وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

مناسبة اتصال هذا الكلام بما قبله أن أهم ما جادلوا فيه من آيات الله هي الآيات المثبتة للبعث وجدالهم في إثبات البعث هو أكبر شبهة لهم ضللت أنفسهم وروجوها في عامتهم فقالوا ( أإذا كنا ترابا إنا لفي خلق جديد ) . فكانوا يسخرون من النبي A لأجل ذلك ( وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد افترى على الله كذبا أم به جنة ) ولما كانوا مقرين بأن الله هو خالق السماوات والأرض أقيمت عليهم الحجة على إثبات البعث بأن بعث الأموات لا يبلغ أمره خلق السماوات والأرض بالنسبة إلى قدرة الله تعالى .
والكلام مؤذن بقسم مقدر لأن اللام لام جواب القسم والمقصود : تأكيد الخبر .
ومعنى ( أكبر ) أنه أعظم وأهم وأكثر متعلقات قدرة بالقادر عليه لا يعجز عن خلق ناس يبعثهم للحساب .
فالمراد بالناس في قوله ( من خلق الناس ) الذين يعيد الله خلقتهم كما بدأهم أول مرة ويودع فيهم أرواحهم كما أودعها فيهم أول مرة . والخبر مستعمل في غير معناه لأن كون خلقها أكبر هو أمر معلوم وإنما أريد التذكير والتنبيه عليه لعدم جريهم على موجب علمهم به .
وموقع الاستدراك في قوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ما اقتضاه التوكيد بالقسم من اتضاح أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس .
فالمعنى : أن حجة إمكان البعث واضحة ولكن الذين ينكرونها لا يعلمون أي لا يعلمون الدليل لأنهم متلاهون عن النظر في الأدلة مقتنعون ببادئ الخواطر التي تبدو لهم فيتخذونها عقيدة دون بحث عن معارضها فلما جروا على حالة انتقاء العلم نزلوا منزلة من لا علم لهم فلذلك نزل فعل ( يعلمون ) منزلة اللازم ولم يذكر له مفعول .
فالمراد ب ( أكثر الناس ) هم الذين يجادلون في آيات البعث وهم المشركون وأما الذين علموا ذلك فهم المؤمنون وهم أقل منهم عددا .
وإظهار لفظ ( الناس ) في قوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) مع أن مقتضى الظاهر الإضمار لتكون الجملة مستقلة بالدلالة فتصلح لأن تسير مسير الأمثال فالمعنى أنهم أنكروا البعث لاستبعادهم خلق الأجسام مع أن في خلق السماوات ولأرض ما لا يبقى معه استبعاد مثل ذلك .
( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما يتذكرون [ 58 ] ) لما نزلهم منزلة من لا يعلم ضرب مثلا لهم وللمؤمنين فمثل الذين يجادلون في أمر البعث مع وضوح إمكانه مثل الأعمى ومثل المؤمنين الذين آمنوا به حال البصير وقد علم حال المؤمنين من مفهوم صفة ( أكثر الناس ) لأن الأكثرين من الذين لا يعلمون يقابلهم أقلون يعلمون .
والمعنى : لا يستوي الذين اهتدوا والذين هم في ضلال فإطلاق الأعمى والبصير استعارة للفريقين اللذين تضمنهما قوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .
ونفي الاستواء بينهما يقتضي تفضيل أحدهما على الآخر كما قدمنا في قوله تعالى ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) الآية في سورة النساء ومن المتبادر أن الأفضل هو صاحب الحال الأفضل وهو البصير إذ لا يختلف الناس في أن البصر أشرف من العمى في شخص واحد ونفي الاستواء بدون متعلق يقتضي العموم في متعلقاته لكنه يخص بالمتعلقات التي يدل عليها سياق الكلام وهي آيات الله ودلائل صفاته ويسمى مثل هذا العموم العموم العرفي وتقدم نظيرها في سورة فاطر .
وقوله ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء ) زيادة بيان لفضيلة أهل الإيمان بذكر فضيلتهم في أعمالهم بعد ذكر فضلهم في إدراك أدلة إمكان البعث ونحوه من أدلة الإيمان .
A E والمعنى : وما يستوي الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيئون أي في أعمالهم كما يؤذن بذلك قوله ( وعملوا الصالحات ولا المسيء ) وفيه إيماء إلى اختلاف جز الفريقين وهذا الإيماء إدماج للتنبيه على الثواب والعقاب .
والواو في قوله ( والذين آمنوا ) عاطفة الجملة على الجملة بتقدير : وما يستوي الذين آمنوا .
والواو في قوله ( ولا المسيء ) عاطفة ( المسيء ) على ( الذين آمنوا ) عطف المفرد على المفرد فالعطف الأول عطف المجموع مثل قوله تعالى ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن )