) .
و ( قليلا ) حال من ( أكثر الناس ) في قوله تعالى قبله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) و ( ما ) في قوله ( ما يتذكرون ) مصدرية وهي في محل رفع على الفاعلية .
وهذا مؤكد لمعنى قوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) لأن قلة التذكر تؤول إلى عدم العلم والقلة هنا كناية عن العدم وهو استعمال كثير كقوله تعالى ( فقليلا ما يؤمنون ) ويجوز أن تكون على صريح معناها ويكون المراد بالقلة عدم التمام أي لا يعلمون فإذا تذكروا تذكروا تذكرا لا يتمنونه فينقطعون في أثنائه عن التعمق إلى استنباط الدلالة منه فهو كالعدم في عدم ترتب أثره عليه .
وقرأ الجمهور ( يتذكرون ) بياء الغيبة جريا على مقتضى ظاهر الكلام وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف ( تتذكرون ) بتاء الخطاب على الالتفاف والخطاب للذين يجادلون في آيات الله .
وكون الخطاب لجميع الأمة من مؤمنين ومشركين وأن التذكر القليل هو تذكر المؤمنين فهو قليل بالنسبة لعدم تذكر المشركين بعيد عن سياق الرد ولا يلاقي الالتفاف .
( إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون [ 59 ] ) لما أعطي إثبات البعث ما يحق من الحجاج والاستدلال تهيأ المقام لاستخلاص تحقيقه كما تستخلص النتيجة من القياس فأعلن بتحقيق مجيء ( الساعة ) وهي ساعة البعث إذ ( الساعة ) في اصطلاح الإسلام علم بالغلبة على ساعة البعث فالساعة والبعث مترادفان في المال فكأنه قيل : إن الذي جادل فيه المجادلون سيقع لا محالة إذ انكشفت عنه شبه الضالين وتمويهاتهم فصار بينا لا ريب فيه .
وتأكيد الخبر ب ( إن ) ولام الابتداء لزيادة التحقيق وللإشارة إلى أن الخبر تحقق بالأدلة السابقة . وذلك أن الكلام موجه للذين أنكروا البعث ولهذا لم يؤت بلام الابتداء في قوله في سورة طه ( إن الساعة آتية ) لأن الخطاب لموسى عليه السلام .
وجيء باسم الفاعل في ( آتية ) الذي هو حقيقة في الحال للإيماء إلى أنها لما تحققت فقد صارت كالشيء الحاضر المشاهد . والمراد تحقيق وقوعها لا الإخبار عن وقوعها .
وجملة ( لا ريب فيها ) مؤكدة لجملة ( إن الساعة لآتية ) ونفي الريب عن نفس الساعة والمراد نفيه عن إتيانها لدلالة قوله ( آتية ) على ذلك .
ومعنى نفي الريب في وقوعها : أن دلائلها واضحة بحيث لا يعتد بريب المرتابين فيها لأنهم ارتابوا فيها لعدم الروية والتفكر وهذا قريب من قوله تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) .
A E فموقع الاستدراك الذي في قوله ( ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) هو ما يثيره نفي الريب عن وقوعها من أن يتساءل متسائل كيف ينفي الريب عنها والريب حاصل لكثير من الناس فكان الاستدراك بقوله ( ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) جوابا لذلك السؤال